IMLebanon

“الحزب” لتبرئة ساحته: واشنطن تجوّعنا لإخضاعنا!

جاء في “المركزية”:

مرة جديدة، رمى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله المسؤولية الاساس في معاناة اللبنانيين، على الولايات المتحدة. في خطابه امس، قال: “السفيرة الأميركية تذرف دموع التماسيح في لبنان، وحكومتها تمنع أي دولة في العالم من أن تقدّم أي مساعدة او هبة او وديعة للبنان وذلك خدمة للمشروع الاسرائيلي”. وإذ لفت الى أن هناك خوفًا لدى البعض من أن يضعهم الأميركي على لائحة العقوبات، سأل: “ألا يستحق لبنان وشعبه من أجل إنقاذه معيشيا أن يتحمل السياسيون أن توضع اسماؤهم على لوائح الشرف الأميركية”؟ وتوجه الى اللبنانيين: “أيها اللبنانيون إعلموا أن الشريك في تدمير عملتكم الوطنية وفي ما تعيشونه من مصائب هي الادارة الأميركية والسفارة الأميركية في لبنان التي ستضحك عليكم بكمّامتين أو ثلاث ولكن بابتسامة خبيثة”.

بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن كلام نصرالله فيه الكثير من اللعب على الوتر “التجييشي” وفيه محاولة لاقناع شعبه بأن الصمود والصبر على هذه المأساة اليومية، يُعتبر شكلاً من اشكال “المقاومة”، اذ انها مفتعلة ويريدها الاميركيون لاخضاع لبنان وجعل شعبه “يركع” لمخططاتها، وعلى رأسها التطبيع مع العدو الاسرائيلي. هذه غاية الامين العام الاولى من هذا “المنطق”: شدّ عصب بيئته ودفعُها الى التحمّل و”كظم الغيظ” والعض على الجرح، وإلا سجّل علينا “الشيطان الاكبر” نقطة. وبحسب المصادر، الحزب بات يدرك ان قاعدته، اكانت في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب او البقاع، ضاق ذرعها بالاوضاع المعيشية الصعبة وبالذل اليومي الذي ما عاد يطاق، اكان كهربائيا او “محروقاتيا” او لناحية الغلاء الفاحش الذي يصيب كل شيء. وقد شهدت هذه المناطق في الايام الماضية سلسلة تحركات احتجاجية، وان بقيت محصورة في المكان والزمان والعدد، توجّه المشاركون فيها بالمباشر الى نصرالله قائلين: “نحنا ما بقى قادرين نحمل، نحنا جعنا وتبهدلنا”.

وفق المصادر، نصرالله يعرف ايضا ان هذا الكلام، اي تحميل الادارة الاميركية مسؤولية الأزمة، ما عاد “بيّيعا” ولم يعد “يشتريه” احد الا عناصر الحزب، اي الذين يقبضون منه رواتب بالدولار. لكن ليس في جعبة الضاحية اي سلاح آخر تستخدمه حاليا لتبرئة ساحتها وتبرير موقفها امام شارعها. فعلى صعيد النفط، البواخر الايرانية التي تحدث عنها نصرالله لم تصل الى بيروت بعد، وثمة خلافات، حتى داخل البيت الشيعي على ما يبدو، حول صوابية استقدامها الى لبنان. اما كهربائيا، فوزير الطاقة ريمون غجر محسوب على التيار الوطني الحر، اي هو حليف لحزب الله، فكيف يمكن انتقاد ادائه، علما ان الوزارة كانت في عهدة البرتقالي منذ عقود ووعدت بكهرباء 24/24 فاذا بها تنعدم حتى في العاصمة وتتحوّل الى المستنزف الاول ليس فقط لاموال الخزينة بل لاحتياطيات “المركزي” الالزامية اي لأموال المودعين والناس! والامر نفسه، يسري على وزارة الاقتصاد وعلى نشاط الوزارات كلّها، ذلك ان حكومة اللون الواحد، كان حزب الله عرّابها الروحي، وها هي اليوم تتفرّج على الانهيار ولا “تضرب ضربة” للتخفيف من وطأته… اما اكثر ما يفرّغ مطالعة نصرالله من مضمونها، فهو ان العرب والخليجيين، الذين هم أكبر سند للبنان في ازماته، ابتعدوا عن بيروت بسبب تصرفات حزب الله سياسيا وعسكريا وجرّه لبنان الى الخندق الايراني في المنطقة، وليست واشنطن من يمنعهم من العودة الى بيروت، بل سلوك الحزب المدمّر المسؤول اولا وآخرا عن جر لبنان الى المحور وتدفيعه ثمن هذا الانجرار!

اما  سياسيا، فصحيح ان الحزب يسعى، كما يقال، إلى ترطيب الاجواء وإيجاد حلّ توفيقي بين العهد من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ثانية، داعما جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا المجال. غير انه حتى الساعة يكتفي بالمواقف الكلامية وبدعوة “الجميع” الى تقديم تنازلات، الا انه يتمسك بالحريري من جهة ولا يضغط على حليفه النائب جبران باسيل للتخلي عن شروطه من جهة ثانية، في معادلة تحول دون ابصار الحكومة النور منذ شهور. وطالما لا حكومة، لن تكون مساعدات وسيستمر الانهيار.

بعد هذه المعطيات كلّها التي لا تلعب بتاتا لمصلحته، اليس المخرج الاسهل للحزب للتنصل من مسؤولياته تجاه اللبنانيين وناسه، الصاق تهمة التجويع و”التفقير” بواشنطن؟!