IMLebanon

المؤامرة السورية – الإسرائيلية على حدودنا (بقلم رولا حداد)

أتى كتاب مذكرات السفير الأميركي السابق فريديريك هوف لينسف مزاعم “حزب الله” وتلطيه بأنه “مقاومة” تهدف إلى تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

هوف كشف أن رئيس النظام السوري بشار الأسد أكد له في 28 شباط 2011 أن أراضي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وغيرها التي يزعم “حزب الله” أنه يريد تحريرها لأنها أراض لبنانية هي أراض سورية بالفعل.

ماذا يعني هذا الكلام السوري؟ يعني ببساطة أن النظام السوري تآمر مع إيران و”حزب الله” على لبنان، فهو رفض توقيع مستند رسمي يؤكد لبنانية هذه الأراضي ليتمكن لبنان من مراسلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن واستعادة أراضيه، وهو في الوقت نفسه لم يعلن موقفه الحقيقي التمسك بأن هذه الأراضي سورية ليمنح “حزب الله” غطاء لاستمرار احتفاظه بسلاحه بذريعة المقاومة!

المفارقة أن بشار الأسد لم يصدر أي نفي لما صدر عن هوف، كما أن “حزب الله” لم يعلّق على الموضوع بل حاول تخطيه وكأن شيئاً لم يكن. لا بل إن الموقف الرسمي للأسد الذي كان أبلغه للموفد الأميركي لم يستدعِ أي تحرك من “حزب الله” باتجاه حليفه السوري لاستيضاح هذه النقطة الجوهرية، ربما لأن الحزب يعرف حقيقة الموقف السوري ويتآمر معه على المصالح اللبنانية العليا!

وكأن المؤامرة السورية برّاً على الحدود الجنوبية الشرقية لا تكفي، أتت المحاولة السورية لقضم الحقوق اللبنانية في البحر شمالاً، حيث يسعى النظام السوري لقضم ما يزيد عن 750 كيلومتراً مربعاً من المياه اللبنانية بما تضمّه من ثروات نفطية وغازية. لا بل إن الوقاحة بلغت حداً سرّبت معه المصادر السورية ما مفاده بأن على لبنان أن يسعى لتحصيل حقوقه في المياه من إسرائيل جنوباً قبل المطالبة بحقوقه شمالاً من سوريا!

هكذا تكتمل معالم سيناريو المؤامرة بين سوريا وإسرائيل على لبنان. يتآمران جنوباً في البرّ للإبقاء على الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والإبقاء في المقابل على سلاح “حزب الله” كحرس للحدود الشمالية بالنسبة لإسرائيل، وتُترك للحزب حرية التخريب في عدد من الدول العربية تنفيذاً للأجندة الإيرانية. وهكذا يخسر لبنان حقوقه في الأمن والأمان، وفي قيام دولته التي تحتكر السلاح، وحقوقه في النفط والغاز جنوباً وشمالاً على حد سواء. ومقابل الخدمات التي يقدمها النظام السوري لإسرائيل بإبقاء حقيقة ملكية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا معلّقة دولياً ما يسهّل على إسرائيل قضمها، تبارك تل أبيب لبشار الأسد سرقة الحقوق اللبنانية في البحر شمالاً كتعويض عن تنازله عن الجولان وعن شبعا وكفرشوبا.

أما “حزب الله” الذي يدّعي حماية لبنان وحقوقه في البر والبحر فلا يبدو أكثر من ميليشيا في خدمة المصالح السورية والإسرائيلية، فلا تتحرك حكومة تصريف الأعمال المحسوبة عليه لا بوجه بشار الأسد شمالاً لمنعه من البدء بالتنقيب في مياهنا عبر الشركة الروسية، ولا تتحرك لتوقيع المرسوم المطلوب لمنع إسرائيل من التعدي على مياهنا، وللمفارقة فإن وزير الأشغال ميشال نجار الذي يمتنع حتى اللحظة عن توقيع المرسوم المطلوب لتعديل خط رسم حدودنا البحرية جنوبا، يتبع لتيار “المردة” وهو الحليف اللصيق لـ”حزب الله” وللنظام السوري… فهل من صورة أوضح لطبيعة المؤامرة من إسرائيل وسوريا على لبنان بالتعاون اللصيق مع “حزب الله”؟!