IMLebanon

“التيار” يُشعل الجبهات: دليل قوة أم مقدّمة للسقوط؟

خاصَم العهدُ – رئيسا وحزبًا أي التيار الوطني الحر- القوى السياسيةَ في معظمها، ولم يبق الى جانبه الا حزب الله. الاخير، يدعمه في توجّهاته الحكومية في شكل خاص، ويحاول التمايز عنه بعض الشيء في ما يخص الملفات المعيشية والانمائية، الا ان ما يجمعهما حتى الساعة، أقوى من ان ينكسر، كون التحالف هذا يضمن مصالح حزب الله الاستراتيجية الكبرى، الاكسترا حدودية، المرتبطة بمصلحة الجمهورية الاسلامية في المنطقة، التي تعلو ولا يعلى عليها في حسابات الضاحية.

في المقابل، التيار الوطني في مواجهة ضروس مع تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري منذ اكثر من سنة، اثر استقالة الاخير من الحكومة نزولا عند طلب الشارع المنتفض في 17 تشرين 2019. الحرب بينهما تستخدم فيها الاسلحة كلّها، الطائفية والمذهبية وملفات الفساد وتراشق تهم الولاء للخارج وتبدية ما يريد على المصلحة الوطنية العليا. وهذه العلاقة التي تبدو، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، بلغت نقطة اللا عودة حيث انكسرت الجرة بين الجانبين نهائيا، يدفع ثمنها اللبنانيون من جيوبهم وصحتهم واعصابهم، لكونها تحول دون ابصار الحكومة العتيدة – مفتاح المساعدات الدولية الملحّة – النور.

في الموازاة، العلاقة بين ميرنا الشالوحي وعين التينة ليست افضل حالا. هي لطالما مرت في طلعات ونزلات تتابع المصادر، كون الكيمياء مفقودة تاريخيا بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الا ان نقاط التباعد بين الطرفين آخذة في التراكم، وآخرها “التدقيق الجنائي” الذي تريده بعبدا في المصرف المركزي، بينما تعتبر الرئاسة الثانية انه لا بد ان يشمل كلّ الادارات والوزارات، ملمّحا هنا في شكل اساس، الى وزارة الطاقة والى اخفاق التيار الوطني الحر في تأمين الكهرباء بالحد الادنى رغم مئات ملايين الدولارات التي أهدرت على القطاع. وأضيفت الى هذه القضية، مسألة ترسيم الحدود البحرية، التي وإن سُوّيت على ما يبدو اليوم، الا انها صبّت زيتا على نار العلاقة بين التيار وحركة امل، بعد ان اتهم الاول الثانية بالتنازل عن حقوق لبنان البحرية جنوبا، لتمسّكها بـ”الاتفاق – الاطار”، وما جاء فيه، للتفاوض في الناقورة.

التيار فتح اخيرا، جبهة مع معراب. ففي بيان هيئته التأسيسية السبت، أسفت للكلام الصادر عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “الذي تحامل على رئيس الجمهورية بقوله أن الى جانبه على مدى خمس سنوات أكثرية نيابية ووزارية. وهو يجب ان يعرف حسابياً وسياسياً ان ثلث الوزراء لا يشكّلون اكثرية مجلس الوزراء اي نصفه زائدا واحدا وان 20% من عدد النواب لا يشكّل اكثرية مجلس النواب، خاصة مع وجود المعرقلين مثله. والسؤال الموجّه الى السيّد جعجع الذي ساهم عام 90 بضرب صلاحيّات الرئيس ماذا بقي منها اليوم لكي يحاسبه عليها، خاصةً وانّه يعاكسه في ما تبقّى منها ويتنازل كما في الـ 90 من خلال سياسة تعاكس ما يقوم به التيار لاستعادة التوازن والميثاقية”، ما استدعى موجة ردود وردود مضادة بين البرتقالي والقوات.

يضاف الى الاجواء الملبدة بين التيار وهذه الاطراف، مناخات لا تقل توترا بين العهد وبنشعي وبين الاول واللقاء التشاوري، فيما تهدأ ضفة بعبدا – المختارة حينا، وتشتعل احيانا. امام هذه المعطيات، تسأل المصادر عن قدرة اي حكومة تكون وليدة “تسوية” سياسية، على الانجاز والاصلاح والانقاذ، اذا جلست هذه القوى، المتناحرة والمتطاحنة، على طاولتها، لتشير الى ان هذا الواقع يؤكد مدى اهمية الذهاب نحو حكومة اختصاصيين لكن الاهم “مستقلين”، بعيدين عن تأثير وسطوة الاحزاب والسياسيين، والا تحوّل مجلس الوزراء الى برج بابل صراعات وسجالات. وبعد، ترى المصادر ان اذا كان الرئيس عون، يريد من خلال محاصرة الحريري، دفعه الى القبول بالحصة التي يريد في الحكومة، كي يضمن من خلالها المستقبل السياسي للنائب جبران باسيل وتياره، فحري به ان يبدأ بترميم علاقاته مع القوى الاخرى، السياسية والثورية، لان عزلته هذه المرة، ليست دليل قوّة بل مؤشر الى سقوط مدوّ آت، تختم المصادر.