IMLebanon

هل يدفع لبنان ثمن تصعيد ايران؟

تنتهي في بيروت غداً، «فسحة الفصح» التي أريد لها أن تسكب «مياهاً باردة» على «الجبهة الساخنة» بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وتالياً «إعطاء فرصة» لرئيس البرلمان نبيه بري و«أفكاره» ذات الصلة بملف تأليف الحكومة علّها تثمر حلاً يتعيّن بأي حال أن يعبر «سباق حواجز»، أصغرها محلّي وأكبرها إقليمي.

وإذ سيتزامن انتهاءُ عطلة الفصح مع «ثلاثاء النووي» في فيينا، والذي يُنتظر أن يتبلور في ضوئه إذا كان بلوغُ تَفاهُم بين طهران وواشنطن سيتطلّب «وقتاً إضافياً» غير قصير من «السير فوق المسامير» قبل العودة لاتفاق 2015 وهل يكون ذلك وفق معيار «الخطوة الواحدة» كما تريد إيران، أي رفْع كل العقوبات الأميركية، أو «الخطوة مقابل خطوة» واستطراداً هل ستَمْضي طهران بزيادة «جرعاتِ» التصعيد في ساحات نفوذها لفرْض شروطها، فإن بعض الوقائع التي شهدتْها استراحةُ العيد في بيروت لم تحمل إشاراتٍ إلى أن الأزمة الحكومية قابلة للإدارة بمنأى عن البازل الإقليمي المعقّد، لدرجة أن كلاً منهما صار بمثابة مرآة وانعكاس للآخَر.

وبعد ما يشبه «الهدنة» الداخلية في أعقاب انطلاق حركة مشاورات تتمحور حول أفكار بري المتصلة بحكومة من 24 وزيراً اختصاصياً من غير الحزبيين موزّعين وفق صيغة 3 ثمانيات (لا ثلث فيها لأي فريق) بما عَكَسَ تَهَيُّب الأطراف المعنيين تَصَدُّر واجهة تفجير «مشروع المبادرة» الذي تواكبه «قوة ضغط» فرنسية – أوروبية يحرّكها «سيف» العقوبات، حملتْ الساعات الأخيرة بوادر استعادة مناخات الاستقطاب بين فريقيْ عون والحريري، وهو ما وُضع في سياق واحد من أمرين:

الأول أنه بداية مسارٍ سيتدحرج لتحسين الشروط وبلوغ مقايضاتٍ تحت سقف تشكيلة الثلاث ثمانيات، عبر «المضايقات» السياسية، بما يعوّض عن ورقة «الثلث المعطّل» التي طبعتْ نماذج الصيغ الحكومية التي اقترحها رئيس الجمهورية على الرئيس المكلف.

والثاني، وهو الذي بدا الأكثر رجحاناً، أنه إشارةٌ بأن طريق مسعى بري لم تصبح سالكة بعد وتحديداً في ما خص «حجر الزاوية» المتمثل بإسقاط «الثلث زائد واحد»، وأن مقتضيات انتظار مآلات المسار النووي تسمح بتمديد وضعية تعليق الملف الحكومي عبر «التعلّق» بحبل التعقيدات الداخلية.

وإذ اعتُبر كلام عون بعد زيارةِ المُعايَدَة التي قام بها للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي (السبت) أوضح مؤشر إلى أن سلّة الحلّ لم تكتمل بعد ولا ساعته حلّت، هو الذي أكد أن العقد تتوالد مصوّباً على الحريري وأسفاره، فإن ما قاله النائب سليم عون (من التكتل النيابي لحزب رئيس الجمهورية) عن «اننا نريد رئيس حكومة وما بدنا ابن بطوطة متل سعد الحريري آخد البلد رهينة ومقضّاها سفريات للبيع هنا والشراء هناك» بدا رسالة إضافية برسم الرئيس المكلف وأيضاً إشارة إلى أن من المبكر الحديث عن توافق حتى على «الاتفاق الإطار» لمبادرة بري قبل بلوغ التفاصيل وألغامها.

ولم يقلّ تعبيراً رد «تيار المستقبل» على النائب عون بلسان منسقه العام في البقاع الأوسط سعيد ياسين إذ قال «كأنّ عقدة العقد عند العهد ونوائبه أمثال سليم عون هي علاقات دولة الرئيس الحريري العربيّة والدوليّة. وبكل الأحوال نقول له: هيهات هيهات أن يستوي مَن أسميته ابن بطّوطة… بنيرون الذي عطّل وساوم وباع واشترى ليكمل منذ 2016 ما بدأه بين 88 والـ90 مشروع حرق لبنان».

وفي موازاة ذلك، وعلى وقع إعراب أوساط مطلعة عن مخاوف كبرى تسود في الداخل والخارج من المزيد من ترْك لبنان «يتحلّل» سياسياً ومالياً واقتصادياً فيما المنطقة تقف على أرض متحرّكة من شأنها أن تستولد أحداثاً خاطفة للاهتمام الخارجي على غرار الحدَث الأردني المستجدّ، لم يكن عابراً تحذير نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فريد بلحاج من «أن لبنان بحاجة إلى مساعدة نفسه حتى نتمكن من مساعدته ولسوء الحظ، حتى الآن، لم يكن لبنان مهتماً أو راغباً أو قادراً على ذلك»، مضيفاً: «إنها مأساة. ما نحاول القيام به في لبنان هو الالتفاف حول الأنظمة الحكومية ومحاولة مساعدة الشعب بشكل مباشر من خلال التحويلات النقدية غير المشروطة لأنك عندما تنظر إلى لبنان اليوم، نقترب من فقر بنسبة 50 في المئة».

وفي سياق متصل، جاءت دعوة البابا فرنسيس في عظة قداس يوم القيامة المجتمع الدولي «لدعم لبنان في أن يكون أرض تعايش وتعدّدية»، لافتاً إلى «المآسي» التي يعيشها الشعب اللبناني، وذلك فيما كان البطريرك الماروني يواصل في عظته بقداس الفصح إطلاق الرسائل الموجهّة ضمناً إلى «حزب الله».

ودعا اللبنانيين إلى «وقفة ضمير وتجديد الاعتراف بلبنان وطناً نهائياً وترجمة هذا الاعتراف بولاء مُطلق للوطن ولدولة مستقرّة مستقلّة شرعيّة وحرّة»، لافتاً إلى أنّ «اللبنانيين لن يبدّدوا تضحياتهم وشهداءهم بسبب نزوات داخلية ومشاريع خارجيّة».