IMLebanon

لقاء الفاتيكان من أجل لبنان غدا توطئة لـ “التحرك كما يجب”

 

لم يَحُلْ تَأجُّجُ مَظاهر الانهيار المدمّر التي تتدحْرَج على طول خريطة القطاعات في لبنان وجغرافيته التي تملأها احتجاجاتٌ يغذّيها «تسونامي» ارتفاع الأسعار دون بروز تَرَقُّبٍ كبير ليوم «بلاد الأرز» في الفاتيكان حيث يستضيف البابا فرنسيس، غدا الخميس، رؤساء الكنائس «في لبنان» في لقاءٍ يحمل أبعاداً استثنائيةً على وقع ارتسام نذر الانفجار الشعبي مع ما يحمله من مخاطر عالية يُخشى أن يكون الأوان فات على تَدارُكها.

وفي حين شخصتْ الأنظارُ في بيروت اليوم على جلسة البرلمان التي أقرّت البطاقةَ التمويليةَ للأسر الفقيرة على أن تحدّد الحكومةُ المستقيلةُ مصادرَ التمويلِ والمستفيدين والتي انعقدت على وهج تَمدُّد «حريق» الأزمات التي حوّلت الشارع «برميل بارود» شهد «ميني انفجار» من عاصمة الشمال طرابلس، فإن «يوم الصلاة والتأمل من أجل لبنان» في الفاتيكان تَقاسَم المشهد الداخلي بوصْفه يتجاوز البُعدَ الكنسي – الروحي ليضع مجمل واقع الوطن الصغير على طاولة النقاش في تقاطُعٍ، أبعد من مجرّد «صدفة»، مع دينامية غربية – عربية متجددة بإزاء «بلاد الأرز» و… نكبتها.

 

وإذ سيحضر لقاء الفاتيكان عشرة من قادة الكنائس التي تتبع التقويم الغربي (تنتمي إلى كنيسة روما) والشرقي (المستقلّة عن الفاتكيان) ووزير خارجية الفاتيكان المطران بياترو كاليغر وأمين سرد الدولة الكاردينال بيترو بارولين وعميد مجمع الكنائس الشرقية ليوناردو ساندري، فإن هذا الحدَث الذي يستقطب اهتماماً عالمياً لن يبحث الوضع اللبناني من زاوية «مسيحية» بل وطنية ترتكز على أمرين:

الأول حماية «رسالة التعايش المسيحي – الإسلامي» التي تشكل ثابتة في نظرة الفاتيكان لـ «بلاد الأرز» ودورها.

والثاني على عدم إمكان الفصل بين «الهلاك» المالي – الاقتصادي – المعيشي الذي يعيشه لبنان وشعبه وبين المسببات السياسية التي تبدأ من العجز المتمادي عن تشكيل حكومة بمواصفات المجتمع الدولي تستعيد ثقته وتمهّد لإطلاق مسار الإنقاذ الموعود، ولا تنتهي بأكلاف اقتياد لبنان إلى لعبة المحاور وهو ما لم ينفكّ يعبّر عنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بدعوته الى مؤتمر برعاية الأمم المتحدة تحت عنوان «الحياد».

وسيشكّل هذا اللقاء الذي ينتهي بصلاةٍ (في بازيليك القديس بطرس) دعي اليها كل السفراء المعتمدين قبل أن يوجّه البابا كلمةً مهمةً، فاتحةَ طريقٍ لمسارٍ من «المبادرات التضامنية» على قاعدة ما أعلنه كاليغر قبل أيام من أن «الفاتيكان ليس بمقدوره لوحده مساعدة لبنان ولذلك يرى أن على الأسرة الدولية كلها أن تقف إلى جانب هذا البلد»، محدداً هدف اللقاء بـ «تكوين رؤية مشتركة مع رؤساء الطوائف ليكون لدينا وضوح في الرؤية ولنتحرك كما يجب».

وفيما دعا البابا فرنسيس أمس المؤمنين المتجمعين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان إلى أن «يتحدوا روحياً مع قادة الكنائس في لبنان الذين سيجتمعون غدا، وأن يصلّوا من أجل لبنان كي ينهضَ من الأزمة الخطيرة التي يمرّ فيها ويُظْهِر للعالم وجهه، وجه السلام والرجاء»، فإنّ أوساطاً واسعة الاطلاع استوقفها أن لقاء اليوم يأتي وسط إحاطة دولية مستعادة حيال الوضع اللبناني ارتسمتْ من خلال «ديبلوماسية العمل معاً» الفرنسية – الأميركية بهدف الدفْع نحو تشكيل حكومةٍ ذات صدقية وإنهاء الفساد مع «قيادةٍ حقيقيةٍ» وتنسيقِ «الضغط العِقابي»، قبل أن يتوسّع هذا المسار نحو المملكة العربية السعودية التي شارك وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان (أمس) في اجتماع مع نظيريه الأميركي انتوني بلينكن والفرنسي جان – ايف لودريان تناول شؤوناً عدة في المنطقة والواقع في لبنان.

وفي حين كان بارزاً أن بلينكن هو مَن تولى كشف تفاصيل اللقاء الذي عقد على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الـ 20 في ايطاليا، وذلك في تغريدة على «تويتر» قال فيها «أجريتُ مناقشة مهمة مع نظيري السعودي ‏والفرنسي حول ضرورة أن يُظهر القادة السياسيون في لبنان قيادتهم الحقيقية من ‏خلال تنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتوفير ‏الإغاثة التي يحتاجها الشعب اللبناني بشدة»، فإن مشاركة بن فرحان اكتسبتْ أهمية كبرى باعتبارها أول إطلالة سعودية على الواقع اللبناني من ضمن سياق مسار ديبلوماسي محدّد الهدف وذلك بعد «نأيٍ بالنفس» بدا أقرب إلى «إعلان اليأس» من أي تغييراتٍ في ضوء مؤشرات انزلاق «بلاد الأرز» بالكامل الى المحور الإيراني.

وإذ لاحظت الأوساط أن بلينكن كان التقى يوم الاثنين البابا فرنسيس وكبار المسؤولين في الفاتيكان حيث حضر الملف اللبناني في المباحثات، فإنها توقفت عند اللقاء الذي عُقد اليوم واعتُبر في إطار استكمال «اللقاء الثلاثي» في ايطاليا بين السفير السعودي في بيروت وليد يخاري والسفيرة الأميركية دوروثي شيا.

وقد أعلن بخاري أن اللقاء تخلله «عرض أبرز المستجدات في الشأن اللبناني، مع تأكيدي للموقف السعودي الذي يُشدد على التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله، وضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني».