IMLebanon

دخان كثيف في أجواء الترسيم!

لا يزال ملف ترسيم الحدود الجنوبية البحريّة مدار اخذ ورد في الداخل. فبعد تجميد المرسوم 6433 الذي يُعيد الى بيروت حقوقَها البحريَة والنفطية كاملة، بقرارٍ من رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وللمفارقة، كان اكثر المتحمّسين لاقرار التعديل الذي سيكبّر حصة لبنان ويضيف نحو 1400 كيلومتر مربع إلى منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة، دخل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بقوّة، على الخط “الحدودي” السبت الماضي، مقترحا جملة طروحات تطال عملية الترسيم برمّتها، شكلا ومضمونا، وتكاد تنسف ركائز “الاتفاق – الاطار” الذي تم التوصل اليه بين لبنان وتل ابيب بوساطة اميركية، لتعيدَ المفاوضات الى المربع الاول، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.

فباسيل، اقترح مثلا “إهمال الخطين 1 و23، والاتفاق على خط جديد بين ‏خط هوف والخط 29، لأنهما الخطّان الوحيدان اللذان يعتمدان نفس مبدأ خط الوسط، وهذا الخط يجب أن يرسمه ‏خبراء دوليون”، مُقترحاً أن “يتمّ الاتفاق على شركة أميركية متخصصة في هذا المجال”. ويؤدي هذا الخط إلى حفظ حقل لإسرائيل (هو ‏كاريش) وحفظ حقل للبنان بالبلوك 9، وهو الحقل الذي يجب تسميته قانا”، معتبرا ايضا أن الخط الذي يطرحه ‏الجيش اللبناني أي “الخط 29” تفاوضيّ وليس حقوقياً. كما طرح “إدخال عامل إضافي لرسم الحدود، هو عامل تقاسم الثروات عبر طرف ثالث ‏يكون شركة أو تحالف شركات عالمية مرموقة، تقوم هي بالإنتاج وبتوزيع الحصص بين الاثنين عبر اتفاقين ‏منفصلين مع الشركة”، علما ان هذه الفكرة طرحت سابقا ولم تلق ترحيبا محليا.

هذا في “المضمون”، اما في شكليات المفاوضات، فطرح باسيل ايضا مقترحات لا تقل جدليةً، كتشكيل وفد مفاوض “برئاسة ممثّل عن فخامة رئيس الجمهورية ‏وعضوية ممثلين عن رئيس الحكومة والخارجية والأشغال والطاقة والجيش اللبناني، لاستكمال التفاوض مع ‏إسرائيل، ولمراجعة التفاوض مع قبرص، ولبدء التفاوض مع سوريا، وفق معيار واحد وطريقة واحدة بترسيم ‏الحدود”، مستعيدا فكرة توسيع الوفد المفاوض ليضم مدنيين وسياسيين ودبلوماسيين، الى العسكريين. النقطة هذه يرفضها الثنائي الشيعي بوضوح، وهو خاض حملة شعواء قبيل انطلاق المفاوضات في الناقورة الخريف الماضي، رافضا اي مشاركة سياسية في الوفد اللبناني، لان الحضور هذا سيُفهم كخطوة على طريق الاعتراف بالكيان العبري، سيغتنمها الاخير بقوّة، ليلعب على وتر استعداد السلطات اللبنانية لتطبيع العلاقات معه، على غرار ما فعلت اكثر من دولة عربية وخليجية في الاشهر الماضية…

على اي حال، تتابع المصادر، ما طرحه باسيل لناحية الخطوط وتقسيم المساحات البحرية وثرواتها (…) من شأنه خلط الاوراق على طاولة الترسيم، وأتى في الواقع، ليَزيد التخبّط المحلي الذي يطبع اليوم التعاطي مع هذا الملف، والذي يتجلّى في وجهات النظر العديدة المتباعدة حياله، بين ما تقول به بعبدا، وما تقول به عين التينة، وما تؤمن به قيادة الجيش، علما ان الاخيرة، وللامانة، تتبنّى الترسيم الادق المبني على مستندات وخرائط جغرافية تاريخية مثبتة ومعترف بها امميا ودوليا.

فهل هذه الضجة كلّها، وضخُّ الدخان الكثيف في أجواء الترسيم، مقصودان وهدفُهما “خنق” كل المساعي التي بذلت في الاشهر الماضية لتعديل المرسوم، تمهيدا لاعادة احياء المفاوضات في الناقورة على اساس الاتفاق – الاطار التي انطلقت منه، بما يرضي الاميركيين، فيستأنفون من جهة، وساطتهم مع تل ابيب لوقف تصعيدها (خاصة وان وزارة الطاقة الاسرائيلية، وردا على تعديل لبنان مطالبه، اعلنت بدورها خريطة جديدة للتفاوض وسمتها “الخط 310” أو الخط الأحمر، الممتد شمالاً إلى أبعد من الموقف التفاوضي الأساسي لإسرائيل والمتمثل بالخط الأزرق. والمساحة هي ضعف المساحة المتنازع عليها)، ويفكّون، من جهة اخرى، عزلتَهم عن العهد عموما وعن باسيل خصوصا؟! الايام القليلة المقبلة ستحمل الجواب، تختم المصادر.