IMLebanon

مباراة “ودية” بين بيطار والسلطات التشريعية والقضائية والعسكرية!

ضرب المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار ضربته الكبرى قبل شهر على الذكرى السنوية الاولى للنكبة التي حلت ببيروت واللبنانيين جراء انفجار العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، بهدوء، وبطريقة اعادت الى الأذهان ما آلت اليه جهود المحقق العدلي السابق فادي صوان بفارق وحيد ان خطوات الترحيب بالإجراءآت التي اعتمدها البيطار جاءت مفاجئة على عكس ما جرى عندما اقدم صوان على الخطوة عينها وهو ما كلفه التنحي عن الملف في الأسبوع الثالث من شباط الماضي بعدما ادعى في العاشر من كانون الأول نهاية العام الماضي على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص.

ثمة من يعتقد في الشكل قبل المضمون، ان صوان لم يلتزم بالإجراءات القانونية التي تدفع الى تلك الخطوة والتي لجأ اليها البيطار. فصوان اتهم يومها بأنه تجاهل المراجع الدستورية والقانونية والنقابية التي تسمح له بملاحقة من يتمتع بحصانة نيابية او قانونية فلم يراسلها ولم يطلب إذنها المسبق رغم وجود وجهة نظر قانونية تسمح بتلك الخطوة في مثل الحالات التي يواجهها المحقق العدلي عند النظر بما حصل في المرفأ ما يسمح له بتجاوز بعض الشكليات.

وإن لم يكتف البعض بهذا التمييز في التدابير التي اتخذت بين الرجلين، فقد اعتبر آخرون ان البيطار وسع بيكار الادعاءات ليشمل من لم يتناولهم صوان في تلك المرحلة ولو بشكل علني رغم معرفة البعض انه كانت في ذهنه مجموعة أخرى من المسؤولين الذين سيخضعون للتحقيق، فذهب البيطار في العلن ابعد منه في اتجاه السلك العسكري والسلك القضائي ليدعي على زملاء له كانوا في مواقع المسؤولية عندما تعاطوا بالملف عينه.

ورب قائل بين مجموعة الآراء هذه، ان لائحة الادعاءات التي كان صوان ينوي القيام بها كانت أشمل وأوسع من تلك التي كشف عنها البيطار حتى اليوم، وكانت ستطال مسؤولين حاليين كانوا في مواقع المسؤولية منذ إدخال نيترات الامونيوم الى المرفأ وحتى لحظة الإنفجار وقد تجاوزهم المحقق العدلي الجديد في الاعلان عن اللائحة التي يرغب بالتحقيق معها والإستماع الى معلوماتها بشأن الجريمة والتمادي في الاهمال الى درجة السماح بوقوع الكارثة ولو بغير قصد.

وبعيدا من هذه الملاحظات التي لا يمكن ان يتجاهلها احد، فقد اعتبرت مصادر قضائية وسياسية عبر “المركزية” ان ما اقدم عليه البيطار وجب النظر اليه من أكثر من زاوية وجانب. فهو بإعلانه عن مجموعة التدابير سلك الطريق القضائية والدستورية الصحيحة وحشر الجميع في مواقعهم النيابية والدستورية والقانونية والقضائية وعطل أي رد فعل يمكن ان يظهر من خلاله اي استنسابية في التعاطي مع الجريمة.

كما توقف هؤلاء امام نجاح البيطار في تهيئة الظروف التي دفعته الى هذا الطلب بعدما لجأ اليه في مرحلة تلت الإفراج عن عدد من الموقوفين الذين وضعوا على لائحة المظلومين والذين قاموا بواجباتهم ضمن حدود المسؤولية المناطة بهم فاوقفوا وبقي من يراسهم ويتحمل المسؤولية بفعل التراتبية الإدارية والمسلكية حرا طليقا. وان شاء البعض ان يعدل في تعاطيه مع آلية العمل التي اعتمدها المحقق السابق فهو يعترف ان توقيف البعض منهما كان الى حد ما لمصلحتهم وحمايتهم الشخصية وضمان سير التحقيقات في المراحل الاولى من التحقيق.

وان عادت المراجع عينها الى الإشارة الى الظروف التي سمحت للجميع الى خوض السباق في التجاوب مع قرارات البيطار الأخيرة، فإنها تتحدث عن مراحل إدارية طويلة الامد لا بد من سلوكها وان النقاش سيتجدد حول الجهات الصالحة لمحاكمة الرؤساء والوزراء ان اعطيت الأذونات الصالحة لرفع الحصانة عنهم بعد خضوعهم للتحقيق.

والى هذه الملاحظات سيظهر في الايام المقبلة ان هناك فجوة قضائية وعدلية وقانونية كبرى بغياب المجلس الاعلى للقضاء الذي تعطل دوره وبات “خارج الخدمة الفعلية” منذ نهاية شهر ايار الماضي للنظر في بعض الأذونات الواجب توفرها للمضي في التحقيق مع القضاة، كما سيلقي الضوء على الإضراب المفتوح في نقابة المحامين للغاية عينها.

والى ان يثبت نوع الجرم المرتكب من قبل من سيخضع للتحقيق يمكن ضبط الأمور، فبعض من استدعوا الى التحقيق ومن بينهم كبار الضباط واثقون من براءتهم ولديهم ما يكفي من الادلة التي تعزز الثقة بالنفس بانهم لم يخطئوا وهو ما سيدفع في المرحلة المقبلة الى ما يعتبره مرجع قضائي سابق “مباراة ودية” بين المحقق العدلي والمراجع السابقة الذكر وانه من غير المضمون تقدير المراحل التي ستعبرها ومن سيكون الفائز فيها.