IMLebanon

الاحتجاجات الفردية تتدحرج في صيدا… والأسباب واحدة

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

تحت أشعة الشمس الحارقة، وقف الناشط وائل قصب وسط ساحة الثورة عند تقاطع ايليا مع ولده الصغير، رفع لافتة كتب عليها “كيفو زعيمك… عبّي البنزين بزلاعيمك”، بينما ولده رفع لافتة كتب عليها “سرقتولنا طفولتنا”، في تعبير عن الغضب الذي اجتاح ابناء المدينة ودفع بعضهم الى الاحتجاج فردياً على طريقته الخاصة رفضاً لتردّي الاوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع سعر الدولار الاميركي وأزمات البنزين والمازوت والغاز والدواء والغلاء وارتفاع الاسعار.

وقال قصب لـ”نداء الوطن”: “وقفتنا هنا من اجل توجيه رسالة الى الناس المؤيدين للزعماء، اليوم لا فرق بيننا، كلّنا سواء على خط الذلّ، عند محطات الوقود وفي الصيدليات ومراكز تعبئة الغاز، فالازمة تطال كل الناس بلا تمييز، اذا لم نكن يداً واحدة لن نغير شيئاً، فالتغيير بأيدينا ويبدأ من عند كل فرد، يجب ان نتّفق وننزل ضدّهم ونحمّلهم المسؤولية كاملة، لأنهم هم الذين اوصلونا الى هذه الانهيارات المتتالية وستصبح الامور اسوأ من الآن”. وأضاف: “لقد وضعت على فمي علامة “اكس”، اي اننا نحن الاغلبية الصامتة لن نبقى صامتين بعد اليوم، ونريد حقوقنا واقلها في الوظيفة والعمل وابسط حقوق العيش الكريم، من دون اللجوء الى الزعيم والوساطة، نحن الذين لا ننتخب يجب علينا التغيير في صناديق الاقتراع”.

وسرعان ما شاركه احد الموظفين في صيدلية “مرجان” القريبة من الساحة، ونزل اليها وهو يرتدي ثوبه الابيض، رفع لافتة حيث كتب على كرتونة “ما في دواء لبيّك، ما في حليب لابنك.. وخلّيك بالبيت”، في اشارة الى الاستياء الكبير الى حدّ التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تمنع الناس المتضرّرة من النزول الى الشارع والتعبير عن الاستياء والرفض والغضب معاً ممّا آلت اليه الاوضاع المعيشية، بعدما افقرتهم الازمات وجوّعتهم والبدء بمرحلة جديدة من التغيير”.

والاحتجاجات الفردية تدحرجت في أكثر من مكان في احياء المدينة وساحاتها، اذ اقدم صاحب احد مولدات الاشتراك الخاصة الذي يغذّي منطقة الفوار في صيدا، على قطع الطريق عند مستديرة العربي حيث ركن سياراته وسط الطريق، بعد نفاد كمية المازوت لديه وعدم تمكّنه من تأمين المادة لتشغيل مولّداته مع ما يترتّب على ذلك من اضرار لدى المشتركين لديه، ولا سيما المرضى واصحاب المحال الغذائية والمؤسسات التجارية والذين يحمّلونه المسؤولية في معاناة التقنين.

وعلى شاكلة التعبير، قطع سائقو سيارات الاجرة طريق عبرا – مجدليون بسياراتهم لبعض الوقت، قبل ان ينتقلوا الى تقاطع “ايليا” احتجاجاً على اقفال غالبية محطات الوقود ابوابها ورفع الخراطيم بعد نفاد مخزونها، او لحجبه بانتظار اعتماد التسعيرة الجديدة للمحروقات على اساس 3900 ليرة للدولار، ما حرمهم من التزوّد بالبنزين للعمل وكسب قوت يومهم، في ظل تردّي الاوضاع المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار الجنوني. وقال السائق حسين لـ “نداء الوطن”: “إن الوضع لم يعد يطاق ابداً، كل يوم اسوأ من السابق وازمة جديدة متحوّرة، هذا الاحتجاج تعبير رمزي على أنّ السائقين فجّروا غضباً واطلقوا عنان ابواق سياراتهم لانقاذهم من الفقر والجوع وبأنهم يريدون ابسط الحقوق تعبئة البنزين”، في وقت تواصل فيه ازدحام السير الخانق جرّاء طوابير السيارات المنتظرة امام المحطات سعياً وراء آخر قطرات بنزين من مخزونها.

وامتداداً، قطع عمال طريق المدينة الصناعية الاولى ومثلهم فعل اصحاب المحال التجارية في منطقة النجاصة بعدما تضرّرت مصالحهم مع ازدياد تقنين التيار الكهربائي وتقنين المولدات الخاصة بسبب نفاد مادة المازوت، حيث عادت الازمة الى الواجهة مُنذرة بتوقف عمل قطاعات تعتمد عليها من مستشفيات وافران ومولدات كهربائية خاصة، بينما استمرّ اقفال مراكز تعبئة وتوزيع الغاز المنزلي لليوم الثالث.

وكانت التحركات الاحتجاجية تواصلت ليلاً وتخللتها تجمّعات امام بعض المرافق الحكومية ورشق بعضها بالحجارة، كما حصل امام فرع مصرف لبنان ومؤسسة كهرباء الجنوب ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي في صيدا والتي تحطّم بعض زجاج واجهتها الرئيسية.