IMLebanon

تخبيصٌ سياسي وترقيع أمني – إقتصادي بدل التشكيل!

ليست الحكومة العتيدة في متناول اليد بعد، بل يبدو انها لا تزال بعيدة المنال. الاتصالات على خط التشكيل مقطوعة، أقلّه في العلن، فيما السجالات على حالها بين المعنيين بعملية التشكيل اي العهد والرئيس المكلف سعد الحريري. وقد شكّلت تغريدة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل امس، خير دليل الى ان الشرخ على حاله، حيث كتب “الأكيد انه لا يجوز الاستمرار كما نحن… على رئيس الحكومة المكلّف ان يحسم أمره اذا يريد ان يؤلّف او ان يعتذر، وفي حال استمرّت المماطلة، على المجلس النيابي ان يحسم أمره، امّا بتعديل دستوري لوضع المهل او بإستعادةه القرار، والّا فليعلن عجزه وينهي ولايته بتقصير مدّتها… ما منقدر نكفّي هيك”!

“فعلا ما منقدر نكفّي هيك”، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، لكن ليس في معرض تأييدها مضمون موقف زعيم “البرتقالي”، بل في سياق اعتراضها على كيفية تعاطي السلطة – والتيار ضمنا طبعا – مع الملفات المحليّة الملتهبة كلّها: سياسيا، لا تشكّل المنظومة حكومةً انقاذية مطلوبة بإلحاح اليوم قبل الغد، لوضع حد للانهيار الشامل الذي تتخبّط فيه البلاد منذ اشهر.

ماليا، “الترقيعُ” سيد الموقف ايضا. لا خطط واضحة ولا تخطيط، بل “تخبيصٌ” وعشوائية. بعد المسّ بالاحتياطي الذي يمثّل اموالَ المودعين، لمحاولة تلطيف ازمة الكهرباء والمحروقات – دون جدوى حتى الساعة – ها هي المنظومة تقرّ بطاقة تمويلية من دون ان تجد لها بعد، مصدرَ تمويل. رئيسُ مجلس النواب نبيه بري قال امس ان “تمويل البطاقة وكيفية التسديد سيبقيان على عاتق الحكومة”، فأين يمكن ان تجدها يا ترى؟ تسأل المصادر. والأنكى، انها أقرّت وقيمتُها تتراوح بين 93 و126 دولارا، فيما سعرُ صرف العملة الخضراء يحلّق وهو مرشّح لمزيد من الارتفاع، اي انه “سيأكل” قيمتَها قبل ان تصل الى جيوب الناس. كما انها أقرّت من دون ترشيدٍ للدعم وفق خريطة طريق منظّمة واضحة، بينما الحدودُ اللبنانية سائبة، اي ان التهريب سيستمرّ والسلع ستبقى مفقودة من السوق المحلية، فيما يتفرّج اللبنانيون على اموالهم تذهب الى سوريا على شكل محروقات وعلف وطحين… اما حديث بري عن قروض من صندوق النقد الدولي، مرتقبٌ ان تصل الى بيروت في ايلول، يمكن ان تموّل البطاقة، فكلامٌ “افتراضي” لا اكثر، سيما ان غياب الحل السياسي والاصلاحات في لبنان، سيعقّد مسار وصول هذه الاموال.

هذا في الاقتصاد. اما امنيا، فالسلطة السياسية تضع المؤسسات الامنية في وجه الناس، وتوكل اليها مهمّةَ ضبط الاستقرار و”قمع” الغضب الشعبي العارم الذي انفجر احتجاجا على الاوضاع المعيشية، وأبرز مسارحه كانت طرابلس في الساعات الماضية. اي ان المنظومة، تتابع المصادر، تضع الجيش والقوى الامنية في بوز المدفع، لتتحمّل هي تبعات “فشل الطبقة السياسية وعجزها عن التفاهم في ما بينها”. وهذا ما يمكن استنتاجه من مقررات اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي التأم الثلثاء الماضي في قصر بعبدا.

بدل ان تذهب الى لبّ الازمة وتعالجه بالمباشر عبر تشكيل حكومة وفق شروط المانحين تنخرط سريعا في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، السلطةُ تناور وتتذاكى وتتشاطر وتلتفّ على المشاكل من دون ان تتمكّن من معالجة اي منها. وهذا السلوك يبدو أنه سيطول حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة في ايار، هذا ان لم تقرر المنظومة تطيير الاستحقاق ايضا! وامام الامر الواقع المأسوي هذا، لا يبقى امام اللبناني الا ان يصلّي مع الحبر الاعظم البابا فرنسيس اليوم، على نيّة لبنان، علّ معجزة الهية تمسّ حكّامه وتوقظ ضمائرهم، تختم المصادر.