IMLebanon

“أيامٌ عصيبة” في لبنان والأصعب… على الأبواب

 

يعيش لبنان «أياماً عصيبةً» تفصل عن اتضاح ما يجْري التعاطي معه على أنه «خرطوشة الحلّ» الأخيرة للأزمة الحكومية المتمادية قبل تَطايُر تشظيات الانفجار الكبير الذي تتراكُم مؤشراته على مختلف أوجه حياة اللبنانيين الذين باتت يومياتهم موزَّعةً بين تَقصّي آخِر فصول المشكلات السياسية – المالية – الاقتصادية – النقدية وبين رصْد تداعياتها الميدانية التي تبدأ من الإشكالات المتنقّلة بين مواطنين، تَضارُباً وصولاً لإطلاق نار على محطات بنزين صارت «عنوان قهْر» لأبناء «بلاد الأرز»، ولا تنتهي بتحذيراتٍ من «آتٍ أعظم» يُدْخِلهم «رسمياً» إلى… جهنّم.

وتشي المناخاتُ المتضاربةُ التي تحوط المسعى المتجدّد الذي يشكّل محوره رئيس البرلمان نبيه بري والرامي إلى إخراج الحكومة الجديدة من «فم البركان» الذي يغلي بأن الطبقة السياسية في وادٍ والشعب في آخَر… الأولى وكأنها تمعن في تظهير أن غالبيتها «فاقدة للرشد» السياسي الذي كان يُفترض أن يستولد الحكومةَ منذ سبتمبر الماضي بقوة ضغط مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم التي حوّلت مرفأ بيروت أشلاء ونصف العاصمة حطاماً و«محرقة» لأكثر من 200 ضحية و6500 جريح.

 

… أمّا الشعب فغارِقٌ في لعبة «حرق أعصاب» على تخوم عناوين مثل «ترشيد الدعم» (على سلع استراتيجية وأساسية) أو رفْعه بالكامل وسط نداءاتِ استغاثةٍ تتوالى من القطاع الاستشفائي الذي «تنخر عظامه» الأزمة المالية لدرجةِ اقترابه من «الخروج من الخدمة» في قسم كبير من مهماته، إلى الكهرباء التي تكاد أن تلفظ آخر أنوارها، سواء الشحيحة الآتية من «الدولة» أو «البديلة» ومصدرها مولّدات خاصة تهدّد بترْك العتمة الشاملة تُطْبِق على اللبنانيين بفعل نقص مادة المازوت التي تُنْذر أيضاً بأن «ترسو» في مرفأ بيروت «الصريع» الذي لمْلم نكبته واستعاد سريعاً حركة الاستيراد والتصدير ليجد نفسه اليوم أمام خطر «الموت» في الظلام ما لم يتم توفير حلّ سريع ومستدام يؤمن الطاقة على مدار الساعة لحماية محتويات الحاويات التي تتطلب تبريداً والمهدَّدة بالتلف.

هو الشعب الذي بات بمثابة «ركن أساسي» من معادلةِ «ثقةٍ» ثلاثيةٍ، فرنسية بامتداداتٍ عربية ودولية، يشكل عنصرها الثاني «الجيش» والثالث حكومة الإصلاحات التي تؤلَّف بما يراعي مقتضيات إعطاء إشارة قوية بأن «قواعد اللعبة تغيّرت» في ما خصّ التعاطي مع نمط الحُكْم القائم على المحاصصة الحزبية التي أخفتْ وراءها «تقاسُم جبنة» المَغانم والصفقات بالتوازي مع «فسادٍ سياسي» استفاضَ في اقتياد البلاد إلى فوهة الصراع الإقليمي الذي دفعت ثمنه من «اللحم الحي» المالي – النقدي – الاقتصادي.

وإذا كانت الثقةُ بالحكومة تبقى رهن ولادتها (وشكلها ومضمونها) التي ربما يشكّل أي تفاهُم أميركي – إيراني على النووي «الوعاء» الإقليمي – الدولي لها الذي «تذوب» معه التعقيدات الداخلية وإلا انكشفت الأزمةُ على خلفيات كبرى لن يعود من الصعب ربْطها بنيات تتصل بمجمل النظام السياسي، فإنّ الثقة بالجيش والشعب تتقدّم بل تتعزّز «نقاطها» تباعاً عبر «الرافعة» الفرنسية التي تسعى لأن تستجرّ دعماً أوروبياً ودولياً.

ومن هذه الزاوية بالتحديد استقطبت الاهتمامَ الكبير زيارةُ قائد الجيش العماد جوزف عون لباريس واستقباله البارز من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سبق أن أعطى إشاراتٍ إبان زيارتيه لبيروت في أغسطس وسبتمبر الماضييْن إلى أنه يتعاطى مع الشعب (المجتمع المدني) على أنه «المرجعية» سواء التي يخاطبها أو «يستهدفها مباشرةً» بالمساعدات من دون المرور بالقنوات الرسمية، كما التي يعوّل عليها لتكون «قاطرة» التغيير الكبير في انتخابات ربيع 2022 النيابية، وفق ما عبّرتْ عنه أيضاً زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف – لودريان لبيروت قبل أسابيع قليلة «مقاطِعاً» الطبقة السياسية في ما بدا «قطْع ورقة» لها.

وبقيت محطة الجنرال عون في الاليزيه خصوصاً التي استمرت نحو نصف الساعة محط «تحرياتٍ» واسعة في بيروت عن خلاصاتها و«رسائلها» ولا سيما لجهة تكرار ماكرون أمام قائد الجيش ضرورة تشكيل «حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات لتقديم مساعدات دولية» للبنان، واعتباره الجيش ركيزة الاستقرار، وهو ما فتح المجال أمام «إسقاطاتٍ» سياسية في بيروت لهذا الحَدَث على استحقاقاتٍ مقبلة بينها الانتخابات الرئاسية (خريف 2022) كما على أي تحرّكاتٍ يمكن أن يشهدَها الشارع بحال لم تنجح محاولات تشكيل الحكومة قبل الدخول في مدار الانهيار المُرْعِب، خصوصاً أن الجيش غالباً ما تعرّض لضغوطٍ لقمع احتجاجاتٍ توسلت قطع الطرق أو مظاهر أخرى اعتبرها الائتلاف الحاكم «خطاً أحمر».

وفي أول المعلومات التي توافرت عن حصيلة زيارة العماد عون أنها نجحت في توفير تأييد لعقد مؤتمر دولي لحشد الدعم للجيش اللبناني ستعمل باريس على أن يكون في يونيو أو يوليو المقبلين، إلى جانب تقديم إمدادات غذائية وطبية لأفراد الجيش، وسط تقارير تحدّثت (وكالة الأنباء المركزية) عن «دعمٍ عيني، لا فرنسي فقط، بل غربي وعربي، سيُخصّص شهرياً لعناصر وضباط الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية في إطار المساعدة على تخطي الأزمة (المالية -المعيشية)، يُضاف إليه تزويدُهم بالمعدات كلّها التي طلبتها القيادة وأبرزها لضبط الحدود ومراقبتها».

وتَرافق ذلك مع ما أوردته محطة «سكاي نيوز عربية» عن لسان مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أكد «أننا نتوقع أن يتم مدّ الجيش اللبناني بمساعدات (مهمة) حتى آخر السنة الحالية» و«أن إدارة الرئيس جو بايدن ترغب في تفعيل قدرات الجيش اللبناني للتصدي لحزب الله واحتواء نفوذ طهران في لبنان».
https://www.alraimedia.com/article/1537201/خارجيات/أيام-عصيبة-في-لبنان-والأصعب-على-الأبواب