IMLebanon

في قرى النبطية “ما في مي”

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

دخلت أزمة المياه على خط الأزمات التي يواجهها المواطن يومياً، أدّى التقنين القاسي في التيار الكهربائي والإشتراك الى إنخفاض مستوى التغذية الى ساعتين كل إسبوع، وهي مدّة غير كافية لملء ربع خزان مياه، ما يضطر المواطن لشرائها عبر صهاريج وصلت النقلة الواحدة الى الـ110 آلاف ليرة، وهي كلفة غير مقنعة لصاحب الصهريج الذي يضطر لشراء البنزين والمازوت من السوق السوداء فيصل الغالون الواحد الى 70 و80 الف ليرة، فيما يشتري النقلة من البئر الموزع للمياه بـ50 الف ليرة، ووفق أصحاب الصهاريج فإن النقلة يفترض ان تصل الى 300 و400 الف ليرة لبنانية، لأن أي عطل في الصهريج يكلف بحدود الـ20 والـ30 مليون ليرة لبنانية، اي بحدود عمل 3 الى 4 أشهر متواصلة، وهو ما يهدّد مصلحة نقل المياه التي عادة ما تحل بديلاً عن مياه الدولة التي تدخل في التقنين القاسي مع بداية فصل الصيف وتستمرّ حتى بداية فصل الشتاء، إذ وِفق نزيه أحد أصحاب الصهاريج، فإنّ “سعر النقلة اليوم مجحف بحقّنا، نتيجة ارتفاع البنزين والمازوت وأيضاً قطع الصيانة التي يتوجب علينا شراؤها بالدولار الفريش، وهو ما يضعنا أمام معضلة خطرة سيما وأننا نتقاضى باللبناني”.

منذ بدء أزمة تقنين التيار الكهربائي وشح مادة المازوت التي تغذي مولدات محطات ضخ المياه داخل القرى، وأزمة المياه تتفاقم، إذ يضطر المواطن لشراء صهريجين كل إسبوع بمعدل 220 الف ليرة أي بما يعادل 880 الف ليرة في الشهر، وهي كلفة تفوق معاش العامل اليومي وحتى الموظف الحكومي، وبالتالي فإن المواطن قد يضطر للدخول في ترشيد استهلاك المياه بشكل قاس، لان “الحالة بالكحالة”.

“ما في مي”، عبارة يردّدها المواطن اليوم في مختلف قرى النبطية، فالازمة تعدّ الاسوأ في تاريخها سيما وأنها تقترن بسلة الازمات الاخرى: البنزين، الدواء، الخضار، المازوت، ويُعدّ فقدان المازوت والتقنين سبباً رئيساً، ووفق فادي “شو بعد في ما شفنا”. فادي الذي يضطر لشراء صهريج مياه بكلفة 120 الفاً كل ثلاثة أيام، يأسف “اننا بتنا نعيش في لبنان ينعى مواطنيه”، بحسبه “لا يكفينا ازمة تقنين الاشتراك والكهرباء حتى نضطر لشراء المياه للشرب وللاستهلاك، فأين نحن نعيش”؟ على ما يبدو أن الازمات تفرّخ كالفطر، “من وين بدنا نلاقيها” تقول فاطمة وتأسف “أننا انحدرنا الى مستوى جنهم السابعة”، كانت تصلها المياه مرتين في الاسبوع، واليوم بالكاد تصل ساعتين، وهو ما تصفه بالكارثة الاقتصادية، بعدما تضاعفت الفواتير التي تصرف جميعها وِفق سعر صرف السوق السوداء أما المعاش باللبناني وبالحدّ الادنى، وتسأل “أين يذهب المازوت الذي يؤمنه الخيّرون في البلدة”؟ بحسبها “جرى تقديم هبة مازوت قبل عدة ايام من عدد من المتمولين لمولدات الآبار لكي يجري ضخّ المياه للبلدة غير أن المازوت تبخّر وبقي التقنين على حاله، من سيّىء الى أسوأ، وتجزم بأن “الفساد ينخر الجميع، ففي ظل انهيار الليرة الكل يرتشي، ونحن بدنا نتحمّل”.

مما لا شك فيه أن المواطن اليوم يدفع ضريبة غياب المشاريع المائية المنجزة بالدراسات فقط، في حين لو كتب للجنوب ان يحظى باستكمال مشروع الليطاني والسدود المائية على الانهر من الزهراني الى الليطاني وغيرها لما كان وقع ضحية ازمة مياه وازمة شح بالمازوت والتيار الكهربائي، فوِفق المخطط كان سيحصل توليد للتيار الكهربائي من المياه، غير أن المشاريع كلها يبدو محرّمة على ابناء النبطية والجنوب لغايات في نفس يعقوب الزعماء فيما نواب المنطقة لم يحملوا هذا الملف ويدفعوا به نحو التنفيذ بل بقيت وعودهم خطابات انتخابية، واليوم يدفع المواطن ضربة الجزاء من جيبه المفلسة اصلاً، فمن بيده حل ازمة المياه؟ أم انها مثل صديقاتها الازمات لا حل لها في بلد الفساد المسرطن؟