IMLebanon

مواقف باسيل تُعمّق الانقسامات المسيحية

كتب عمر البردان في “اللواء”:     

يستمر العهد ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في رفض كل المبادرات الهادفة إلى الدفع باتجاه تشكيل الحكومة . ولم يكن مستغرباً على رئيس التيار «العوني» أن يطيح بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، باستنجاده بالأمين العام ل»حزب الله» السيد حسن نصرالله، ما ترك استياء بالغاً في البيئة المسيحية التي اعتبرت أن هذا التوجه من جانب باسيل، من شأنه تعميق الانقسام داخل الصف المسيحي أكثر فأكثر، مع ما قد يترتب عن ذلك من تداعيات بالغة الخطورة . عدا عن أن كلام باسيل يشكل محاولة تحريضية على الرئيس بري في الأوساط الشيعية، لم تعد خافية على أحد، في ظل استمرار رئيس «الوطني الحر» في التصويب على رئيس المجلس النيابي بشكل دائم .

ويبدو بوضوح، أن المسؤولين اللبنانيين، وتحديداً الذين يعرقلون عملية تأليف الحكومة، وهم باتوا معروفين لجميع اللبنانيين، لم يأخذوا على محمل الجد، تهديدات ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل الذي غادر لبنان وهو في غاية الاستياء، وهم الذين سبق وتعاملوا بكثير من الاستهتار مع زيارتين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أشهر، في ما يتصل بعملية تأليف الحكومة، بدليل عودة صهر رئيس الجمهورية، النائب باسيل إلى التصعيد، في وجه الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب بما يتصل بالملف الحكومي، في وقت علمت «اللواء» أن «حزب الله» وأمينه العام يدعمان بقوة وثبات مبادرة الرئيس بري، لحل الأزمة الحكومية، وتالياً لا يمكن أن يتبنيان إجهاض هذه المبادرة، عدا عن أن الحزب، لم يكن مرتاحاً لكلام رئيس «العوني» بشأن وجود توجه نحو المثالثة من خلال تبني صيغة الثلاث ثمانات .

وفي الوقت الذي تتزايد المؤشرات لإمكانية اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، في حال وصول مبادرة الرئيس بري إلى الحائط المسدود، كانت لافتة تهديدات الاتحاد الأوروبي إلى المسؤولين اللبنانيين الذين يعطلون التأليف، على ما قاله ممثل السياسة الخارجية، وما عبر عنه من قلق شديد على مستقبل الأوضاع في لبنان، إذا ما استمر العجز الداخلي عن تشكيل حكومة توقف الانهيار الزاحف إلى كل المؤسسات في لبنان، توازياً مع استعداد أوروبي واضح لفرض عقوبات لم تعد بعيدة، على الشخصيات المتهمة بتعطيل التأليف. وهذا ما سيبحثه الاتحاد الأوروبي في اجتماعه هذا الأسبوع، سيما وأن الأوروبيين ما عادوا مقتنعين بجدية المسؤولين اللبنانيين في تشكيل حكومة موثوقة قادرة على إنقاذ لبنان من أزماته. وهذا ما لمسه الموفد الأوروبي بوريل الذي أشار إلى تناقض واضح في مواقف هؤلاء المسؤولين من الملف الحكومي، باعتبار أن هناك حسابات مصلحية وطائفية تتحكم بعملية التأليف، وتحول دون التوافق على الحكومة العتيدة .

وإذ تستبعد مصادر سياسية حصول تطورات إيجابية على الصعيد الحكومي، كما تقول ل»اللواء»، فإنها تشير إلى أن «الأمور قد تسير في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة انتخابات، في حال أقدم الرئيس المكلف على الاعتذار، وهو خيار وارد بقوة، لأن الرئيس الحريري لن يترك البلد يسقط في الهاوية، وسيتخذ القرار الذي يفرضه عليه ضميره الوطني، إذا أدرك أنه يستحيل التعايش مع العهد في ما تبقى من ولاية الرئيس عون . وهنا سترتفع أسهم حكومة انتخابات، مع اقتراب موعد الاستحقاق النيابي، وإن ثمة من يتحدث عن إمكانية تأجيله . وهذا ما قد يدفع كتلاً نيابية من بينها»المستقبل» إلى الاستقالة من مجلس النواب، الأمر الذي سيزيد الوضع تعقيداً، ويرفع من حدة الانقسام السياسي إلى مستويات غير مسبوقة.»

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل بإمكان حكومة الانتخابات، أن تضع خطة إصلاحية تخرج لبنان من أزماته؟ تجيب المصادر، «بالتأكيد أنه إذا كانت هناك نوايا جدية للإنقاذ، فهذا الأمر قد يكون متوفراً، إذا تم اختيار شخصيات مستقلة، كفوءة وقادرة على وضع السير بتنفيذ الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي، والكفيلة بتأمين الأجواء الملائمة التي تكفل إنقاذ لبنان مما يتخبط فيه . لكن لا يبدو أن هناك من هو مستعد للسير بهذا الاتجاه» .