IMLebanon

ما هو السيناريو المحتمل في حال تأجيل الاستحقاقات الدستورية؟

جاء في “المركزية”:

توضح اوساط نيابية في المعارضة ان الالتزام بالاستحقاق النيابي والرئاسي يتوقف على الاتفاق على انجاز التسوية الكبرى في المنطقة لحل الازمات. وتقول اوساط مراقبة ان في حال تأخرت التسوية لاعتبارات دولية واقليمية وبانتظار انتهاء نتائج مفاوضات فيينا وتحريك المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية لحل الصراع من باب الدولتين، فإن خيار تأجيل الاستحقاقات الدستورية يصبح وارداً وهذا ما يشير اليه البعض وما يقلق عواصم القرار التي تضغط على القوى السياسية لإجراء الاستحقاقات في موعدها الدستوري دون التوقف عند اي اعتبار خارجي. فهل خيار تأجيل الانتخابات مطروح؟

الوزير السابق زياد بارود قال لـ”المركزية”: “قطعا لا، وذلك لأسباب: اولا ان هذا استحقاق دستوري وليس وجهة نظر، اي ان الوكالة الشعبية التي اعطيت للمجلس النيابي في 6 ايار 2018 تنتهي حكما في 21 ايار 2022. ونتذكر ان رغم التمديدات التي حصلت، وكلها كانت غير دستورية وحتى المجلس الدستوري في آخر قرار له طعن بقانون التمديد لمجلس النواب، كان واضحا ان التمديد غير دستوري وانما في آخر صفحة من القرار استند الى الظروف الاستثنائية. لكن هل نحن فعلا امام ظروف استثنائية؟ اذا كنا ننتظر ما سيحصل في الخارج من تسويات، بالطبع كلا، الشارع والناس والناخبون والمواطنون والمواطنات يطالبون بانتخابات مبكرة، الا نعطيهم انتخابات في موعدها؟ أقلّه ان تحصل الانتخابات في موعدها”، لافتاً الى ان “رغم كل ما يقال عن تمديد او تأجيل، اعتقد انه من الصعب جدا هذه المرة، ان لم يكن مستحيلا، ان يحصل تمديد للمجلس النيابي، لأن اولاً الشعب يطالب بانتخابات مبكرة، وثانيا دستوريا هذا الامر غير جائز، وثالثاً هناك مجتمع دولي يراقب عن كثب. لست مع تدخّل الخارج في الشؤون الداخلية اللبنانية ابدا، بل مع لبننة كل الاستحقاقات. الواضح من متابعة ما يحصل في أروقة ما يسمى بالمجتمع الدولي، ان خيار تأجيل الانتخابات او التمديد للمجلس النيابي، سيكون له وقع سلبي وسيء جدا على علاقة لبنان بمن تبقى من أصدقاء له، وبالتالي ستكون خطوة في المجهول وغير مقبولة على الاطلاق اولا من قبل الداخل اللبناني الذي يحق له ان يطالب بانتخابات في موعدها، والا يقبل بأي تمديد وايضا المجتمع الدولي الذي يراقب عن كثب ما يحصل في لبنان، لذلك اعتقد أن الانتخابات ستجري في موعدها ولا سبب للتأجيل، وهذا امر ينسحب على ان القانون 44/2017 سيبقى نفسه، ساري المفعول دون اي تعديل، لأن اي محاولة لتعديل قانون الانتخاب ستُستعمل ربما ذريعة لتأجيل الانتخابات تحت العنوان التقني، حتى مجرد تعديل مادة بسيطة سيؤجل الانتخابات لبضعة أشهر، وهذا الامر خطير ويجب الا نقبل به، لذلك مهما كان القانون يجب ان تحصل الانتخابات في موعدها. كما ينسحب أيضاً على الاعتمادات التي يجب ان يتم لحظها، لأن اصلا اصبحنا في القاعدة الاثني عشرية، ويمكن نقل الاعتمادات. بالعودة الى العدد الاخير للجريدة الرسمية التي صدرت الخميس الماضي، نجد ان نصفها مراسيم نقل اعتمادات، وبالتالي يجب ألا يكون الموضوع المالي مشكلة في تنظيم الانتخابات. كما ان فيروس “كورونا” اصبح وراءنا تقريبا ويمكن اتخاذ الاجراءات اللازمة في الاقلام، خاصة مع تراجع اعداد الاصابات بنسبة كبيرة”.

اما في خصوص انتظار التسويات الخارجية، فقال بارود: “ما يحصل في المنطقة ليس مبررا وهذا الامر يمكن ان يستغرق وقتا، لماذا يجب ان نربط انفسنا دائما بالخارج، وان تكون انتخاباتنا الوطنية رهن ما يحصل في المنطقة. لا رابط على الاطلاق بين الاثنين، ومن يربط، فليربط في السياسة وفي مواقفه وحملته الانتخابية، لكن ان نؤجل الانتخابات برلمانية فقط لأن هناك امرا ما يحصل في المنطقة، فإن هذه المنطقة مأزومة منذ العام 1948 وتعاني من ازمات متلاحقة. تحت هذا العنوان هناك دول عربية اعتمدت حالة الطوارئ على مدى ثلاثين واربعين عاما، فهل المطلوب ان نقوم بالامر نفسه؟ بالطبع لا. ديمقراطيتنا على علاتها، تتمتع بالحد الادنى من الديمقراطية فيجب ان نحافظ عليها ودورية الانتخابات عنوان اساسي في هذا المجال”.

وعن الذهاب الى طاولة حوار او الدعوة لتغيير النظام خاصة من الدول الاوروبية التي تحاول مساعدتنا، أجاب: “علينا ان نفصل بين امرين: اصدقاء لبنان – كما تحلو لي تسميتهم وليس “المجتمع الدولي” لأن في الاخير هناك مصالح بين الدول لكن هناك ايضا صداقات وعلاقات مشتركة – يركزون على مساعدة لبنان اما بالمباشر على الشعب اللبناني الذي ضرب الفقر لديه نسب غير مسبوقة، او على الجيش والقوى الامنية، لا مساعدات مباشرة للدولة اللبنانية لعلّة فقدان الثقة بالسلطة بشكل عام. لذلك فإن تركيز اصدقاء لبنان في الوقت الراهن على هذا الموضوع ليس صدفة بل لتمكين لبنان من اجتياز هذه المرحلة الصعبة بأقل خسائر ممكنة، ومنع الفوضى التي ستحصل لا محالة اذا رُفع الدعم واستمرينا في الوضع الذي نحن فيه بدون اي محاولات جدية لإنقاذ الوضع. وقد تكون الخطوة اللاحقة حوار وطني، لكن الحوار الوطني اللبناني في الخارج او بتسهيل من الخارج لا يحصل الا بتنسيق كامل بين كل المعنيين بالملف اللبناني. نموذج الدوحة او الطائف مثلا، كانت نتيجة اتفاق بين دول عدة لاستضافة اللبنانيين في الدوحة او الطائف ولم تكن مجرد مبادرة قطرية او سعودية بل كانت اوسع من ذلك، وشارك فيها الاميركيون والاوروبيون والدول العربية ايضا، لذلك لا اعتقد ان التوجّه في الوقت الراهن هو الى مؤتمر ما، خصوصا اذا كنا نتحدث عن مؤتمر تأسيسي، لأن الوضع الراهن لا يسمح بهذا النوع من النقاشات. هذه الخطوة يجب ان تحصل لأن ثغراتنا الدستورية هائلة كما ان الاشتباك السياسي يُترجم دائما او يتم التلطي وراء الدستور والاحكام الدستورية، لكن الخطوة الاهم هي إجراء انتخابات، وما بعد الانتخابات، يجب على المجلس النيابي المُنتخب ان يأخذ على عاتقه مقاربة كل هذه المواضيع. عندما قلت انني مع لبننة كل الاستحقاقات، عنيت لبننة الخيارات ايضا، التي يجب ان تتم في الداخل اللبناني انطلاقا من الدستور خاصة مقدمته وما ورد فيها من كلام ذهبي له علاقة بالعيش المشترك. الفقرة (ي) من المقدمة رائعة يُبنى عليها ولا يمكن تخطيها، لأنها من أساسيات معنى لبنان ان لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. انطلاقا من هنا كل شيء قابل للنقاش لكن من قبل اشخاص منتخبين يتمتعون بالشرعية الشعبية ويستطيعون اتخاذ قرارات ربما تاريخية، لكن لا اعتقد اننا وصلنا الى مكان يمكننا الدعوة الى مؤتمر تأسيسي، ومن الافضل ان ننتظر الانتخابات النيابية، والمجلس النيابي الذي سينبثق عن هذه الانتخابات هو الذي يمكن ان يأخذ على عاتقه كل هذه الورشة الدستورية ربما، لكنها ليست سهلة او نزهة”.

وختم بارود: “ماذا لو حصل الانهيار؟ وهذا احد السيناريوهات التي يتم البحث بها، وماذا لو لم تحصل الانتخابات رغم قناعتي بأنها ستحصل، لكنني سأفترض جدلا انها لن تحصل ولن يُمدد المجلس لنفسه، لأننا كلنا نعلم ان الغضب الشعبي سيكون كبيرا على اي تمديد؟ سنفقد مؤسساتنا الدستورية وسنذهب مكرهين إلى مؤتمر تأسيسي، الى ما يشبه الطائف واعادة النظر بكثير من الامور، إنما يجب ألا يحصل ذلك بصيغة انقلاب او غالب ومغلوب انما بصيغة ديمقراطية. لكن الامثل هو اذا استطعنا الذهاب الى الانتخابات، لذلك اركز على دور مجلس نيابي جديد ما بعد الانتخابات”.