IMLebanon

أيام قليلة تفصلنا عن الانهيار!

باتت المؤسسات الدولية الاقتصادية والمالية تخصّص حيزًا واسعًا من دراساتها وجهودها لمتابعة الوضع اللبناني المنهار. فالارقام والمعطيات مقلقة وصادمة. وبحسب ما تقول اوساط اقتصادية لـ”المركزية”، تريد هذه الجهاتُ ممّا تورده من وقائع، ان تشكّل جرسَ انذار يوقظ القوى السياسية المعنية، من سباتها وصراعاتها، لتتصرّف سريعا، خاصة وان الازمة ستتّسع وتشتد، اذا لم تُكسر المراوحةُ السلبية المتمادية منذ 8 اشهر واكثر، لكن هل مَن يسمع؟!

وفي وقت تصل بعثة من صندوق النقد الدولي الجمعة الى بيروت، مستعجلة التشكيل ايضا، اطلق البنك الدولي منذ ساعات انذارا جديدا من خطورة ما يعيشه لبنان. فقد حذر البنك اليوم من أن لبنان “غارق في انهيار اقتصادي قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، في غياب لأي أفق حل يخرجه من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي”. وتوقع في تقرير جديد، أوردته وكالة “فرانس برس” أن “ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان، الذي يعاني من كساد اقتصادي حاد ومزمن، بنسبة 9,5 في المئة في العام 2021”.

وأورد تقرير البنك الدولي بعنوان “لبنان يغرق: نحو أسوأ 3 أزمات عالمية” أنه “من المرجح أن تصنف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”. وأضاف “أنه في مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الانقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلا والسلام الاجتماعي الهش، ولا تلوح في الأفق أي نقطة تحول واضحة”.

واشار الى أن “استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات على صعيد السياسات العامة كانت غير كافية إلى حد كبير، ويعود ذلك إلى أسباب عدة أبرزها غياب توافق سياسي بشأن المبادرات الفعالة في مجال السياسات في مقابل وجود توافق سياسي حول حماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعدادا قليلة لفترة طويلة”.

وكان تقرير أعدّه الاثنين البنك الدولي ايضا حول تأثير وباء كورونا على تضخّم أسعار المواد الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اشار إلى ارتفاع الأسعار المدرجة في السلة الغذائية في لبنان بين الفترة الممتدّة من 14 شباط 2020 إلى 10 أيار 2021.

هذه التقارير “المخيفة” من حيث المضمون، تضيف المصادر، تشكّل ادانة موصوفة دولية جديدة، للطبقة الحاكمة التي اوصلت البلاد الى هذا الدرك من التحلّل. والانكى انها حتى الساعة، مصرّة على البقاء في موقع المتفرّج على المأساة التي يتقلّب على نارها اللبنانيون. فرغم نداءات حاكم مصرف لبنان المتكررة والتي يناشد فيها المنظومةَ السياسية ترشيدَ الدعم ووقفه لان احتياطيات المركزي نضبت، وهو ليس في وارد استخدام اموال المودعين كما اعلن في بيان، وبدل ضبط حدودها لوقف تهريب كل هذه السلع المدعومة الى سوريا، او اقرار بطاقة تمويلية مثلا، وعوض الاسراع في تشكيل حكومة جديدة قادرة على ارضاء المانحين والتفاوض مع صندوق النقد، القوى السياسية تماطلُ وتراوغ، ولا تزال تعطي الاولوية لحساباتها الشخصية والحزبية والاقليمية…

وبحسب المصادر، فإن لبنان يمرّ في ايام مفصلية، فإما تؤلّف حكومة او تضطلع حكومة تصريف الاعمال بمسؤولياتها جديا، لفرملة الانهيار، او فإن لبنان سيسقط في فوضى شاملة اجتماعية معيشية مالية قد تقضي عليه نهائيا ككيان، في ترجمة لما كان حذّر منه منذ اشهر وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لو دريان…