IMLebanon

العرض الألماني والمرونة الخارجية حكوميًا: هل يسرّعان التأليف؟!

تتعاظم أكثر يومًا بعد يوم، الضغوط الدولية لمحاولة كسر المراوحة السياسية الحكومية في لبنان، وتتخذ اشكالا مختلفة. من لقاءات السفراء وجولاتهم على المسؤولين، محذرين من انهيار وشيك للبلاد، مرورا ببيان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الذي حمل تلميحا “صريحا” الى عقوبات قيد الاعداد، وَضَع الدبلوماسيُ الفرنسي كلا من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري، في صورتها، انتقلت قوة الدفع الخارجية من “التنبيه” الدبلوماسي والسياسي، الى “التهديد” الاقتصادي، لتصل الى “الترغيب” الاستثماري – الانمائي.

ففي ساعة متأخرة من ليل الخميس، أفادت رويترز ان ألمانيا تستعد لتقديم عرض بمليارات الدولارات إلى السلطات في لبنان لإعادة بناء مرفأ العاصمة بيروت. ونقلت الوكالة عن مصدرين دبلوماسيين مطلعين على الخطة قولهما إن برلين ستطرح في 7  نيسان الجاري مقترحا، وافق بنك الاستثمار الأوروبي على المساعدة في تمويله. ويشمل المقترح إخلاء المنطقة وإعادة بناء منشآت. وقدّر أحد المصدرين تمويل بنك الاستثمار الأوروبي بما يتراوح بين ملياري يورو و3 مليارات. وأكد مسؤول لبناني بارز، بحسب رويترز، أن ألمانيا بصدد تقديم مقترح شامل لإعادة إعمار المرفأ.

غير ان المصدرين الدبلوماسين شددا على ان على النخبة السياسية في لبنان الاتفاق أولا على تشكيل حكومة جديدة لإصلاح الاقتصاد واستئصال الفساد، وهو شرط تصر الجهات المانحة، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، على تنفيذه قبل تقديم مساعدات بمليارات الدولارات. وقال المصدر اللبناني لرويترز إن فرنسا ومجموعة “سي إم إيه سي جي إم” الفرنسية للموانئ وشحن الحاويات مهتمتان أيضا بالمشروع.

الشرط اذا، للافراج عن هذا العرض “الذهبي” الذي سيُطرح على لبنان، هو تشكيل حكومة قادرة على الاصلاح، بحسب ما توضح مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”. فهل ستنفع هذه “الوسيلة” في وضع حد لكيديات الطبقة السياسية وتصارعها على الحصص والاحجام في الحكومة؟ فيما لبنان في حفرة معيشية اقتصادية اجتماعية عميقة، فاقمها زلزال 4 آب، الذي اعاد بيروت انمائيا وماليا عقودا الى الوراء، يمد الخارج يده الى اللبنانيين، ويقترح المساعدة في تنظيف هذا الخراب، ضمن مشروع سيخلق فرص عمل بالآلاف (50 الف فرصة عمل) للشعب “الجائع” وسيعيد ضخ اوكسيجين في عروق البلد الجافة تماما من اي سيولة، فهل ستضحّي المنظومة بهذه الفرصة المغرية على مذابح مصالحها، كما فعلت مثلا مع شركة سيمنز حين اقترحت مساعدتنا “كهربائيا”؟

الجواب ستحمله الايام القليلة المقبلة. وفي الاثناء، المبادرة الانقاذية التي خرجت من عين التينة تتقدم ببطء شديد، وثمة خشية من ان “تُسقطها” الخلافات على الجهة التي تسمي الوزراء المسيحيين بعد ان تم مبدئيا، تجاوزُ عقدة الثلث المعطل. لكن حتى الساعة، المساعي حيّة والاطراف كلّها تُبدي مرونة في التعاطي معها، على وقع “ليونة” خارجية حيال توسيع الحكومة وحيال طبيعتها. وعلى ما يبدو، الحكومة الجاري طبخُها لن تكون من مستقلين، بل مرتبطة بالقوى السياسية، على ان تكون مهمتها منع الانهيار والانفجار، لا اكثر، مع القيام ببعض الاصلاحات؟ فهل سيقتنص اهل الحكم هذا “التسهيلَ” الخارجي ويذهبون نحو تفاهم حكومي سريع، ام ستبقى خلافاتهم الشخصية أقوى؟