IMLebanon

من سوريا إلى إيران… القطاع المصرفي يدفع الثمن ويواجه منفردًا

تشبّه جهات اقتصادية واسعة الاطلاع والمعرفة ما يشهده لبنان اليوم على الصعيدين المالي والمصرفي، بما سبق أن عاشه على الصعيدين السياسي والأمني في الفترة التي سبقت وأعقبت اتفاق الطائف.

وتوضح لـ”المركزية” أن تداعيات معركة رئاسة الجمهورية في الفترة الممتدة بين العامين 1988 و1989 أوصلت لبنان الى انهيار أمني وسياسي جاء اتفاق الطائف ليحاول وضع حد له. لكن رفض (رئيس الجمهورية) العماد ميشال عون لهذا الاتفاق كما رفض الاعتراف بالرئيس الشهيد رينيه معوض ومن ثم بالرئيس الياس الهراوي جعل لبنان يخسر “التوقيت العربي والدولي” لإنقاذه، فاستفاد النظام السوري يومها من اجتياح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت من أجل إبرام صفقة اقليمية ودولية سمحت له بانتزاع تفويض عربي ودولي للتفرد بإدارة الوضع اللبناني بحجة انشغال الشرعيتين العربية والدولية بتحرير الكويت، مما أنتج قضاء شبه كامل على الحياة السياسية والحزبية في لبنان، وجعل سوريا صاحبة القرار الوحيد بعدما أقصت المعارضين من خلال النفي والإبعاد ووضع اليد على قيادات الأحزاب اللبنانية وتركيب الملفات القضائية التي تولاها الرموز الأمنيون والقضائيون لتلك المرحلة. هكذا دخل لبنان عموما والمسيحيون خصوصا في مرحلة من انعدام الوزن السياسي وبات لبنان برئاسته وحكومته ومجلسه النيابي واقتصاده ورقة بيد النظام السوري يستخدمها وفقا لمصالحه ومصالح رموزه في لبنان.

وتتابع الجهات عينها مقارنتها، فتشير الى أن معركة رئاسة الجمهورية بين العامين 2014 و 2016 التي أصرت قوى 8 اذار في خلالها على ايصال (الرئيس) العماد عون الى الرئاسة مستعينا بتعطيل حزب الله وحلفائه للمجلس النيابي أفقد لبنان الرعاية السياسية والاقتصادية العربية والدولية، وهو اليوم نتيجة لانشغال المجتمعين العربي والدولي بالاتفاق النووي مع ايران وتداعياته على المنطقة والعالم، بات ورقة بيد النظام الإيراني من خلال سيطرة حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية وقراراتها ومؤسساتها الدستورية وصولاً هذه المرة الى اقتصاده ومؤسساته المصرفية.

والمؤسف – تقول الجهات الاقتصادية – أن التاريخ يعيد نفسه. فكما عمل النظام السوري على وضع يده على الحياة السياسية والحزبية في لبنان بين 1990 و 2005 مستخدماً سياسة تركيب الملفات وتسخير القضاء والأمن في خدمة أهدافه، ها هي المنظومة الإيرانية في لبنان تعيد السيناريو نفسه، ولكن هذه المرة مع مصرف لبنان خصوصا والقطاع المصرفي عموماً من أجل وضع يدها على مفاصل الاقتصاد بعدما وضعت يدها على رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب وغيرها من المؤسسات الدستورية.

وقد وجدت “المنظومة الايرانية” في رموز تركيب الملفات وترهيب القضاء وترغيبه خلال الحقبة السورية، أفضل من يمكنه تنفيذ المهمة مع القطاع المصرفي، فنفضت عنهم الغبار واستدعتهم لممارسة اختصاصهم بعدما رفض القطاع المصرفي ولا سيما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخضوع لشروطها من أجل وضع اليد على أسس الاقتصاد اللبناني وتحويله الى ورقة بيد ايران وحلفائها في محور الممانعة الإقليمي.

وتحذر الجهات هذه من أن الإصرار على ضرب مرتكزات لبنان السياسية والاقتصادية من أجل “السلطة” ولا سيما رئاسة الجمهورية سيقضي على الأسس التي يقوم عليها لبنان، ويزيد من عزله ويطيل من أمد جعله ورقة بيد الخارج الإيراني بعدما عاش لخمس عشرة سنة ورقة بيد الخارج السوري.

وتختم بالدعوة الى صحوة ضمير سياسية وشعبية لحماية مصرف لبنان والقطاع المصرفي ومساعدة أركانهما على التصدي للحملات التي تستهدفهما والعمل على إدارة الأزمة والحد من الخسائر والسير بلبنان في طريق الإنقاذ، مما تسبب به السياسيون بعدما بات مصرف لبنان والقطاع المصرفي من الجهات القليلة الى جانب الجيش اللبناني التي تربط لبنان بالمجتمعين العربي والدولي في ظل العقوبات التي يتعرض لها السياسيون والعزلة التي تفرضها عليهم الشرعيتان العربية والدولية.