IMLebanon

لبنان “يحبس أنفاسه” في ملاقاة… أيار المُخيف

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في الراي الكويتية:

يشدّ لبنان «الأحزمةَ» عشية «أيار المُخيف»، الذي إما يُفْضي إلى فكّ أسْرِ الحكومة الجديدة المُحْتَجَزة منذ آب الماضي وإما تتجرّع البلاد «كأس سُم» رفْع الدعم عن السلع الاستراتيجية بلا أي «شبكات أمان» سياسية داخلية ولا «مظلّة» خارجية تقيه… الارتطام المميت.

ويحلّ أيار على لبنان، الذي يشتدّ حبل الأزمة الشاملة حول «عنقه»، على وقع غموض كبير، مشوب بالتشاؤم، حيال إمكان تعطيل «صواعق» الملف الحكومي المعلَّق على «شدّ الحبال» المحتدم في المنطقة وانغماسِ أطراف محليين في «معارك» بحساباتِ استحقاقاتٍ مستقبلية، في مقابل «وضوحٍ مُرْعِب» لسيناريو رفْع الدعم عن المواد الأساسية (أو غالبيتها العظمى) المتوقَّع بحلول نهاية الشهر الجاري في ضوء إبلاغ البنك المركزي أن احتياطاته القابلة للاستخدام في إطار هذا الدعم شارفت على النفاد.

وإذا كان تركيب «البازل» الحكومي ينتظر اكتمال «اللوحة» إقليمياً على مسارات الملفات الساخنة، بدءاً من «النووي» الإيراني و«أخواته»، من دون أن يكون جلياً كامل «بنك أهداف» المُمْسكين باللعبة داخلياً في ما خص الانهيار الكبير والمدى الذي لا يمانعون أن يبلغه للمزيد من «التمكين» السياسي «على أنقاض» توازنات نظام الطائف، فإن وقْفَ الدعم يبدو أنه لن يكون قابلاً لانتظار انتهاء حكومة تصريف الأعمال من إعداد ما يُفترض أن يؤمّن الحد الأدنى من «المَكابح» لنحو 750 ألف عائلة بما يحول دون انزلاقها القاتِل في هاوية الفقر المدقع، وذلك عبر ما يُعرف بالبطاقة التمويلية التي مازالتْ رهينة عدم القدرة على توفير التمويل المستدام المطلوب لها (يُرجّح أن تخصص 1.3 مليون ليرة لكل عائلة شهرياً) وأيضاً تَردُّد الرئيس حسان دياب في حمْل «كرة نار» هذا الملف وترْكها «تحرقه» عوض أن تتحمّل تشظياتها «اللاهبة» الحكومة الجديدة.

وفي حين بدأتْ تطغى على المشهد اللبناني في الساعات الماضية عملية «قياسٍ» لعصْف الانفجار الاجتماعي – الشعبي المتأتي من رفْع الدعم، لم تَبْرُز على المقلب الحكومي معطياتٌ تشي بأن استيلاد التشكيلة الموعودة ولو «قيصرياً» بات قريباً.

وإذا كانت الأنظار ستشخص اليوم إلى زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لموسكو للقاء وزير خارجيتها سيرغي لافروف ومسؤولين آخَرين، في محطةٍ خارجيةٍ هي الأولى له بعد فرض عقوبات أميركية عليه في تشربن الثاني الماضي وسط محاولة موسكو لعب دورٍ في الملف اللبناني يبقى دونه الحاجة لتأمين «مساحات مشتركة» اقليمية – دولية لم تنجح المبادرة الفرنسية في نسْجها، فإن تَرَقُّباً يسود للحركة المتوقَّعة في بروت بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري على وهج «حربٍ كلامية» هي الأعنف كانت اندلعت في الويك اند بين تياره (المستقبل) وبين باسيل (صهر الرئيس ميشال عون).

وبعدما كانت للحريري محطة بارزة في الفاتيكان الأسبوع الماضي حيث التقى البابا، استوقف أوساطاً سياسية استقباله السفير الروسي قبيل توجُّه باسيل الى موسكو، في ظل توقعاتٍ بأن يكثّف الرئيس المكلف التواصلَ، وربما المباشَر، مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي زار عون الاثنين، رغم الانطباع بأن العلاقة «المتوتّرة» بين رأس الكنيسة وفريق رئيس الجمهورية تجعل من الصعب تَوَقُّع أن تنجح مساعي الأوّل في حياكة مَخارج للمأزق الحكومي الذي يبقى صراع عون – الحريري واحداً من «طبقاته» الداخلية.

وفيما توقّفت الأوساط عند الصورة البالغة القتامة التي رسمها رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط حيال الواقع اللبناني والأزمة الحكومية وصولاً لإعلان «نفْض يده» من أي مبادرات بإعلانه «لم أقم بمبادرة ‏وإنما طرحتُ تسوية (حكومة الـ 24 بلا ثلث معطل لأي فريق)، وأنسحب من كل الموضوع وان شاء الله يأتيهم الالهام، لأنّ الآتي ‏أصعب، وربما هناك أمل من المبادرة الفرنسية ‏بما تبقّى»، رأتْ أن تمادي‏ الأفق المقفل حكومياً باتت له هذه المرة أبعاداً أكثر خطورة في ظلّ «الأثمان الباهظة» التي بدأ لبنان يتكبّدها بفعل «تَحَلُّل» مؤسساته وغياب سلطةٍ تنفيذية تحظى بـ «قبول» عربي – دولي وتضع على السكة برنامج الإصلاحات المتكامل الذي «لا يهرب» من التصدي لمسألة التهرب الجمركي والتهريب عبد الحدود «الفالتة» وسائر المرافق (بحرية وبرية).

وأبرز تجليات هذا البُعد الجديد تمثّلت في كشف السعودية أنها صارت تتعاطى مع التهريب عبر الحدود كـ«تهديدٍ لأمنها» وفق ما عبّر عنه قرارها الأخير بحظْر دخول إرساليات الخضار والفواكه من لبنان إلى أراضيها بعدما «انتهت الفرص» الممنوحة لبيروت لوقف «التهريب المتسلسل» للمخدرات إلى المملكة وكان آخِر فصوله مع شحنة الرمان الملغوم.

ولم يغِب هذا الملف عن المشهد اللبناني حيث أكد عون أنه «لا يقبل أن يكون لبنان معبراً لِما يمكن ان يسيء للدول العربية الشقيقة عموماً والى السعودية ودول الخليج خصوصاً، نظراً للروابط المتينة التي تجمع لبنان بهذه الدول التي وقفت دائماً الى جانبه في مختلف الظروف التي مرّ بها».

وأشار عون الى أن «السعودية دولة شقيقة، يهمنا المحافظة على التعاون الاقتصادي القائم معها، ونحن اليوم نبذل جهداً كبيراً لكشف ملابسات ما حدث وإعادة الأمور الى مسارها الصحيح»، لافتاً إلى أنه تم «تكليف وزير الداخلية متابعة الموضوع مع الجهات السعودية المختصة، ويبدو أن هناك تفهماً، على أمل أن نصل الى حلول»، ومعتبراً ان«الاجراءات التي تم اتخاذها في الاجتماع الموسع الذي عقد الاثنين في قصر بعبدا، ستنُفذ، وأن الأجهزة الأمنية ستتشدد في مراقبة حركة التصدير من المرافق اللبنانية البرية والبحرية والجوية لطمأنة الدول التي تستقبل المنتجات اللبنانية الزراعية والصناعية على حد سواء».

وكان عون اطلع من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي على أول اتصال أجراه الأخير بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والذي نقل فيه فهمي موقف لبنان لجهة «الإدانة المطلقة والشاملة لعملية التهريب التي حصلت، ولأي عملية مماثلة، وإدانة كل عمل يمس أمن المملكة واستقرار شعبها».

كما أطلع فهمي الوزير السعودي على نحو مفصل على «الإجراءات التي اتخذتها السلطات اللبنانية، بحق المهربين والمتواطئين والمجرمين، ‏بما في ذلك المداهمات والتوقيفات لرؤوس كبيرة متورطة».