IMLebanon

وضع عون صيغتين للحكومة يعيد سجال “الصلاحيات”

كتبت كارولين عاكوم في الشرق الأوسط:

بانتظار ما سيحمله هذا الأسبوع من مستجدات على صعيد تأليف الحكومة اللبنانية في ضوء الحديث عن تحريك رئيس البرلمان نبيه بري مبادرته، في محاولة وصفت بـ«الأخيرة»، أخذ خبر تسريب إرسال رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري صيغتين للحكومة للعمل عليهما، حيزاً من السجال السياسي في لبنان مع استعادة تبادل الاتهامات والخلاف حول الصلاحيات الدستورية بين «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر».

وبعدما كانت معلومات صحافية كشفت عن صيغتين للحكومة أرسلت إلى الحريري عبر البطريرك الماروني بشارة الراعي ما أعاد السجال بين «الوطني الحر» و«المستقبل»، أوضحت مصادر في «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» أنه تم إرسال الصيغتين قبل جلسة البرلمان الأسبوع الماضي التي خصصت لتلاوة رسالة الرئيس عون، رافضة وضعها في خانة التعدي على صلاحية رئيس الحكومة، ومعتبرة أن الخطوة تأتي في سياق الشراكة المطلوبة في التأليف بين الحريري وعون. وشددت على أنه «لا يمكن تشكيل الحكومة خارج هذه الشراكة التي ينص عليها الدستور».

وعن خلفية خطوة الصيغ الحكومية التي قدمها عون، توضح مصادر «الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد زيارة الراعي الأخيرة للقصر الرئاسي، تم تواصل بعد فترة بين الطرفين حيث أرسل الرئيس عون إلى الراعي، صيغتين للحكومة هما عبارة عن منهجية لتوزيع الوزارات على الطوائف ومن يسميها من دون أسماء وليس تشكيلة حكومية كما يقولون، كما أنها قابلة للبحث والتعديل، ومن ثم أرسلها الراعي إلى الحريري». ولفتت المصادر إلى أنه «يوم جلسة البرلمان أوضح النائب جبران باسيل لرئيس البرلمان نبيه بري ما حصل، وأطلعه على الصيغتين بحضور النائب علي حسن خليل، مؤكداً أنها منهجية وليست تشكيلة بمن في ذلك الوزيران المسيحيان اللذان يقع الخلاف حولهما على أن يتم الاتفاق عليهما بين الحريري وعون بعيداً عن أي ثلث معطل مقنع كما يحاول البعض القول».

وحمّلت المصادر «المستقبل» مسؤولية تسريب الصيغ، معتبرة «أن الهدف هو حرقها لا سيما أن الحريري لم يجب على الراعي وهو ما لاقى استياء الأخير وعبر عنه الأسبوع الماضي».

وفي رد على سؤال حول اعتبار «المستقبل» خطوة عون تعدياً على صلاحية رئيس الحكومة، ترفض المصادر وضعها في هذه الخانة بالقول: «المنهجية قابلة للتعديل وفق مبادئ عامة كان قد تم بحثها بين الحريري وعون وهدفها تسهيل البحث وليس فرض أسماء»، متهمة الحريري بأنه لا يريد الشراكة في التأليف مع عون قائلة: «لا يمكن له أن يتفرد بالتأليف ولن يحصل على ما يريد بأن يؤلف الحكومة ويوافق عليها الرئيس عون، هناك شراكة وطنية يجب أن تتحقق عبر الاتفاق بين الطرفين وهذا ما ينص عليه الدستور».

ورمى النائب في «التيار الوطني الحر» سليم عون المسؤولية على الحريري، وقال: «لا حلّ للأزمة الحكومية الراهنة إلا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف»، معتبراً أنّ «أساس المشكلة الراهنة هو انعدام الثقة بين الطرفين والحريري هو من ضرب هذه الثقة ويتحمّل مسؤولية سقوط التسوية». وكشف أنّ «استقالة نواب تكتّل (لبنان القوي) من المجلس هي خيار يدرس بشكل جدّي». وقال في حديث إذاعي: «إن الجلسة التي خصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية هي التي حركت الجمود الحاصل على صعيد الملف الحكومي».

ورداً على تسريب التشكيلتين اللتين أرسلهما الرئيس عون إلى الراعي قال عون: «ليس عندما يرغب الحريري يكون رئيس الجمهورية «باش كاتب» وعندما يتحرك الرئيس يصبح تحركه تعدياً على صلاحية رئاسة الحكومة»، كاشفاً عن أن «البطريرك الراعي وفي إطار مساعيه أخذ على عاتقه أن يقدم الحريري تشكيلة من 24 وزيراً وهذا الأمر لم يحصل، والراعي بلغ الفاتيكان أن الرئيس المكلف هو الذي لا يقوم بالتشكيل». واعتبر عون أن «على الحريري أن يقول صراحة ماذا ينتظر للتشكيل وما الذي يريده وإذا كان فعلاً موافقاً على صيغة الـ24 وزيراً»، معتبراً أن الوحيد المستفيد من عدم التوصل إلى حكومة هو من يريد تفشيل العهد.

وعن تلويح نواب «الوطني الحر» بالاستقالة، أوضح عون أن «هذا الخيار قائم ويدرس بشكل جدّي، ولكنّ تأجيله مرتبط بوجود بصيص أمل بالتوصل إلى حلّ ولكن عندما ينطفئ هذا الأمل فالقرار بالاستقالة حتميّ».

في المقابل، وصف نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش إرسال الصيغتين بأنه «نوع من الاستفزاز الذي اعتاد عليه الرئيس عون وفريقه»، رافضاً القول إن «المستقبل» من سرّبهما. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا نحن من سرب التشكيلتين ولا أعتقد أن «قناة الجديد» التي تحدثت عنهما تعمل لدى تيار المستقبل، لكن ورغم أن الخطوة نوع من أشكال الاستفزاز الذي اعتاد عليه عون وفريقه السياسي سيتجاوز الحريري هذا الأمر إذا كان هناك أي بارقة أمل».

وكشف علوش أمس، في حديث إذاعي، أن الحريري يصل إلى بيروت خلال 24 ساعة، معتبراً أن «فريق عون يعرقل الأمور عندما تقترب من الحلّ». وقال: «سيقوم الحريري بدراسة ما تقدّم من معطيات جديدة من خلال مبادرة الرئيس نبيه برّي والتي في ضوئها ستكون له خيارات جديدة أو قرار جديد»، موضحاً أن «التواصل مع الحريري في إطار المبادرة الجديدة لم يبدأ إلا منذ 48 ساعة»، ومنتقداً خطوة رئيس الجمهورية بإرسال صيغتين حكوميتين للبطريرك الراعي قائلاً: «تؤكّد أن فريق رئيس الجمهورية يسعى إلى خربطة الأمور عندما تقترب إلى الحلّ». وأكد في الوقت عينه «أنه منفتحٌ على العمل على المواقع والأسماء ولكنه لن يقبل أبداً بأي ثلث معطل أو نيل فريق الرئيس عون حقيبتي العدل والداخلية»، معتبراً أن مشكلة «التيار الوطني الحرّ» أنه ينظر إلى فترة ما بعد العهد ومن سيخلف الرئيس عون.

بدوره قال النائب في «المستقبل» محمد الحجار إن الحريري «لا يمانع بمبادرات جديدة ضمن الدستور». وقال في حديث إذاعي: «في الجو العام الذي نعرفه، لا مانع للرئيس المكلف باعتماد مبادرات جديدة لتشكيل حكومة لكن ضمن الأطر الدستورية»، مؤكداً «أن فرض الرئيس عون طريقة جديدة غير دستورية لتسمية الوزراء مرفوضة». وأضاف: «هناك التقاء داخلي ودولي على تأليف حكومة اختصاصيين لا حزبيين، لكن حزب الله لا يريد حكومة ولو أراد لتشكّلت منذ البداية، وهو يستعمل حليفه لتنفيذ أجندته».

بدوره، أمل رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب في «المستقبل» نزيه نجم، أن ينجح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإزالة العقبات، متمنياً على الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أن «يضغط في الاتجاه الصحيح على المرجع الآخر كي يتم تشكيل الحكومة».

وشدد على أن «المطلوب أن يدرك رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل أنه من غير الممكن تشكيل حكومة لا ترضي المجتمع الدولي كي يستطيع لبنان الحصول على الأموال من الخارج». ورفض أيضاً أن «يكون هناك أكثر من رئيس لها»، قائلاً: «لا نريد حكومة بمائة رأس لا تستطيع أن تعمل وتنتج»، ومعتبراً أنه «بحال الرغبة في تشكيل حكومة شبيهة بحكومة تصريف الأعمال الحالية من الأفضل بقاء الأمور على ما هي عليه اليوم».