IMLebanon

هل تُطيّر المنظومة الانتخابات؟

غداة انفجار ٤ آب المدمر، سارع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت المنكوبة، حاملا في جعبته حلا سياسيا يخفف عن اللبنانيين وطأة الانهيار الشامل، الذي رآه، تماما كما الشعب اللبناني الذي انتفض في ١٧ تشرين، مسرع الخطى نحو لبنان المنخور بالفساد المالي والاقتصادي والسياسي والاخلاقي.

وضعت باريس حينها خريطة طريق طلبت من القوى السياسية تنفيذها، فتتألّفَ حكومةُ انقاذ سريعا، يأخذ المجتمع الدولي بيدها، لتؤمّن ايصال المركب اللبناني المشلّع، بأقل الخسائر والاكلاف، الى بر الامان. اهل المنظومة ابلغوا سيد الاليزيه في ايلول، موافقتهم على المشروع هذا، وهو صدّقهم، قبل ان تُعرّفه التجربة إليهم والى طينتهم وحقيقتهم. فبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة للمركزية، هم اخذوا ماكرون الى البحر وردوه عطشانا، وقد باعوه اوهاما واكاذيب، تماما كما يفعلون مع ناسهم منذ عقود.

ازاء هذا السلوك الأرعن وغير المسؤول، خاصة وان البلاد تنهار، وأكثر من نصف الشعب بات تحت خط الفقر، تحوّلت المنظومة الى “مجموعة غير مرغوب فيها” اذا جاز القول، منبوذة من عواصم القرار التي تقاطعها ولا تتعامل او تتعاون معها، بل تفرض عقوبات على اركانها لضلوعهم في الفساد او الارهاب، وفي تدمير بلد وشعب ونهب امواله وصحته ومستقبله واحلامه.

من هنا، بات الخارج يعتبر ان لا مجال للاتكال من الآن فصاعدا، على القوى الحاكمة، في اي حل او تسوية حقيقية لانتشال لبنان من الحفرة. وعليه، هو يدرس خيارات تقوم على تمرير الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية بالتي هي احسن، وفي ضوء نتائج هذا الاستحقاق، يبني المجتمع الدولي على الشيء مقتضاه. فاما يفرز هذا الاستحقاق طبقة جديدة جديرة بالثقة، تتعاون مع صندوق النقد الدولي وتشرع في الاصلاحات، فيتشجع المانحون على ارسال اموالهم واستثماراتهم الى لبنان الدولة من جديد، او يبقى القديم على قدمه: الحكّام ذاتهم والقطيعة الخارجية ذاتها والمأساة المعيشية ذاتها.

ولعل ما قاله وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن منذ اسبوع في هذا الشأن، عقب اجتماعه بنظيره الفرنسي في باريس “نحتاج الى قيادة سياسية جديدة في لبنان”، يشكل اسطع دليل على التوجّه الدولي هذا.

وفي السياق، تتابع المصادر، ان الذهاب الى حكومة انتخابات، مع السعي لأن تكون الانتخابات مبكرة، يُعتبر الخيار الاكثر تقدما في الاروقة الدولية راهنا.

في رأي المصادر، باتت المنظومة اليوم من الماضي في حسابات “الكبار”. وبعد الزخم الدولي المتجدد ازاء ازمة لبنان، في ضوء الاهتمام القوي الفاتيكاني، الفرنسي، الاميركي، العربي، بقضيته، يمكن القول ان الاحداث تجاوزت أو ستتجاوز اهلَ الحكم في لبنان، وقدرتُهم على التأثير فيها ستتلاشى تباعا. قد ينجحون في التعطيل والعرقلة لاسابيع اضافية بعد، الا ان نفوذهم يقف عند هذا الحد. والشعب كما الخارج، عيونهما على رحيلهم ورهانُهما على التغيير… فهل تحصل الانتخابات ام تطيّر المنظومة هذا الاستحقاق “المفصلي”؟ واذا حصلت، هل يقترع اللبنانيون على نحو سليم، ام يمددون اقامتهم في جهنم؟!