IMLebanon

غادة عون “تتمرد” على المدعي العام!

جاء في “الشرق الأوسط”:

طلبت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من هيئة التفتيش القضائي أن تضع يدها على ملف القضاء، لتقييم أداء القضاة وتصنيفهم بين المخطئ والمصيب، وذلك بعدما تفاعلت قضية رفض المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون (المقربة من الرئيس ميشال عون) تنفيذ قرار النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، بعزلها عن مهامها، وتكليف قضاة آخرين للقيام بهذه المهام، ودخول هذه القضية على خط السجالات السياسية.

وشددت نجم، بعد اجتماع قضائي طارئ على خلفية الخلاف الأخير، على أنها ليست بصدد «أخذ أي موقف مع جهة سياسية بوجه الأخرى»، وأنها تقوم بصلاحياتها القانونية، بغض النظر عن الأشخاص والأخطاء، مشيرة إلى أن هناك اليوم خلاف قضائي وانقسام، وأن الشعب يرى أن القضاء منقسم تابع لمرجعيات سياسية، الأمر الذي يقسم الشعب أيضاً.

وإذ عبرت نجم عن رفضها وضع القضاء الحالي «الذي يلغي نفسه، ويسقط نفسه أمام الناس»، حسب تعبيرها، ناشدته الانتفاض على الواقع الحالي، مشيرة إلى أنه لا يوجد ملف في لبنان من دون مناكفات طائفية. وقالت نجم إن هناك مرجعاً في القانون اسمه هيئة التفتيش القضائي، وهو الذي طلبت منه منذ أسبوعين أن يضعه يده على الملف لتقييم أداء القضاة، وأنها تطلب منه المضي بهذا الملف لأن الوضع لم يعد مقبولاً، داعية إلى التسريع في عملية تشريع قانون استقلالية القضاء.

وكان القاضي عويدات قد اتخذ قراراً يقضي بتعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وحصرها بثلاثة محامين عامين، ليس بينهم القاضية عون (المقربة من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر)، ولكن الأخيرة، وبعد ساعات على القرار، دخلت بحماية عناصر أمن الدولة مكاتب شركة للصيرفة سبق أن ادعت عليها بجرم المضاربة على الليرة اللبنانية، طالبة منها تسليمها «داتا» المعلومات والحواسيب العائدة للشركة، فتدخل عويدات وأمر العناصر الأمنية بالانسحاب من الشركة المذكورة تحت طائلة محاسبتهم.

وعادت عون ودهمت مرة أخرى شركة الصيرفة التي شهد محيطها تجمعاً لعدد من مؤيدي «التيار الوطني الحر». وناشد صاحب شركة الصيرفة الجيش وقوى الأمن الداخلي التدخل «لأن هناك قاضية تأتي مع حزبيين يقدمون على أعمال شغب بحق ملكية خاصة».

وقال النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي لـ«الشرق الأوسط» إنه لا اعتراض على صلاحيات هيئة التفتيش القضائي، ولكن ليس من نطاق عمل هذه الهيئة أن تنظر إن كان قرار النائب العام التمييزي بسحب ملف من مدعٍ عامٍ استئنافي صائباً أم لا، فهناك مواد قانونية واضحة تنص على أن للنائب العام التمييزي سلطة رئاسيّة على جميع المدّعين العامين العاملين بالنيابات العامة. وبموجب سلطته، يمكنه توجيه سير الدعوى العامة، وعلى المدعي العام المعني بالتبليغ التوقف فوراً عن مزاولة أعماله، وكذلك الضابطة العدلية التابعة له.

ويعد ماضي أن قرار وزيرة العدل وضع الرئيس والمرؤوس في المكانة نفسها قد يفتح المجال مستقبلاً لكل قاض لا يعجبه قرار المدعي العام التمييزي برفضه والتمرد عليه، مشدداً على أن الملف الذي تعمل عليه القاضية عون أصبح في عهدة قاض آخر، ولا يمكن عودته إلى عون إلا بقرار من عويدات نفسه.

– ردود الفعل السياسية

وتوالت ردود الفعل السياسية على الخلاف بين عون وعويدات، بين من عد أن الإجراء بحق عون باطنه قانوني وظاهره سياسي، ومن رأى أن ما قامت به عون سابقة لم تحصل أيام سطوة النظام السوري.

ومن جهتها، استنكرت هيئة المحامين في «التيار الوطني الحر» ما تتعرض له القاضية عون من «حملة مغرضة»، معتبرة أنها «ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها إجراءات ظاهرها قانوني وباطنها سياسي بحت بحق قاض تجرأ على فتح ملفات فساد وملاحقة الفاسدين، وأنها ليست صدفة أن تتخذ إجراءات كهذه بالتزامن مع تقدم هذا القاضي في التحقيقات لكشف مغارة الفساد».

أما تيار «المستقبل»، فعد أن ما يحصل في الجسم القضائي مسألة في غاية الخطورة، وهي سابقة لم تحصل خلال الحرب الأهلية المشؤومة، ولا حتى في أيام سطوة النظام الأمني اللبناني – السوري المشترك، مشيراً في بيان له إلى أن التباكي على بعض القضاة بعد تشجيعهم على مخالفة القوانين، والطلب إليهم فتح ملفات استنسابية للخصوم، هو أمر لم يعد ينطلي على أحد من اللبنانيين.

ورأى تيار «المستقبل» أن التصدي لما يحصل من ممارسات غريبة عجيبة في القضاء يبدأ بالإفراج عن التشكيلات القضائية المحتجزة في القصر الجمهوري لغايات كيدية وسياسية، معتبراً أن ما يشاهده اللبنانيون اليوم هو نتيجة طبيعية للاعتداء على صلاحية مجلس القضاء الأعلى، ومخالفة القوانين عبر الاستمرار في توقيف التشكيلات القضائية، من دون أي مسوغ قانوني.

بدورها، عدت مفوضية العدل في «الحزب التقدمي الاشتراكي» أن أول ما يمكن فعله اليوم قبل الغد إقرار استقلالية القضاء، قولاً وفعلاً نصاً وروحاً. ورأى البيان أن ما جرى بالأمس من قبل القاضية عون «المستقلة عن القضاء التابعة لما يفصله مستشار الفتاوي الدستورية من بدع واستنسابية وملاحقات عشوائية لهو عراضة مهينة جرت على مرأى من اللبنانيين، وكأنما هي إعلان لفيدرالية جديدة في القضاء».