IMLebanon

هل أنت المذنب في عدم القدرة على إنجاب الأطفال؟

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:

يلامس معدل خصوبة النساء في لبنان الـ2.047 في المئة للعام 2021، مع تراجع ما زال مستمراً منذ سنوات. فما أبرز أسباب الصعوبات التي تواجه الأزواج في الإنجاب؟ وهل المرأة هي المذنبة الوحيدة؟ كيف يتم معالجة العقم؟ وهل الخصوبة نفق بلا نهاية؟

يسأل كثير من الأزواج، أكانوا نساء أو رجالاً، طبيبهم المختص بالعقم: «أنا شو عملت تَما فيّي إحبل أو جيب ولاد؟»

يجيب د. أنور نصار، اختصاصي في الجراحة النسائية والتوليد، وأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت في المركز الطبي، ورئيس دائرة الجراحة النسائية والتوليد في الجامعة الأميركية، أنه «في معظم الأوقات، عدم القدرة على إنجاب الأطفال ليس خطأ المرأة أو الرجل على حدة. فقد تشكّل بعض الأمور عواملَ قد ترفع من خطر العقم، ولكن في معظم الأحيان تكون الأسباب خارجة عن سيطرة المريض أو المريضة».

العقم: «الحق على المَرا»

ينوّه د. نصار أنّ «العقم ليس مشكلة المرأة فحسب، إنما مشكلة الزوجين معاً، إذ قد تعاني المرأة عراقيل تصعّب عليها الحمل، كما قد يعاني الرجل أيضاً مشاكل تؤدي إلى العقم… وقد يعاني الاثنين معاً مشاكل في الخصوبة. وعندما يحاول الطبيب إيجاد سبب العقم، يجب تقييم المشاكل المحتملة لدى الزوج كما لدى الزوجة، كي يقوم بتشخيص صحيح، ويتبع العلاج المناسب، فيصل إلى النتيجة المطلوبة، وهي مولود جديد بصحة جيدة».

وتابع: «يجمع الطبيب المختص المعلومات الطبية وتاريخ العائلة لتقييم خلفية الزوجين: أمراض مزمنة، أدوية، مشاكل صحية في العائلة (عقم، إجهاض، سكري وغيرها)، التهابات، عمليات جراحية، نوع العمل، وأي أمر قد يؤثر في الخصوبة.

في الكثير من الأحيان، سبب العقم لا يتوضّح. لا يعني ذلك غياب السبب، بل يعني أنّ الفحوصات المتوفرة لا يمكن أن تكشف تفاصيل مراحل الحبل. وحتى في تلك الحالات، العلاجات اليوم فعّالة ومتوفرة، ونسبة قليلة جداً من الناس لا تنتفع من العلاج».

أهم العوامل المؤثرة في الخصوبة

الرجل: «من المهم أن يدرس الطبيب بالتفصيل تاريخ الرجل الصحي: سكري، ضغط، أدوية، عمليات جراحية سابقة قد تؤثر على الخصيتين، التهابات، نوع العمل: الوظائف التي تتطلب الجلوس لساعات طويلة جداً قد تؤدي إلى دوالي في الخصيتين، ما يؤثر على كمية البذرة وحركتها…

وتتضمّن العلاجات: فيتامينات تنشط البذرة، هورمونات تنشط وظيفة الخصية، جراحة لتحسين البذرة في حال وجود دوالي في الخصيتين مثلاً… وفي حال عدم التحسن، هناك تقنيات مساعِدَة للحمل يمكن أن تحسِّن القدرة الإنجابية.»

المرأة: «عمر المرأة أهم من عمر الرجل في مجال الخصوبة لأنّ الطاقة الإنجابية في المبيضات تتأثر بالعمر. كما أنّ نوع العمل يؤثر في الطاقة الإنجابية، فمضيفات الطيران أو العاملات في قسم الأشعة في المستشفى مثلاً يتعرّضن للأشعة، وقد يواجهن مشاكل في المبيضات، أو يدخلن في مشاكل جرّاء خطر الإجهاض في حال الحمل. لذلك، على كل من يعمل مع أشعة أن يرتدي المئزر الواقي للأعضاء التناسلية.

فضلاً عن ذلك، انّ انتظام الدورة الشهرية الذي يترجم بإباضة منتظمة في معظم الحالات، أمر أساسي وضروري لقدرة إنجابية جيدة». وذكر د. أنور نصار أنّ «الآلام التي تسبق الدورة أو ترافقها قد تكون حالة بطانة الرحم المهاجرة endometriosis، ما قد يؤثر في الصحة الإنجابية والقدرة على الإنجاب.

وصحة الأنابيب عامل أساسي أيضاً. فالمرأة بحاجة إلى أنابيب قادرة على استقبال البويضة من المبيض. في الواقع، إنّ أي التهابات سابقة في الحوض قد تؤثر على الأنبوب وتُعيق عمله. وللحمل، يجب أن يكون الرحم وبطانة الرحم في حالة جيدة: لا ليف، ولا لحميات، ولا عضلة تفصله في منتصفه، ولا تشوهات خلقية، ولا التهابات سابقة فيهما».

ماذا بعد التشخيص؟

«بعد التشخيص الأولي، يجب توجيه الفحوصات لتأكيد شكوكنا في أسباب العقم المحتملة. ثم ننتقل إلى العلاجات.

يحرّض أغلبها على الإباضة (ovulation induction medications)، وتساعد المبيض على إباضة بويضة أو أكثر، لرفع عدد البويضات، ومن ثم رفع احتمال تلقيح إحداها، والوصول إلى الحمل. ويكون العلاج على شكل أقراص أو إبر، مع المجامعة بين الزوجين أو مع غسيل البذرة وحقنها في الرحم (insemination)، أو ما يعرف بالطفل الأنبوب (سحب بويضات من المبيض، وتلقيح كل بويضة ببذرة من الزوج، ووضعها في حاضن خاص لبضعة أيام. ثم نراقب نمو البويضة، ونعيدها إلى الرحم».

وختم د. نصار قائلاً: «إنّ تطور العلاجات ساهم في تعزيز نجاح هذه العلاجات، ولا شك أنّ ثمة أسباباً خلقية واستعداداً للعقم، ولكن أسلوب الحياة قد يفاقم من مسببات العقم».