IMLebanon

فرنسا تنفض يدها من المنظومة.. فما مصير مبادرتها؟

جاء في المركزية:

لم يكن أدلّ الى العقم الذي اتّسمت به محادثات وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان في لبنان امس، مِن مغادرته الاراضي اللبنانية اليوم من دون عقد مؤتمر صحافي يعلن فيه موقف بلاده من التطورات المحلية، أو تصوّرها للمرحلة المقبلة.

على اي حال، تشير مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” الى ان الرجل لم يبن آمالا على لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين “الرسميين”، لا في بعبدا ولا في عين التينة او بيت الوسط، ولم يراهن على ان يسمع منهم مواقف تشير الى انهم قرروا وقف مناكفاتهم وترك المبادرة الفرنسية تتقدم والحكومة العتيدة تبصر النور.

انطلاقا من هنا، هو مهّد لزيارته بتغريدة لاذعة، أعلن فيها انه آت الى بيروت ليُبلغ اهلَ المنظومة ان العقوبات في حق المعطلين والفاسدين ستنطلق رسميا قريبا، وقريبا جدا. وبعد ان استمع سريعا الى ما لدى هؤلاء ليقولوه، اقتنع نهائيا ان اي خرق في الجدار السياسي – الحكومي المسدود، لن يكون ممكنا، وان كل المعنيين بالتأليف من الرئاسة الاولى الى الثالثة مرورا بالثانية، على مواقفهم وغير مستعدين لاي تنازلات. وعليه، صام عن الكلام وآثر الصمت، وغادر بيروت بالخلاصة الآتية:

فرنسا نفضت يدها من الطبقة الحاكمة وباتت مبادرتها الحكومية الانقاذية في حكم “المتوفّاة”، وانتقلت  اليوم الى مرحلة جديدة هي معاقبة الحكّام في شكل تدريجي تصاعدي، من جهة، مع دعوة القوى السياسية التغييرية الى رص صفوفها للاعداد للانتخابات النيابية التي تتمسك فرنسا في ان تحصل في موعدها الدستوري وستحرص على بذل كل الجهد المطلوب لئلا تتأجل ولتضمن انتخابات خلال عام، على اعتبار ان هذا الاستحقاق هو خشبة الخلاص الوحيدة المتوفرة لإخراج لبنان واللبنانيين من الازمة التي يتخبطون فيها، لان الانتخابات ستُدخل نَفَسا وقوى جديدين الى البرلمان، بما يبدّل “مبدئيا” التوازنات التي تحكمه منذ سنوات، والتي اوصلت البلاد الى الحضيض.

يمكن القول اذا، من الناحية “العملية”، مسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبنانيا، مني بفشل كبير. الحق هنا، لا يقع فقط على الاليزيه الذي راهن على طبقة سياسية فاشلة كانت السبب في هلاك لبنان، واعاد تعويمها بعد ان “رذلها” شعبُها في ثورة 17 تشرين، بل المسؤولية تقع ايضا على القوى السياسية التي لم يخطر في بال احد ان تكون على هذا القدر من الانانية. كما ان فرنسا لم تملك “الوهرة” الكافية ولا الأدوات التنفيذية الضرورية لفرض التزام القوى اللبنانية بما تعهّدت به امام ماكرون الذي تكبد عناء التنقل الى بيروت مرتين خلال اشهر في اعقاب انفجار 4 آب. فلا الجزرة نفعت ولا العصا. العقوبات الاميركية لم تبدّل في سلوك المنظومة. واليوم ايضا، تتابع المصادر، العقوباتُ الفرنسية المنتظرة لن تتمكن من إنزالهم عن شجرة الشروط والشروط المضادة.

ولعلّ العامل الابرز الذي اوصل المبادرة الى الجدار المسدود، يتمثل في مدّ باريس اليد لايران وحزب الله لبنانيا واستخفافها في قدرتهما التعطيلية. فبحسب المصادر، لو اعتمدت فرنسا الحزم مع طهران وضغطت عليها لِفك اسر الحكومة اللبنانية، لكنّا ربّما رأينا مصيرا مختلفا، اكثر ايجابية، للمسعى الفرنسي وللملف الحكومي، تختم المصادر.