IMLebanon

لقاء البابا – الحريري “نَزَعَ” البُعد الطائفي عن الأزمة السياسية

 

… عيْن على الخارج الذي يشهد حركةً لبنانيةً في اتجاهه، وعيْن على الداخل الذي يسوده جمودٌ «فاقعٌ» في مسار تأليف الحكومة… وبينهما يرتسمُ بوضوحٍ «جبلُ الجليد» الذي يوشك لبنان أن يَرْتَطِمَ فيه خلال أسابيع باتت معدودةً ما لم تحصل «معجزةٌ» تقْلب الصورةَ السودويةَ التي تستظلّ «منطقة رمادية» يعيشها الإقليم في الطريق نحو اتضاح اتجاهات الريح بملفاتٍ ساخنة، أبرزها «النووي الإيراني» على وقع سباقٍ بين المفاوضات ومساراتها الشائكة وبين «صواريخ طائشة» و«ضرباتٍ سرية».

هكذا كانت بيروت أمس وهي ترصد الزيارةَ البارزةَ التي قام بها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري للفاتيكان حيث التقى البابا فرنسيس وكبار المسؤولين وشكّلت الأزمةُ اللبنانية بمختلف وجوهها محور بحث معمّق، وذلك قبل أسبوعٍ من اتجاه الأنظار الى موسكو التي ستستقبل رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل من ضمن محاولةٍ روسية للدفْع نحو توفير مَخْرَجٍ للمأزق الحكومي ستُستكمل بسلسلةِ زياراتٍ لشخصيات لبنانية بعدما كان دشّنها زعيم «المستقبل» (الحريري) بمحطته في العاصمة الروسية الأسبوع الماضي.

 

وحملتْ زيارة الحريري للفاتيكان مجموعة إشاراتٍ بالغة الأهمية أبعد من شكلها الذي انطوى على دلالات عدة، من اللقاء مع البابا إلى الاجتماع المطوّل مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين والذي بحث في الملف اللبناني بعمق وصراحة، قبل اللقاء مع كل من أمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير، ثم وزير الخارجية الإيطالي لويدجي دي مايو وبعدها مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.

فالمعلومات التي توافرتْ عن لقاء الحريري والبابا فرنسيس كما المواقف البارزة التي أطلقها الرئيس المكلف من الفاتيكان كرّستْ مقاربةَ الكرسي الرسولي للواقع اللبناني وأزمته على أنها لا ترتبط بمكوّن طائفي، والحرصَ على عدم تحويل الصراع السياسي إلى طائفي، وسط اعتبار مصادر مطلعة أن زعيم «المستقبل» حَصَدَ نقاطاً عدّة من هذه الزيارة التي سحبتْ «البساط» من تحت متّهميه بأنه يخوض بوجه فريق رئيس الجمهورية ميشال عون معركةَ تحجيم المسيحيين وحقوقهم من خلال محاولة «مدّ اليد» على وزرائهم ومَن يسمّيهم في التشكيلة التي يعتبر الرئيس المكلف أنها يجب أن تتألف وفق معايير المجتمع الدولي «الشَرْطية» لفتح الباب لإنقاذ لبنان مالياً.

وكانت لافتة المعلومات التي نقلتْها محطتا «ام تي في» و«الجديد» اللتان واكبتا زيارة الحريري عن مصادر الوفد الذي رافقه عما سمعه من البابا لجهة «أن الموضوع الآن ليس حقوق المسيحيين إنما حقوق اللبنانيين، ومَن يساهم في تهجير المسيحيين هم مَن يفتعلون المشاكل في لبنان»، وأن «الفاتيكان لا يريد أن تنتقل صراعات المنطقة الى لبنان بل يريد أن يعود التوافق الدولي والإقليمي حول ضرورة الحفاظ على لبنان وطن الرسالة»، وأن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي «لم يرسل أي رسالة سلبية الى الفاتيكان إنما نقل الحرص على تأليف حكومة اختصاصيين بما يتلاءم مع المبادرة الفرنسية».

وأكدت المصادر «أن الحريرية كانت وستبقى من الداعين والداعمين للمناصفة والحفاظ على حقوق الطوائف وهذا أمر أكده الحريري لقداسة البابا».

ولم يكن كلام الحريري من الفاتيكان أقلّ تعبيراً عن ارتياحه للقاءات كما عن أن «معركة التأليف» مازالت في أوْجها إذ وجّه سلسلة رسائل قاسية برسْم رئيس الجمهورية وفريقه خصوصاً باسيل الذي تم التعاطي (من قريبين من الحريري) مع تعَمُّده زيارة الراعي مساء الاربعاء أي عشية اجتماع الرئيس المكلف بالبابا على أنها محاولةٌ للإيحاء بأنه «تحت عباءة الكنيسة» بعد تبايناتٍ عدة ارتسمت بوضوح على خلفية مواقف للبطريرك من الملف الحكومي.