IMLebanon

“اختبار نيات”في الملف الحكومي

 

كمَن يسير «بين الألغام»، يحاول رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن يشقّ طريقاً شاقة لطرْحٍ يتناول الأزمةَ الحكومية ولن تتم «ترقيتُه» علناً إلى مرتبة مبادرةٍ ما لم تتوافر لها أقلّه أرضيةُ انطلاقٍ لا تحكم عليها «بالموت قبل الولادة».

وتشي وقائع الساعات الماضية بأن مسعى بري، الذي يرتكز على حكومة من اختصاصيين من غير الحزبيين مؤلفة من 24 وزيراً وفق توزيعة 3 ثمانيات ومن دون ثلث معطّل لأي طرف، سيلتحق بمهمات سابقة اضطلع بها رئيس البرلمان في الأشهر الخمسة الماضية من تكليف الرئيس سعد الحريري وفشلتْ، ما لم يحصل أمران: الأوّل تبدُّلٌ في علاقة الودّ والثقة التي «انهارت» بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، وفرْملة محاولات الإطاحة بتكليف زعيم «تيار المستقبل».

والثاني اقتناعُ طهران بفكّ ارتباط الأزمة اللبنانية بكل وجوهها.

ولم يكن أكثر تعبيراً عن واقعية هذه الخلاصة من كلام رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، حيث اختصر خلفيات المأزق الحكومي بأن «هناك أشخاصاً يحوطون برئيس الجمهورية لا يريدون الحريري رئيساً للحكومة ويحاولون إيجاد صيغ دستورية بشتى الوسائل للتخلص منه (…) وهناك حرب غرور بين (رئيس التيار الوطني الحر جبران) باسيل والحريري، وفي الوقت نفسه وراء هذا القطيعة بينهما لدي انطباع غامض بأن هناك سفارات معينة وضعت شروطاً معينة».

ولفت عبر صحيفة «لوريان لوجور» إلى أن «طهران في موقع الهجوم ولا أعتقد أن الإيرانيين سيتنازلون عن ثقلهم في لبنان».

وفيما كان بعض الأجواء يشيع بأن الحريري أبدى مرونة حيال إمكان التراجع عن صيغة الـ 18 وزيراً لمصلحة حكومة الـ 24 التي كان جنبلاط أوّل مَن طرحها وتلقّفها بري، فإن أوساطاً أخرى تحدّثت عن أن رئيس البرلمان، الذي التقى أمس المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم العائد من باريس والذي شهد مقرّه لقاءات بارزة الثلاثاء بينها مع موفدين من الكنيسة المارونية، هو في حال انتظار مزدوج: أولاً لموقف واضحٍ من رئيس الجمهورية برفض الثلث زائد واحد، وثانياً من الرئيس المكلف بالموافقة على تشكيلة الثلاث ثمانيات، وسط اعتبار مصادر عليمة أن حجم الهوة بين عون والحريري يجعل من الصعب ترتيب «سلّم مشترك» لنزول الجميع عن الشجرة.

وإذ شخصت الأنظار إلى كلمة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أمس، والتي جاءت بعد نحو أسبوعين على خطابه الذي ارتدّ فيه، وبخلفياتٍ تقاطعت القراءات عند أنها إقليمية، إلى الحكومة السياسية أو التكنو – سياسية وبعكْس طروحات بري وموجّهاً انتقاداً نادراً في حدّته لرئيس البرلمان (في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة) استوجب اتصالات متلاحقة وصولاً إلى زيارة رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد لبري، أول من أمس، فإن معطيات تحدثت عن أن طرح حكومة الـ 24 جدي.

وقال نصرالله، إن «على الجميع أن يعرف أن الوقت نفد في لبنان وأن طريق الحل هو تشكيل الحكومة».

وترافقت هذه المعطيات مع إشارة سلبية برزت من «مصادر مسؤولة في القصر الجمهوري» رمت الكرة في ملعب الحريري موضحة لـ«وكالة الأنباء المركزية»، أن «طرح بري عبّر عنه الرئيس عون مراراً، حيث أكد أن تشكيلة الـ18 لا تلبي الحاجة»، لافتة إلى أن «من الطبيعي أن يبادر الرئيس بري ويساهم بتقديم حلول، لكن المسألة تتعلق دستورياً بالرئيس المكلف الذي تقع عليه مسؤولية تقديم صيغة جديدة إلى رئيس الجمهورية تعتمد على معايير تمّ تحديدها سابقاً وتكون مدار نقاش بينهما»، ومشيرة إلى «أن رئيس الجمهورية يتلقف بكل انفتاح أي خطوة من شأنها أن تقربّ المسافات لتشكيل حكومة لكنه لا يُسأل عن طرح سبق وأعلنه وأكد عليه مراراً».

وفي موازاة ذلك، وفي حين جاء تفعيل بري تحركه على وقع ارتفاع منسوب الحض الدولي على الإسراع بتشكيل الحكومة، مع تلويح فرنسي – أوروبي بالخروج عن «التأنيب الناعم»، كان عون يُبْدي لقناة «الجديد» اقتناعاً بأنه «سأسلّم بلداً أفضل من الذي تسلمته… لكن أخشى أن الكلفة ستكون مرتفعة جداً وربما الفوضى قبل ذلك»، ملقياً اللوم «على المنظومة»، وواضعاً معركة التدقيق الجنائي التي وصفها بـ «معركة التحرر» في المرتبة نفسها مع «معركة التحرير 1989 حين واجهتُ المنظومة كاملة ورعاتها الإقليميين والدّوليين»، وكاشفاً «ما كنت متخيل أنه رح كون مكبّل هلقد، ومنذ فترة قلتُها لزوجتي يا ريت ورثت بستان جدي وما عملت رئيس جمهورية».

وفي سياق آخَر، جاءت لافتةً زيارة الأمين العام لـ «المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران» حميد شهرياري للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، حيث أكد أن «هناك تلاقياً مع البطريرك حول ضرورة تكثيف الجهود بين الديانات للتوصل إلى السلام العادل والتمسك بالوحدة الوطنية للحفاظ على حرية لبنان وسيادته»، وسط تقارير تحدثت عن أن الوفد الإيراني حمل دعوة لرأس الكنيسة المارونية لزيارة طهران تحت عنوان «توطيد الحوار بين الأديان».

في هذه الأثناء، وفي ظل جمود كامل في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، تفاعل في بيروت توقيع الحكومة السورية أخيراً اتفاقية مع شركة «كابيتال الروسية»، بحيث تقوم الأخيرة بعملية مسح وتنقيب عن النفط في مناطق بحرية مُتداخلة مع البلوك رقم 1 والبلوك رقم 2 من الجانب اللبناني، بما «يقضم» ما بين 750 إلى ألف كيلومتر مربع من البلوكات اللبنانية.