IMLebanon

عبود: القضاء لن يكون ساكنًا او صامتًا بل فاعلًا ومبادرًا

أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود “أنَ القضاءَ مُستلهِماً دماءَ شهدائِهِ، ومُواكَباً من قضاةِ لبنانَ الشرفاء، قد حسمَ الخَياراتِ وحدّدَ الأولوياتِ، وهو لن يكونَ ساكناً او صامتاً بل فاعلاً ومبادراً. وهو من أقرَّ تشكيلاتٍ ومناقلاتٍ قضائيةٍ مع ملاحِقها الثلاثةِ وآخرِها الملحقُ تاريخ 28/5/2021، وذلك بإجماع وبإصرار غير مسبوقين، وبحريةٍ غير منقوصة، وهو من تقدمَ باقتراحاتٍ وملاحظاتٍ بصدد قانون استقلالية القضاء، وهو من فعلَ التنقيةَ الذاتيةَ، وهو من اطلقَ عودةَ العملِ الى المحاكمِ، مقصراً استثنائياً العُطلةَ القضائيةَ، وفق خُطةٍ تستفيدُ منَ الإمكانياتِ والتِقنيات المُتاحة، وهو يعملُ على تفعيلِ الملاحقاتِ والمحاكماتِ في زمنٍ صعبٍ، باتت مقوماتُ العملِ فيه وظروفُه اكثرُ من صَعبة”.

كلام الرئيس الأول عبود أتى في الذكرى الوطنية لشهداء القضاء المحدّدة في 8 حزيران من كل عام بموجب المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتاريخ 16/1/2018، وذلك خلال وضعه بعد ظهر اليوم في قصر العدل في صيدا إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري للقضاة الشهداء: الرئيس الأول القاضي حسن عثمان، والقضاة عماد شهاب وليد هرموش وعاصم أبو ضاهر. وأضاف: “نُفاجأُ بتعرّضٍ شِبهِ يومي، وبانتقاداتٍ وتجنّياتٍ تطالُ القضاءَ في استقلاليتهِ وعملِهِ، والقضاةَ في شخصِهم وكرامتِهم، وبمحاكماتٍ اعلاميةٍ بديلاً عن سلوكِ ما أقرّهُ القانونُ أساساً لتصويبِ أي خللٍ او أي خطأٍ بمعزِلٍ عن أي تهجّمٍ أو تعرّضٍ غيرِ مبررين”.

وكان قد سبق زيارة قصر العدل في صيدا، وقفة رمزية أمام النصب التذكاري في باحة الخطى الضائعة في قصر العدل – بيروت، شارك فيها كل من وزيرة العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى والمديرة العامة لوزارة العدل ورئيس هيئة التفتيش القضائي والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت والنائب العام لدى محكمة الاستئناف في بيروت ورئيس رابطة قدامى القضاة ومفوض نقابة المحامين في قصر العدل في بيروت.

وجاء في الكلمة:

“نحنُ في زمانٍ لا يُشبهُ الأزمنة، وحالٍ لا تُماثِلُ الأحوال، فيومُنا مشتبهُ الخبر، وغدُنا مجهولُ الأثر… ولذلك تعثرتِ الأقلام، وتهدجتِ الأصوات، فصار الاعتزالُ كرامةً، والخمولُ سلامةً…”.

انها كلماتٌ استعدتها بتصرفٍ من كتاباتِ احدِ روادِ النهضةِ الحديثةِ، تعودُ في تاريخها الى عام 1882.

فأينَ نحنُ في العام 2021 من العام 1882، وهل باتَ اعتزالُ الكلامِ والعملِ كرامةً كما وصّفَ القائل، أم أمست مواجهةُ التحدياتِ المحدقة بنا جميعاً واجباً محتوماً، لهُ من المغامرةِ حظوظٌ كبيرة ومن النجاحاتِ إمكانياتٌ متاحة.

وبعدَ الانحناءِ أمامَ من استُشهِدَ من بيننا في ذكرى تحيي الموتَ بالذاكرة، وتنوءُ بثقلِ الحدث، دون أن تُثقلَ بمرورِ الوقت، وبعد توجيهِ تحيةِ الوفاءِ والتقديرِ الى أولينَ من بينِنا، تضرجوا بِدماءِ شَهادةٍ، أجدُ نفسي ملزماً تجاههُم وتجاهكُم بوعدٍ أحمِلهُ باسمِ السلطةِ القضائية :

وعدٌ بالمحافظةِ على الأمانة،

وعدٌ بإعلاءِ الكرامة،

وعدٌ بسلطةٍ قضائية لها مع الحريةِ التصاقٌ، ومع الاستقلاليةِ ديمومةُ لقاءٍ، ومع العودةِ الى العملِ مرتجى وامل.

ونسمعُ كلاماً دائماً ولا أحلى، عن تطلعِ الجميعِ وارادتِه في سلطةٍ قضائيةٍ مستقلة، فنُجابَهُ بواقعٍ لا يأتلفُ مع ظاهرِ الكلامِ لا بل يتنافى مع مضمونِهِ.

ونُفاجأُ بتعرّضٍ شِبهِ يومي، وبانتقاداتٍ وتجنّياتٍ تطالُ القضاءَ في استقلاليتهِ وعملِهِ، والقضاةَ في شخصِهم وكرامتِهم، وبمحاكماتٍ اعلاميةٍ بديلاً عن سلوكِ ما أقرّهُ القانونُ أساساً لتصويبِ أي خللٍ او أي خطأٍ بِمعزَلٍ عن أي تهجّمٍ أو تعرّضٍ غير ِ مبررين.

كما نتلقى سهامَ تحدياتٍ، ونُجابَهُ بشعبوياتٍ، وكأنّ التعرضَ والتجني باتا الوسيلةَ الناجعةَ لحلِ كلِ الأزمات.

اِنه الزمنُ الصعبُ، في وطنٍ أمست سلطاتُه مأزومةً، وخَياراتُهُ محدودةً، فبات شعبُهُ أسيرَ احباط ٍ وآمالُه محلَ تساؤل.

فأينَ القضاءُ، وأين السلطةُ القضائيةُ مِن استلهامِ تضحياتِ الشهداءِ الذين نذكُرهم اليوم؟

اِنَ القضاءَ مُستلهِماً دماءَ شهدائِهِ، ومُواكَباً من قضاةِ لبنانَ الشرفاء، قد حسمَ الخَياراتِ وحدّدَ الأولوياتِ، وهو لن يكونَ ساكناً او صامتاً بل فاعلاً ومبادراً.

وهو من أقرَّ تشكيلاتٍ ومناقلاتٍ قضائيةً مع ملاحِق َ ثلاثة وآخرُها الملحقُ تاريخ 27/5/2021، وذلك بإجماع وبإصرار غير مسبوقين، وبحريةٍ غير منقوصة،

وهو من تقدمَ باقتراحاتٍ وملاحظاتٍ بصدد قانون استقلاليةِ القضاء،

وهو من فعَّلَ التنقيةَ الذاتيةَ،

وهو من اطلقَ عودةَ العملِ الى المحاكمِ، مقصّراً استثنائياً العُطلةَ القضائيةَ، وفق خُطةٍ تستفيدُ منَ الأمكانياتِ والتِقنيات المُتاحة،

وهو يَعملُ على تفعيلِ الملاحقاتِ والمحاكماتِ في زمنٍ صعبٍ، باتت مقوماتُ العملِ فيه وظروفُه اكثرَ من صَعبة.

أختُمُ ولا أنهي، لأن لا نهايةَ في الشَهادةِ بل حياة، ولا انتهاءَ بل ذِكرى واِلهام، لمن سبقونا في مسيرةٍ قضائيةٍ أرادوها ونريدُها حرةً ومستقلةَ ومسؤولة، عن آمالِ شعبٍ نحكمُ باسمِهِ، فهل نحنُ على مستوى التحديات والآمال؟  وعلى مستوى الشهادة والتضحيات؟

لكم منا الوعدُ، ولنا منكم الدعمُ، لتحقيقِ ما نصبو اليه جميعاً، لوطنٍ نريدُهُ مساحةَ حريةٍ وعدالةٍ، لا مساحةَ يأسٍ ونزاعاتٍ واحباط.

عاشت ذكرى من نحيي، ذكرى القضاة السادة حسن عثمان، وليد هرموش، عماد شهاب وعاصم أبو ضاهر.

عاش القضاءُ اللبناني حراً مستقلاً،

عاش لبنان.