IMLebanon

الشعب يتوق للخيار البديل: هل تنجح الثورة في تأمينه؟!

في تشرين الثاني 2019، فاز النقيب ملحم خلف في رئاسة نقابة المحامين بعد أن خاض الانتخابات على رأس لائحة “ثورية” في وجه الاحزاب السياسية التقليدية. انتصار الرّجل حينها، حصل في خضمّ ثورة 17 تشرين التي كانت انطلقت قبل شهر لا اكثر ضد الطبقة الحاكمة في البلاد، فكان ترجمة عمليّة أولى، للنَفَس التغييري الذي يريده اللبنانيون.

بعد عامين على انطلاق الثورة الشعبية هذه، خفت فيها وهجُها تارة وتأجّج طورا، حينا بفعل كورونا وأحيانا بفعل قمع السلطة وايضا بفعل “تعب” الناس بعد ان تدهورت الاوضاع المعيشية التي قادتهم الى الشارع في 17 تشرين، في شكل مخيف اليوم، حتى باتت البلاد تتخبط في ازمة اقتصادية مالية صحية اجتماعية من الاخطر عالميا في القرن الحادي والعشرين وفق المنظمات الدولية المعنية… بعد السنتين، أثبت اللبنانيون ان توقهم للتغيير لم يتغيّر.

الأحد، تجلّت هذه الحقيقة ساطعة من جديد في انتخابات نقابة المهندسين التحضيرية. فهي أسفرت في نتائجها الأولية غير الرسمية عن فوز مرشحي لائحة “النقابة تنتفض” بالتحالف مع أحزاب المعارضة، بالفروع كلّها باستثناء السابع ذلك الذي يضمّ موظفي القطاع العام وغالبيّتهم وظّفوا على قاعدة المحاصصات والزبائنية، بحسب ما تقول مصادر معارضة لـ”المركزية”. شارك في الانتخابات التي انطلقت في التاسعة صباحا واستمرت حتى الخامسة من بعد الظهر، 8008 مهندسين، مسددين اشتراكاتهم السنوية، بحيث تنافس المهندسون في لوائح لاختيار 283 مندوبا للهيئة العامة وتهيئة مرشحين لعضوية مجلس النقابة. وتعد انتخابات اليوم خطوة أولى للمعركة الثانية التي حدد مجلس النقابة موعدها في 18 تموز المقبل، لانتخاب نقيب وعشرة أعضاء جدد، بعد تأجيل الانتخابات أكثر من مرة بسبب جائحة كورونا.

هذا الاستحقاق بحسب المصادر، يشكّل بلا شكّ مؤشرا الى ما يمكن ان تحمله صناديق الاقتراع في ايار المقبل في الانتخابات النيابية. من هنا، فإن القلق مشروع من توجّه احزاب السلطة نحو تطييرها او ارجائها. فالنقابة تُعتبر عيّنة مصغّرة عن لبنان اذ يصوّت فيها مهندسون من المناطق كافة باستثناء الشمال. الدروس والعبر التي يجب استخلاصها من الارقام كثيرة، واوّلها للمجتمع المدني: في نقابة مهندسي الشمال، هو خسر وفازت الاحزاب لانه لم يعرف كيف يوحّد صفوفه ويضع لائحة موحّدة. اما في بيروت، ففاز “الثوّار”. هذا يعني ان اللبنانيين يريدون فعلا نمط عمل جديدا وخيارات جديدة: فاذا نجح المجتمع المدني في توفير هذا الخيار، فإنهم حكما سيمنحونه ثقتهم بعد ان فقدوا اي امل بالطبقة السياسية وقواها التي اوصلتهم بفعل ادائها الكارثي على مر ثلاثين عاما، الى الحضيض.

التأطير اذا ضروري جدا، لنقل “القرف” الشعبي، ونقل الثورة على “المحاصصة” و”الفساد” والمحسوبيات من الطرقات والشارع، الى مقاعد البرلمان فيصبح فاعلا ومفيدا، تتابع المصادر، فهل تنجح القوى التغييرية، اكانت التي افرزتها الثورة او تلك التي تُعارض من الداخل ايضا، في شبك الايدي والذهاب بلوائح وصفوف موحّدة الى انتخابات 2022، للبدء فعليا في عملية انتشال لبنان من الحفرة التي رمي فيها، والتي لن تنطلق الا بفك قبضة المنظومة عن المؤسسات الدستورية ومفاصلها؟