IMLebanon

موقف لبنان ثابت… ورقتان أميركيتان لإقناع بينيت بالعودة إلى الناقورة!

العامل الجديد الذي دفع بالولايات المتحدة الى تحريك الملف الحدودي البحري “فجأة” في الساعات الماضية، ليس لبنانيا، بل اسرائيلي. فمع رحيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن السلطة للمرة الاولى منذ 12 عاما، يأمل الاميركيون ان يكون هذا التطوّر، مساعدا في عملية إحياء مفاوضات الترسيم بين بيروت وتل ابيب والتي توقّفت منذ أشهر، لخلافات بين الجانبين.

هذه المسألة تحتلّ اولوية قصوى لدى واشنطن على ما يبدو، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، بدليل انه لم تكد معركة رئاسة مجلس الوزراء في الكيان العبري تُحسم، حيث آلت نهائيا ورسميا عصر الاحد لنفتالي بينيت، حتى حطّ في المنطقة، الوسيطُ الأميركي لعملية التفاوض غير المباشر في شأن ترسيم الحدود البرية الجنوبية السفير جون دوروشيه، مستهلا جولة على القيادات اللبنانية صباح الاثنين، يُفترض ان يستكملها في تل ابيب.

وفق المصادر، أراد الدبلوماسي – الذي سيغادر منصبه كوسيط قريبا ليتولى مهمة اخرى في الخليج – الوقوف من جديد عند موقف لبنان من الترسيم وخرائطه وقواعده، ونصحَه باستئناف المفاوضات وتليين الموقف، على ان ينقل ما سيسمعه الى الجانب الاسرائيلي. فللتذكير، المفاوضات توقّفت بعد ان قرّر الوفد اللبناني المفاوض التخلّي عن خط هوف، الذي على اساسه انطلقت محادثات الناقورة، والعودةَ للمطالبة بالحصول على كامل حقوق لبنان البحرية، والتي “أكل” هوف مساحة واسعة منها…

خلال زيارته قصر بعبدا، أبلغه رئيسُ الجمهورية ميشال عون رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية واستضافة دولية، بهدف الوصول الى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد الى القوانين الدولية. وطلب الرئيس عون من الوسيط الأميركي ان يمارس دوره للدفع نحو مفاوضات عادلة ونزيهة، ومن دون شروط مسبقة لان ذلك يضمن قيام مفاوضات حقيقية مستندة الى الحق الذي يسعى لبنان الى استرجاعه. واعرب الرئيس عون عن امله في ان تلقى المساعي التي سوف يبذلها السفير دوروشيه مع المسؤولين الاسرائيليين، نتائج إيجابية.. وشدد الرئيس عون على انفتاح لبنان على الأفكار المطروحة ضمن اطار السيادة اللبنانية الكاملة برا وبحرا، لافتا الى ان لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات.

في المعلومات، فإن وفد لبنان الى الناقورة لن يغيّر في موقفه “المبدئي” الذي كان طَرَحَه في الجلسات السابقة، اذ انه من حق لبنان، الترسيم على أساس الخط 29 (لا الخط 23 الذي يعطي لبنان مساحة أوسع من تلك التي يلحظها له خط هوف لكن أضيق من التي يغطيها الخط 29) وإلا فان خيار اللجوء الى التحكيم او الى المؤسسات الاممية والدولية لفض النزاع، وارد، وهذا ما ابلغه لبنان الرسمي الى دوروشيه.

لا جديد اذا في موقف بيروت، وسيكون على الوسيط الاميركي اليوم، محاولة اقناع تل ابيب بالجلوس الى الطاولة من جديد. ومع ان هذا الامر لن يحصل “غدا”، والتئامُ اي جولة جديدة ينتظر ان تُقلع الحكومة الاسرائيلية في مسؤولياتها، الا ان المصادر تشير الى ان دوروشيه سيستخدم لاقناع الكيان العبري “ورقتين”: اولا، سيقول لمضيفيه الاسرائيليين ان سقف الوفد اللبناني مرتفع، لكن ذلك طبيعي ليتمكّن من تحصيل الحد الاقصى من المكاسب، اي ان تشدُّد بيروت “امرٌ متوقّع وعادي”. وثانيا، سيبلغهم ان حلّ مسألة النزاع البحري عبر المفاوضات و”الدبلوماسية”، سيُسهم الى حد كبير في اضعاف “حجّة” حزب الله للابقاء على سلاحه. فبعد ان يتم الاتفاقُ على الحدود البحريّة، وبعد ان تم تحرير الارض فيما مزارع شبعا تُعتبر في الوثائق الاممية، سوريّة، لماذا يُبقي الحزبُ على سلاحه، وقد تم استرجاع الحقوق كاملة؟ وبذلك، تكون واشنطن تريح حليفتها من كابوس الحزب، وتريح في الوقت ذاته، نفسَها من همّ حزب الله وسلاحه الذي ترى فيه عائقا كبيرا امام التسويات في المنطقة عموما وامام نهوض الدولة في لبنان خصوصا.

فهل تنفع اساليب دوروشيه واغراءاته هذه، مع الادارة العبريّة الجديدة، فتُستأنف قريبا مفاوضاتُ الترسيم؟