IMLebanon

جديد الأوروبيين قديمهم: حكومة فإصلاحات فمساعدات!

كتب عمر حبنجر في “الأنباء” الكويتية:

جديد الموقف الأوروبي الذي حمله ممثل الاتحاد جوزيب يوريل الى بيروت أمس هو نفس قديمه: لا مساعدات قبل الاصلاحات. وبالتالي لا اصلاحات قبل تشكيل حكومة مهمة، على ايقاع المبادرة الفرنسية، التي اكتسبت لاحقا الهوية الأوروبية والأميركية والروسية والعربية عموما.

وما ينتظره كل هؤلاء الناس، ان يحرك السياسيون اللبنانيون، مياه الحكومة الراكدة عبر مجداف رئيس مجلس النواب نبيه بري، او حتى تسوية رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الداعية الى التخلي عن المواقف الفئوية المتصلبة، وعودة الغرائزيين الى رحاب وعيهم، والتوقف عن الاقتتال الدائم حول المواقع والمناصب والحقوق الشخصية المغلفة بالسيلوفان الطائفي، والذي أوصل البلد وأهله الى الحضيض.

الأوروبيون وكل الأطراف الساعية لاخراج لبنان من أزمته، يرون ان تشكيل الحكومة هو الباب الواسع لعودة الاستقرار الى لبنان، وان على الذين حولوا الأزمة الى مطية للوصول الى احلامهم الرئاسية، ان يتقوا الله بوطنهم وشعبهم، وهنا يلاحظ احد الديبلوماسيين المتابعين للوضع في لبنان، ان النزوح من الأوطان، يكون عادة تحت ضغط الخوف على الكرامة والحياة، ولدى لبنان من هذه الحالات الكثير، اما نزوح اللبنانيين او هجرتهم الواسعة من وطنهم، خلال ولاية المنظومة الحاكمة، اتسم بالطوعية الذاتية بعدما شعروا بأن لبنان لم يعد كما يعرفونه، ارض اللبن والعسل والحرية والتقدم.

والراهن ان ثمة ما تستطيع ان تفاخر به المنظومة القيمة على الحكم في لبنان الآن، فقد اطلقت العنان للأسواق السوداء، بعد تدمير الليرة اللبنانية، وفككت مؤسسات الدولة، عبر الفساد المستشري، ومن خلال حشر المحازبين وخرق التوازنات، وتوجت كل ذلك بدفع اللبنانيين الى الهجرة جماعيا، وسط العجز عن اقفال هذه الأبواب بوجه مافيات المخدرات المسيسة، باتجاه الداخل والخارج.

في حين تصدرت المشهد الحكومي، التسوية السياسية التي اعاد جنبلاط تذكير الاطراف المتنابذة بها، وعلى القاعدة اللبنانية التقليدية، «لا غالب ولا مغلوب».

ويقول جنبلاط ان مبدأ التسوية، ليس بدعة، بل اساس في الحياة السياسية، وتوجه الى المعنيين بقوله: تذكروا بأن الحقد يقتل صاحبه اولا.

ويبدو ان جنبلاط، صاحب الرادارات السياسية الحساسة، ادرك ان التحالفات والعداوات والاحتلالات التي جرت على ارض لبنان، او على حسابه كدولة وكيان، فقدت وظيفتها، فقرر العودة الى الجذور، الى الاعتراف بالخطأ والاعتذار كما يقول الوزير السابق يوسف سلامة. وثمة مبرر منطقي آخر للتسوية التي يدعو اليها جنبلاط، بعدما اختلطت اوراق التحالفات، ولم يعد مؤكدا من مع من، ومن ضد من، فبري حليف الحريري، والحريري حليف بري، وضد حزب الله، وبري مع الحزب ضد جبران باسيل، وجبران باسيل حليف الحزب وضد بري. والحزب حليف اللدودين جبران باسيل وسليمان فرنجية. وجعجع مع بري ضد فرنجية والحزب وجبران وسامي الجميل ضد الكل، والحزب يريد الحريري رئيسا للحكومة والحريري يريد حكومة بلا جبران والحزب.

واللاغالب ولا مغلوب مقدمة للقاعدة التي انتهت اليها جميع الحروب والثورات والاضطرابات في لبنان ماضيا وحاضرا، وهي «عفا الله عما مضى» و«عفو الله عما مضى»، يعني كف التعقبات، عن كل من قتل وسلب ونهب ودمر وافقر وهجر، الى آخر سلسلة الموبقات المعاقب عليها في قانون العقوبات اللبناني.

المصادر المتابعة اكدت لـ«الأنباء»، ان العفو عما مضى هو بيت القصيد في آخر الملاحم اللبنانية كافة على مر التاريخ، وهي القاعدة الذهبية التي يلتف حولها الزعماء الباحثون عما يريحهم من عبء مسؤولية ما جنت ايدي المرتكبين منهم، والتي يرى فيها اللبنانيون الواعون، مدخلا لأزمة جديدة في وقت من الأوقات.