IMLebanon

ضغوط محلية وخارجية لتحقيق دولي: هل تؤتي ثمارها؟

فيما يقترب انفجار المرفأ من طيّ عامه الاول، في 4 آب المقبل، لا جديد لافتا بعد في التحقيقات. هي تتقدم، نعم، الا ان هذه العملية تسير ببطء شديد، ويبدو لمَن يراقب مسارها، سيما من اهالي الضحايا والجرحى والمتضريين، انها لا تزال في مربعاتها الاولى وان تحميل المسؤوليات وتحديد المسؤولين، لا يزالان بعيدي المنال، وقد أكد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار اليوم، أن “بعض المعلومات التي نشرت نقلا عن اللقاء الذي جمعه بلجنة أهالي الضحايا غير دقيقة”، واشار الى أنه لم يحدد بعد موعدا زمنيا لصدور القرار الاتهامي.

بحسب ما تقول مصادر مطّلعة لـ”المركزية” فإن القلق جدي، شعبيا وفي اوساط القوى السياسية المعارضة، من ممايعة وتسويف، على الطريقة اللبنانية المعهودة، ومن بقاء التحقيقات في “العموميات”، من دون ان تنتهي الى تسمية المقصّرين بأسمائهم – وهم طبعا من رجال السياسة والامن – ما يتيح محاسبتهم، ومن دون ان تحدد ايضا وبوضوح، هويّة الجهات التي أدخلت نيترات الامونيوم الى مرفأ بيروت. وتشير الى ان هذه المخاوف مشروعة نظرا الى ما حصل منذ اشهر، حين تم استدعاء مسؤولين سياسيين الى التحقيق، فارتفعت جدران الحصانات النيابية والطائفية والروحية بسرعة قياسية، مانعة مثولهم امام القضاء. على اي حال، ليس التشكيك في مصير التحقيقات، لبنانيا فقط، بل دولي واممي ايضا.

فأمس الثلثاء، دعت أكثر من خمسين منظمة، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت، “بعدما لم يحرز التحقيق المحلي خلال عشرة أشهر أي تقدّم”. وتوجّهت 53 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ومحلية، فضلاً عن 62 شخصاً من الناجين وعائلات الضحايا، برسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اعتبروا فيها أنه “آن الأوان لمجلس حقوق الإنسان أن يتدخل وأن يصغي إلى مطالبات عائلات الضحايا والشعب اللبناني بالمساءلة”، على اعتبار أن الانفجار شكل “مأساة ذات أبعاد داخلية، نجم عن التقاعس في حماية أبسط الحقوق — الحق في الحياة”. ودعا الموقعون إلى “إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصي الحقائق لمدة سنة”، معتبرين أنّ “مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للانفجار، فإن الحجج لإجراء هكذا تحقيق دولي قد ازدادت قوة”. وذكرت هيومن رايتس ووتش أنها وثقت “عيوبا عدة في التحقيق المحلي ما يجعله غير قادر على إحقاق العدالة بمصداقية”، بينها “التدخل السياسي السافر، والحصانة للمسؤولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة”. واعتبرت باحثة لبنان في هيومن رايتس ووتش آية مجذوب أنّه “كان لدى السلطات اللبنانية أكثر من عشرة أشهر لإظهار رغبتها ومقدرتها على إجراء تحقيق ذي مصداقية في انفجار بيروت الكارثي، لكنها فشلت على الصعد كافة “. وقالت لين معلوف من منظمة العفو الدولية إن “السلطات اللبنانية عرقلت وتملّصت وماطلت في التحقيق المحلي المستمر”.

هذا “حقوقيا” و”دوليا”. اما سياسيا ومحليا، فترفع القوات اللبنانية، تماما كما عدد من القوى المعارضة والثورية، عاليا، لواء التحقيق الدولي منذ اشهر. ففي الساعات الماضية، التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في معراب، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وتم عرض التطورات السياسية والاقتصادية في البلاد، وتركز البحث على موضوع تأليف لجنة تقصي حقائق دولية في ما خص انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، والذي كان تكتل “الجمهورية القوية” قد أرسل مسبقا عريضة نيابية في هذا الشأن للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. وتمنى رئيس “القوات” على فرونتسكا متابعة هذا الطلب حتى تحقيقه نظرا لأهميته والنتائج المرجوة منه.

والامل كبير، تتابع المصادر، في ان تؤتي هذه الحركة، ثمارها، وان تنتج تحقيقا دوليا في “جريمة العصر”، في ذكراها الاولى، ليس تشكيكا في قدرات القضاء اللبناني، بل قطعا للطريق امام اي تدخلات سياسية تكمن للتحقيقات على “الكوع”، وضمانًا لحقوق الضحايا الذين فاق عددهم المئتي قتيل والـ6500 جريح…