IMLebanon

“دومينو الانهيار” يتمدّد في لبنان والأزمة الحكومية… باقية

 

أياً يكن القرار الذي سيتخذه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة في لبنان سعد الحريري، سواء بـ «طي ورقة الاعتذار» حتى إشعار آخَر أو رمْيها بوجه الجميع، فإن كلا الخياريْن هما واقعياً «وجهان لنتيجة واحدة»: لا حكومة في الأمد المنظور أو الأبعد، والأزمة باقية وتتمدّد على وقع «دومينو الانهيار» المالي – النقدي – الاجتماعي الذي يرسم لـ «بلاد الأرز» سيناريواتٍ سود… ولا في الكوابيس.

هذه الخلاصةُ عبّرت عنها أوساطٌ واسعة الاطلاع رأت عبر «الراي» أن ما شهدتْه الساعاتُ الماضيةُ في الملف الحكومي هو أقرب إلى إعادة التموْضع و«تنظيم الصفوف» خلف «خطوط تماس» أزمة التأليف التي أضيفت إليها «متاريس» طائفية وأخرى سياسية لم توفّر حتى ما يفترض أنه «منطقة محايدة» شكّلتْها مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري الذي لم يصمد دورُ «الوسيط» الذي كان يؤديه بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه وبين الحريري مع «تدشين» جبهةٍ رديفةٍ على خط «عين التينة» (حيث مقر بري) – البياضة (دارة النائب جبران باسيل).

 

وفي رأي هذه الأوساط أن الحريري وبعد «الحصانة» الكاملة والمتجدّدة التي مُنحت له من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، عزّز أوراقَه على مساريْن:

المسار الأوّل المضيّ بمهمة التشكيل وفق شروطه التي بات اسمها الحَرَكي منْع المساس بصلاحيات الرئيس المكلف وبتوازنات اتفاق الطائف، وهي الشروط التي جَعَل موقف «الشرعي الأعلى» أي إصرار على القفز فوقها من فريق عون بمثابة «اعتداء على الطائفة السنية برمّتها» أو تنازُل عنها من زعيم «المستقبل» بمثابة تفريط بحقوق المكوّن الذي يمثله في النظام الدستوري.

والثاني الاعتذار، ولو بعد حين، بحيث إن أي قلْبٍ للطاولة يقوم به الرئيس المكلف سيعني هذه المرة انسحاباً لـ «الطائفة» من التكليف وتالياً نزع الغطاء مسبقاً عن أي شخصية سنية قد تُستدرج إلى إعطاء شرعية على ما بات المكوّن السني يعتبره «تعديلاً جينياً» يتم إدخاله تباعاً وبالممارسة والأعراف على نظام الطائف.

وأيضاً ترْكُ أمرِ إدارة ما بعد أي اعتذارٍ، إذا حصل، للحريري الذي لا يختار فقط التوقيت بل أيضاً إذا كان يريد «خروجاً منظّماً» يضمن بديلاً على شكل حكومة انتخابات انتقالية بحال توافرت الظروف الاقليمية والدولية لقيامها، أو اعتذاراً على طريقة «فليحصد العاصفة مَن زرع الريح»، رغم وجود أجواء تعتبر أن مثل هذا الخيار قد يكون عندها أكثر «فاعلية» إذا اعتُمد حين تدخل البلاد مدار الانتخابات النيابية (ربيع 2022).

وبأي حالٍ، فإن المناخَ الذي ساد بيروت أمس يشي بأن الحريري لم يحسم أمر تنفيذ التهديد بالاعتذار أو عدمه، خصوصاً بعدما كرّست دار الفتوى هذه المسألة على أنها «ما فوق شخصية» وسط طغيان رأي رافضي الاعتذار (بين أعضاء الشرعي الأعلى كما رؤساء الحكومات السابقين)، وفي ظلّ معطيات عن أن الأيام المقبلة ستشهد محاولاتٍ «شكلية» لتحريك الوساطات ولكن من دون أي أفق.

ولاحظتْ هذه الأوساط أن وساطة بري في ذاتها صارت تحتاج إلى «ترميم» بعد التراشق المباشر الذي سُجل عشية الحركة الواسعة للحريري في اتجاه الشرعي الأعلى بين الوسيط المفوَّض من بري النائب علي حسن خليل وبين رئيس «التيار الوطني الحر» (باسيل)، وهو السجال الذي استُكمل أمس بالواسطة تحت عنوان «تهريب الأموال» وتبادُل الاتهامات الذي بدأ على تخومه، وطاول أولاً خليل ثم باسيل في الساعات الأخيرة عبر تسريبات نفاها الأخير منتقداً «رمي التهم جزافاً للتغطية على فساد من هنا وتحويل ودائع الناس من هناك».

وإذ رأتْ الأوساط نفسها أن ما نُقل عن الحريري لجهة قوله في تصريح صحافي «إن سعد الحريري يعني نبيه بري، ونبيه بري يعني سعد الحريري، إنه الشخص الوحيد الذي وقف إلى جانبي منذ اللحظة الأولى لتكليفي ولم يتركني أبداً» من شأنه أن يزيد من «حساسية» فريق عون على مبادرة رئيس البرلمان ومجمل دوره كوسيطٍ «يحمل العصا من الوسط»، فإنها عبّرت عن خشية من أن يشكّل «لجوء» الرئيس المكلف إلى طائفته ولو لوضعها في أجواء تفكيره بالاعتذار «هديةً» لهذا الفريق لشدّ عَصَب طائفي بدأت طلائعه مع تحليلاتٍ وتسريبات على لسان «مصادر مسيحية» أكملت ما سبق أن أطلقه «التيار الحر» من «معركة» تحت عنوان «رفض المثالثة في الحكومة» عبر «مصادرة» ولو جزء من التمثيل المسيحي من خلال التسليم للحريري بتسمية وزيريْن مسيحييْن.

وفي موازاة ذلك، لم تغِب عن المشهد الحكومي المقفل بالكامل، القطبُ المخفيةُ الإقليميةُ التي تتحكّم بكل مفاصل الواقع اللبناني، ولو احتجبتْ أحياناً على وهج «الحروب الصغيرة» الداخلية، وسط علامات استفهام قديمة – جديدة حول خلفياتِ ترْك «حزب الله» المأزق الحكومي يتمادى ويستحكم عبر تعقيداتٍ يقف وراءها حليفه «التيار الحر»، بإقرار صريح من بري.

وكان لافتاً في هذا السياق ما قاله منسق الإعلام في «تيار المستقبل» عبدالسلام موسى لقناة «الحدث»، من «أن حزب الله على تناغم مع عون وباسيل، ولو كان يريد حكومة فعلاً لكان عون وباسيل توقفا عن التعطيل، لكن يبدو أن الفراغ حاجة لـ(حزب الله)، وأمينه العام السيد حسن نصرالله عبّر عن ذلك في كلامه الأخير، انطلاقاً من أن الفراغ يعطي الحزب نافذة لتوسيع نطاق الدويلة على حساب الدولة».
https://www.alraimedia.com/article/1539832/خارجيات/دومينو-الانهيار-يتمدد-في-لبنان-والأزمة-الحكومية-باقية