IMLebanon

إيران على فوهة بركان… ماذا خلف الحرائق والانفجارات؟

يكاد لا يمر يوم في إيران إلا ويشهد حادثة أمنية من انفجارات في خط ألانابيب الى حرائق ضخمة في مصافي نفطية وسفن حربية تغرق على الاثر، وقبلها بساعات، مقتل طيارين بسبب خلل فني في طائرة إيرانية مقاتلة، فيما تبقى الأسباب “غامضة” تماما كما مصير حوادث مماثلة تقع تباعا منذ تموز من العام الماضي، بعضها في أكثر المواقع والمنشآت حساسية، مثل منشأة نطنز النووية، تُطرح حولها علامات استفهام كبيرة، وتربك الحكومة الإيرانية أمام شعبها، وتضعها أمام مأزق داخلي غير مسبوق. فكيف تمكن قراءة هذه الاحداث وهل تدلّ الى هشاشة البنية الأمنية الإيرانية، وإمكانية اختراق أكثر المرافق الإيرانية حساسية؟

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يقول لـ”المركزية”: “ينطبق على ايران القول “المصائب لا تأتي فرادى بل مجموعات”. ايران جسمها لبّيس بالمشاكل والازمات، لذلك منذ قيام الثورة الايرانية حتى اليوم، ما زالت الجمهورية الاسلامية تعيش حالة أزمات متتالية، تبدأ في الداخل لتمتد الى الايرانيين الموجودين في الخارج اولاً، ومن ثم الى دول الجوار كلها من دون استثناء، خاصة العربية منها. اليوم لديها أزمة جديدة في العراق، ما بين الحشد الشعبي والحكومة العراقية ممثلة برئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ولا يمكن ان نتحدث عما تواجهه في سوريا وغزة ولبنان، بالاضافة الى المشاكل مع المجتمع الدولي وخاصة مع الولايات المتحدة، حيث يبدو انه كلما حُلّت عقدة ظهرت عقد عديدة لتحل مكانها في مفاوضات فيينا النووية. هذا بالاضافة الى الاختناق الكامل الذي تواجهه بسبب العقوبات والحصار”.

ولفت عبد القادر الى “ان ايران تعرضت لحرب الكترونية بدأت منذ فترة باستهداف منشآتها النووية، تبعتها عمليات اغتيال لعلمائها، وصولاً الى عملية نطنز التي طالت أخيراً وحدات الطرد المركزي في معمل تخصيب اليورانيوم. اليوم، من الصعب ان نقول ان المصفاة تعرضت لعملية هجوم الكتروني، اذ انه يتطلب وجود عميل ليضع متفجرة في نقطة حساسة، كما حدث في نطنز عندما تفجرت وحدات الطرد المركزي. والسفينة ايضاً بأجهزتها الالكترونية يمكن ان تكون قد تعرضت لهجوم الكتروني تتسبّب بحريق او بغرق السفينة. لكن ما يمكن تأكيده هو ان هذه السياسة التي تتبعها ايران والتي تتعارض مع السلوكية والدبلوماسية الدولية، تسبّب لها الكثير من المشاكل والازمات وهي ستبقى مستمرة الى حين تغيير ذهنية الحكم الراهن أو تغيير هذا الحكم، ليس هناك من حلّ ثالث”.

هل يمكن ان تغير الانتخابات الرئاسية المرتقبة هذا المشهد؟ “كل الانباء الواردة عن المرشحين وطريقة اختيارهم وشخصياتهم وتاريخهم في الحكم والادارة، تدلّ الى ان ايران ستذهب نحو الاسوأ لأن جميعهم من اصحاب السوابق والصقور في التيار المتشدد. لذلك، ستبقى ايران محكومة بسياسة وعقلية خامنئي والفريق الذي حوله، وليس من امل في الواقع. حتى عندما تبوأت الحكم شخصية إصلاحية مثل محمد خاتمي او  شخص براغماتيكي كحسن روحاني، لم يستطع ان يحوّل الامور واقتصر نشاطه على العمل في ادارة شؤون الدولة اليومية من دون ان تكون له في الواقع اي كلمة في السياسة الخارجية، خاصة في علاقات ايران مع المحيط او مع المجتمع الدولي”.

ماذا عن الاتفاق النووي وعلاقة ايران بالمنطقة، يقول عبد القادر: “كل الامور مرتبطة ببعضها البعض، لأن اصحاب الاتفاق النووي، خاصة الولايات المتحدة الاميركية، من خلال مصالحها وتحالفاتها في المنطقة، لا يمكنها ان تكتفي بأن تقول لايران بأنها موافقة على العودة الى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عنها والإفراج عن مليارات الدولارات وإعادة فتح تجارة النفط والسوق العالمية أمامها، وان تستمر ايران في المقابل، بإساءة التصرّف في مختلف أرجاء المنطقة، لأن لهذه المنطقة في النتيجة مصالحها مع الولايات المتحدة ومع المجتمع الدولي بدءا من السعودية مرورا بالامارات والعراق وصولاً الى سوريا فلبنان. هذه السلوكية لا بدّ من ان تصطدم بعقبة ثانية، غير موضوع حلّ القضايا التقنية المتعلقة بالبرنامج النووي، حل سلوكية ايران، وهنا القصة الاكبر لأنها تتعلق بإيديولوجية ايران ونظرتها الى دورها في السياسة الاقليمية”.