IMLebanon

مرافئ لبنان تفقد جاذبيتها: التصدير يتعرقل

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

يصطدم التصدير اليوم، الى جانب كافة التحدّيات التي تواجه الصناعة المحلية، بارتفاع كلفة الشحن بنسب كبيرة، وبفقدان شركات الشحن العالمية اهتمامها السابق بمرافئ لبنان، بسبب تراجع حجم الاستيراد الى لبنان بنسبة فاقت الـ50 في المئة.

مع ارتفاع حركة التصدير في العام الحالي من لبنان الى الخارج، إما نتيجة اعادة تصدير السلع المدعومة او نتيجة ارتفاع حجم الصادرات اللبنانية واعادة تفعيل الصناعة المحلية، خصوصاً الصناعة الغذائية، ووسط الآمال بتحويل لبنان الى بلد منتج ومصدّر، على عكس السنوات الماضية التي فاق فيها معدّل الاستيراد سنوياً الـ20 مليار دولار، مما أدّى الى عجز مستدام في ميزان المدفوعات طوال الاعوام السابقة، تبقى مشكلة ارتفاع كلفة الشحن وفقدان شركات الشحن العالمية اهتمامها السابق بمرافئ لبنان، من أهم الملفات التي تحتاج الى معالجة.

فبعدما كانت كبرى شركات الشحن تتنافس في ما بينها وتسيّر جميعها بواخرها من والى لبنان، مما كان يتيح للمصدّرين والمستوردين اللبنانيين خيارات متعدّدة وبأكلاف تنافسية، قرّرت تلك الشركات، بعد تراجع حجم الاستيراد بشكل لافت نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية، بالإضافة الى تداعيات جائحة كورونا، تشكيل تحالفات بينها والمداورة على ارسال باخرة واحدة او اثنتين، ما أدّى الى فقدان عامل المنافسة الذي يساهم في خفض الاسعار. وقد دفع تحالف تلك الشركات الى تحديد كلفة شحن واحدة وموحّدة، ووضع المستورد والمصدّر امام خيار واحد بالنسبة الى كلفة الشحن، وادّى الى عرقلة دورة التصدير، حيث لم تعد البواخر متوفرة للشحن بشكل يومي او أسبوعي كما في السابق، بل احيانا مرّة واحدة كلّ 20 يوماً في ما يتعلّق ببعض الدول التي يصدّر اليها لبنان، ما يضطر المصدّرون الى حجز بواخر للتصدير قبل شهر من موعد الشحن.

من ناحية كلفة الشحن، من المعلوم انّها ارتفعت عالمياً بسبب جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية التي ولّدتها، والتي أدّت الى تدهور اوضاع معظم الشركات المصدّرة في كافة دول العالم. هذا الوضع أدّى الى زيادة كلفة الشحن بنسبة وصلت الى 4 و 5 أضعاف.

وقد أوضح رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور، انّ هناك طلباً كبيرًا على الشحن عالمياً، خصوصاً بعد الازدهار الذي شهدته الصين، اكبر الدول المصدّرة في العالم، حيث كانت الدولة الوحيدة التي حققت نمواً اقتصادياً في العام الماضي، بعد ان نجحت في احتواء جائحة كورونا وتداعياتها في النصف الثاني من العام 2020 واستأنفت مصانعها التصدير، في حين كانت الدول الاخرى في العالم منشغلة في كيفية احتواء الجائحة، وتعاني من جمود اقتصادي حاد.

وشرح زخور لـ»الجمهورية»، انّ ارتفاع كلفة الشحن يعود الى وجود طلب كبير على الاستيراد والتصدير، في مقابل نقص كبير في الحاويات الفارغة في الدول الآسيوية المزدهرة حالياً. لافتاً الى انّه عندما كان التصدير متوقفاً في الصين، لم تعمد شركات الملاحة العالمية الى اعادة الحاويات التي سبق ان تمّ تصدير بضائع صينية فيها الى دول عدّة. وعندما استعادت مصانع الصين نشاطها، فُقدت الحاويات وبات هناك نقص حادّ فيها، أثّر على الطلب الكبير على التصدير، مما أدّى الى ارتفاع كلفة شحن الحاويات أضعاف الأضعاف.

واشار الى انّ كلفة ايجار بواخر الشحن ارتفعت ايضاً بنسب خيالية، علماً انّ شركات الملاحة تحتاج الى استئجار بواخر بالاضافة الى البواخر التي تملكها، لتلبية الطلب على الشحن. وقد زادت كلفة ايجار باخرة بسعة 5 آلاف حاوية على سبيل المثال من 35 ألف دولار يومياً الى 135 الف دولار.

كما أدّى الازدحام الحاصل في مرافئ الدول الآسيوية الى تأخّر تفريغ البواخر، حيث كانت تستغرق عملية التفريغ سابقاً 24 ساعة، وأصبحت اليوم تحتاج الى 8 ايام، وبالتالي فانّ شركة الملاحة التي تتكبّد كلفة ايجار باخرة بقيمة 135 الف دولار يومياً، تتحمّل رسوم تأخير تبلغ حوالى مليون دولار، ما أدّى الى استمرار ارتفاع كلفة الشحن.

بالاضافة الى ذلك، اشار زخور الى عامل اساسي ساهم في ارتفاع كلفة الشحن، هو زيادة أسعار الوقود من حوالى 20 دولاراً لبرميل النفط الى 70 دولاراً حاليا، مع الاشارة الى انّ 70 في المئة من الكلفة التشغيلية اليومية لبواخر الشحن تعود لكلفة الوقود.

نتيجة تلك العوامل المذكورة، ارتفعت على سبيل المثال، كلفة استيراد حاوية واحدة من الصين الى لبنان من 3 آلاف دولار الى 11 ألف و700 دولار، علماً انّه نادراً ما تصل بواخر من الصين الى لبنان حالياً بسبب تراجع استيراد الكماليات بشكل كبير.

وقال زخور، انّ البواخر الكبرى التي كانت تأتي مباشرة من الصين الى لبنان بهدف التفريغ وبهدف المسافنة ( ترانزيت) لدول مجاورة، لم تعد قائمة اليوم، نظراً للاوضاع الاقتصادية التي قلّصت حجم التصدير وقضت على حركة المسافنة، حيث كانت تصل الى مرفأ بيروت 70 ألف حاوية شهرياً، 30 الفاً منها الى لبنان و40 الفاً يُعاد تصديرها الى الدول المجاورة، في مقابل 10 آلاف شهرياً فقط في الوقت الحالي.

وعن عدد البواخر التي تأتي الى لبنان، قال زخور، انّ 75 باخرة بالحدّ الادنى ترسو في مرفأ بيروت شهرياً، مشيراً الى انّه نتيجة تردّي الاوضاع في لبنان انخفض عدد الحاويات التي يتمّ تفريغها في لبنان من 120 الفاً شهرياً في السابق الى 60 الف حاوية شهرياً.