IMLebanon

تحقيقات “بيروتشيما” أمام منعطف… فهل “تنجو” من السياسة؟

جاء في الراي الكويتية:

من خلف غبار الانهيار الذي يُطْبِق على لبنان، لاحتْ خطوةٌ تشي بإمكان أن تحمل «نصف» بصيصَ أمل بإمكان محاسبة كل حلقة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب 2020 وتسبب بسقوط أكثر من 200 ضحية و6500 جريح ودمار نصف العاصمة اللبنانية.

فغداة توسيع المحقق العدلي في «بيروتشيما» القاضي طارق البيطار، دائرة المستدعين والمدعى عليهم «بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير» لتشمل إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، نواباً حاليين ووزراء سابقين وقادة أمنيين طلب رفع الحصانة عنهم وأذوناتٍ تمهيداً لملاحقتهم والادعاء عليهم، بقي السؤال الكبير في بيروت، هل ستكتمل حلقات الحقيقة في هذا الملف بكشْف الجانب الأهمّ المتمثّل بكيفية وصول شحنة نيترات الامونيوم (2700 طن) إلى المرفأ ومَن غطى تخزينها لنحو 7 أعوام قبل انفجار ما بقي منها (نحو 500 طن) وإلى أين ذهبت الكميات «الضائعة”؟

علماً أن استناباتٍ قضائية كان سطّرها المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان (قبل تنحيته في شباط الماضي) حول رجال أعمال سوريين يحملون الجنسية الروسية ذكرت تقارير أنهم قريبون من النظام السوري وأنهم يقفون وراء صفقة شراء «شحنة الموت» من جورجيا بواسطة شركة مسجلة بأسمائهم في بريطانيا وشحْنها الى مرفأ بيروت.

وبأي حال شكّلت خطوة البيطار التي رحّب بها ذوو الضحايا بشدّة تطوراً بارزاً في هذا الملف بدا معها أن المحقق العدلي، الذي يُرجح أن يصدر قراره الظني في غضون شهرين أو ثلاثة، سعى لتفادي أي ثغر قانونية يمكن أن يجري«النفاذ»منها للانقضاض السياسي على خطوته وفق ما حصل مع سَلفه في كانون الثاني الماضي حين ادعى على دياب فاعتبرت دار الفتوى آنذاك «أن الادعاء على مقام رئاسة الحكومة هو استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور»، كما على وزراء المال والنقل السابقين علي حسن خليل خليل، غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، فتقدّم الأولان حينها بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر، متّهميْن صوان بخرق الدستور بادعائه عليهما من دون المرور بالبرلمان الذي يمنحهما حصانة دستورية.

وإذ حدّد البيطار موعداً لاستجواب دياب، كمدعى عليه (من دون أن يعلن عن هذا الموعد)، فإنه وجّه كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية، طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن كل من حسن خليل وزعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجه كتابين إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الإذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، وإلى نقابة المحامين في طرابلس لإعطاء الإذن بملاحقة فنيانوس.

وفي السياق نفسه، طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، كمدعى عليه، كما طلب الإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وملاحقته. ووجه أيضاً كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية بحسب الصلاحية، طلب فيه إجراء المقتضى القانوني في حق قضاة.

وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادعى البيطار على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، العميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، العميد السابق في المخابرات جودت عويدات.

وكان لافتاً أن زعيتر وعلي حسن خليل أعلنا استعدادهما فوراً، وقبل صدور الإذن المطلوب، للحضور أمام المحقق العدلي لإجراء اللازم، وسط تأكيد رئيس البرلمان نبيه بري (الوزيران السابقان محسوبان عليه) «اننا مع تطبيق القانون مئة في المئة»، في موازاة تشديد المشنوق على أنه مستعدّ للمثول أمام البيطار، سواء رُفعت عنه الحصانة أم لم ترفع وبحسب الأصول القانونية بهدف كشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت.

أما الوزير محمد فهمي فتفادى إعطاء موقف جازم حيال إعطاء الإذن لملاحقة اللواء ابراهيم أم لا، معلناً أنه لم يتسلم أي كتاب بعد بالطلب، وعندما يتسلمه سيحيله على الجهات القانونية في الوزارة لدرسه، لافتاً إلى«أن اللواء إبراهيم إنسان قانوني ولايزال يحمي القانون وما سيقوله القانون سننفذه وليس لدي أي معطى».

وكان الانفجار الهيروشيمي في المرفأ حضر في كلمة السفيرة الأميركية دورثي شيا في الاحتفال لمناسبة ذكرى استقلال بلادها، إذ قالت «نحن هنا في لبنان، فيما نقترب من الذكرى السنوية الحزينة لانفجار المرفأ، إننا ننضم إليكم في الدعوة إلى المساءلة وختم الملف، أولاً وقبل كل شيء من أجل الضحايا، ولكن على نطاق أوسع لكل مَن يريد أن يطوي صفحة الطريقة القديمة في ممارسة العمل. كما نشارككم في التطلع إلى انتخابات العام المقبل التي تُعتبر في بعض النواحي الشكل النهائي للمساءلة أمام الجمهور».