IMLebanon

وداعاً سمير غانم…”كورونا” يخطف أسطورة الكوميديا

كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:

لم يكتف فيروس “كورونا” من حرماننا عيش الحياة بطريقة طبيعية فحسب، بل ما زال يسرق أحبّتنا وأهلنا وأصدقاءنا من بيننا، وها هو اليوم يخطف فرح ذكرياتنا بغياب الفنان سمير غانم.
أعلن التلفزيون المصري عصر أمس وفاة الفنان سمير غانم عن عمر يناهز 84 عاماً إثر مضاعفات سببها إصابته بـ”كوفيد – 19″. وكان الراحل وزوجته الممثلة دلال عبد العزيز قد نقلا إلى المستشفى مطلع الشهر الحالي بعد إصابتهما بالجائحة، وتضاربت الأنباء في ما بعد حول حالتهما الصحية وعن دخول غانم في غيبوبة. وكشفت مصادر مقرّبة من العائلة في حديث لـ “نداء الوطن” أنّ الراحل “عانى من تدهور في الوظائف الحيوية للكلى خلال الأيام الماضية، ما استدعى إدخاله العناية المركزة بسبب تدهور حالته الصحية، فتم وضعه على أجهزة التنفس الاصطناعي لكنّ رئتيه امتلئتا بالماء وتوقّف قلبه عن الخفقان”.

ومن المقرر أن يشيّع جثمانه اليوم من دون أن تلقي عليه زوجته نظرة الوداع الأخيرة، كونها مصابة هي الأخرى بالفيروس وترقد في المستشفى ووضعها الصحي حرج.
من الشرطة الى الفن

ولد سمير يوسف غانم في كانون الثاني 1937. وقد لا يعرف الكثيرون أنّه كان يتحضّر لحياته العملية بالدراسة في كلية الشرطة، استعداداً لأن يصبح ضابطاً مثل والده. ومن المفارقة أن ضابط السرية لدى غانم في كلية الشرطة كان الفنان صلاح ذو الفقار وكان غانم شديد الإعجاب به ويرى فيه فناناً رغم شدته وانضباطه، بحسب تصريحات متلفزة سابقة له. لعبت الأقدار دورها مع ذو الفقار ودخل الفن، تدخلت الأقدار أيضاً في مصير غانم الذي تحول للدراسة في كلية الزراعة في الإسكندرية، بعدما رسب في كلية الشرطة عامين متتاليين، ومن الإسكندرية بدأت انطلاقته الفنية. وشكّل في حقبة الستينات فريقاً متناغماً بمجال المنوعات والكوميديا مع صديقيه الضيف أحمد وجورج سيدهم أُطلق عليه لقب “ثلاثي أضواء المسرح” وقدّموا مع المخرج محمد سالم مسرحيات “حواديت” و”براغيت” وغيرها. وفي السينما قدم الثلاثي أفلام “30 يوم في السجن” و”شباب مجنون جداً” و”شاطئ المرح” و”بنت شقية” و”الزواج على الطريقة الحديثة” و”لسنا ملائكة”.

بعد وفاة الضيف أحمد عام 1970 استمر غانم وسيدهم في العمل معاً وقدما مسرحيات عدة منها “موسيقى في الحي الشرقي” و”جوليو وروميت” و”المتزوجون” و”أهلاً يا دكتور”. لكنهما انفصلا في النهاية.
مسيرة حافلة

تنوّعت مسيرة الراحل بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية وشهدت الألفية الجديدة زخماً في أعماله ومن أشهرها في السينما “على جنب يا أسطى”، “تتح”، “الحرب العالمية الثالثة”، و”المشخصاتي”. كما شهدت أعماله الدرامية نشاطاً ملحوظاً خلال الأعوام العشرين الأخيرة؛ إذ شارك في أكثر من 38 عملاً تلفزيونياً، من بينها: “بدل الحدوتة تلاتة”، “سوبر ميرور”، “عزمي وأشجان”، “يوميات زوجة مفروسة أوي” بأجزائه الأربعة، “نيللي وشريهان” و”إنسي اللي فات يا فرحات”. كما قدّم 7 مسرحيات من أشهرها “دو ري مي فاصوليا”، “خلوصي حارس خصوصي”، “ترا لم لم” وآخرها مسرحية “الزهر لما يلعب” في العام 2020. كذلك، كرمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته التاسعة والثلاثين في تشرين الثاني 2017 بمنحه جائــــزة “فاتن حمامة” التقديرية.
“نداء الوطن” تواصلت مع فنانين عدة أعربوا عن حزنهم لغياب “قامة فنية من زمن الفن الجميل”:

اشارت الممثلة والكاتبة كارين رزق الله الى أنّه من “المؤسف غياب فنان قدّم للعالم العربي الفرح والضحكة حتى في أصعب الظروف، إذ كان يبثّ الأمل لمواجهة الألم. كما أن الراحل لم ولن يتكرّر وسنشاهد أعماله في كلّ مرة نريد فيها أن ننسى الوجع المحيط بنا”، مضيفةً: “عزاؤنا الوحيد أنك رحلت تاركاً إرثاً فنيّاً لن يتكرر، لذا سوف تبقى موجوداً في كلّ مشهد قدّمته”.

من جهتها، شددت الفنانة سيرين عبد النور على أنّ “غانم فنان راقٍ وروحه ستبقى موجودة في كلّ لحظة نعيشها. قدّم فنّاً ما زال ينبض حياةً لأنه كان حقيقياً وبعيداً عن الإبتذال”. وأسفت أن يستمرّ الفيروس بخطف أحبّ الناس على قلوبنا.

أما الفنانة إليسا فأعربت عن حزنها الشديد قائلةً: “نجم جديد يودّعنا بعد مسيرة طويلة أغنى من خلالها المكتبة العربية بكاملها وطبع بصمة أمل منذ طفولتنا حتى اليوم”، مضيفةً: “الحياة ظالمة وقاسية إذ سرقته منا من دون التمكّن من وداعه كما يستحق”.

من ناحيته، يتساءل الإعلامي منير الحافي: “ما حال هؤلاء الكبار يرحلون؟ ها هو غانم الذي أضحكنا في طفولتنا وصبانا رحل تاركاً الدنيا وما فيها”، لافتاً الى أننا “سنتذكّره دوماً من خلال مئات المسرحيات والأفلام والمسلسلات التي كان فيها نجماً كوميدياً من الدرجة الأولى”.

وتشاركه الكاتبة كلوديا مرشيليان تساؤله قائلةً: “أمن المعقول أن تموت الضحكة؟ بالطبع لا!” سيبقى متجليّاً في كلّ عمل تلفزيوني وسينمائي ومسرحي قدّمه طوال مسيرته الفنية”.

ويعتبر المنتج صادق الصبّاح أنّ “الفن العربي قد خسر أحد أبرز عمالقته وعواميده الأساسية، مشيراً الى أنّ غانم عميد الكوميديا وصانع الضحكة ورفيق ذكرياتنا الفنية الجميلة”.