IMLebanon

لبنان “يتسوّل”… وعين المجتمع الدولي على آلية صرف المساعدات

على قاعدة الشفافية يحاول المجتمع الدولي تقديم المساعدة للشعب اللبناني الذي وصل ثلث عدده إلى ما دون خط الفقر. وقد أثبتت التجربة مع المنظومة الحاكمة أنها أبعد ما يكون من مبدأ الشفافية في صرف الأموال المخصصة لها. ممثل لبنان والمجموعة العربية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي محمد محيي الدين أعلن أمس خلال زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه أعلم رئيس الجمهورية ميشال عون أن “صندوق النقد الدولي سيعمد إلى تخصيص لبنان بما يوازي 860 مليون دولار أميركي من ضمن برنامج متكامل بوحدات حقوق السحب الخاصة تبلغ قيمته 650 مليار دولار تُوزَّع على 190 دولة وذلك خلال الشهرين المقبلين”.

وعلى رغم الاقتناع الدولي بأن السلطة الحاكمة لا تستحق أن يقدّم لها المجتمع الدولي أي دعم او مساعدة مالية، بل مقاطعة تامة، إلا أن هذه الاموال هي حصّة لبنان من حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء (SDR) في صندوق النقد الدولي لدعم الاحتياطات العالمية. فهل تصل إلى جيوب مستحقيها أم تصرف على مشاريع الفساد؟

عضو كتلة “الوسط المستقل” النائب نقولا نحاس أكد لـ”المركزية” أن هذه الأموال ملك الدولة اللبنانية ولها الحق في التصرف بها بحسب القانون لكن يفترض عليها أن تضع سياسة إقتصادية واضحة. وهذا الأمر منوط بالحكومة وللأسف هي مستقيلة من كل مسؤولياتها. والمطلوب من رئيس حكومة تصريف الأعمال أن يعي مدى خطورة الوضع الإقتصادي ويصار إلى دعوة الوزراء لدراسة كيفية صرف المبلغ”.

الدولة موعودة بـ860 مليون دولار أواخر آب المقبل من صندوق النقد الدولي، من دون أي قيد او شرط حول كيفية استخدام تلك الاموال. وللتوضيح، المبلغ ليس عبارة عن سيولة نقدية بل أصول احتياطية يمكن لمصرف لبنان المطالبة باستبدال جزء منها او كاملها في أي وقت، بالسيولة النقدية مع تسديد فائدة على مبلغ حقوق السحب الخاصة الذي سيحوله إلى عملات أخرى. وبالتالي فإنّ تحويل هذا المبلغ إلى عملات أخرى هو بمثابة الاستدانة والحصول على قرض.

على خط آخر، تتوزع حركة المساعدات من قبل المجتمع الدولي على 3 قطاعات: الغذاء والمدارس والصحة. رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي أوضح عبر “المركزية” أن المجتمع الدولي بات يدرك حقيقة الأزمة الإجتماعية والإقتصادية في لبنان ويدرك أيضا أن المنظومة الحاكمة غير جديرة بالثقة، من هنا يعمل على اعتماد آلية جديدة وذلك عبر جمعيات موثوق بها بعدما كانت تمر عبر المؤسسات الرسمية”.

ويضيف نيسي: “بحسب آخر الدراسات الإحصائية فإن عدد العائلات اللبنانية المصنفة ما دون خط الفقر وصل إلى 780 ألف عائلة بعدما كان محددا بـ 350 ألف عائلة عند طرح مشروع البطاقة التموينية مما يعني أن مبلغ الـ295 مليون دولار الذي كان مقررا صرفه على البطاقة التموينية بات من الماضي ويحكى اليوم عن مبلغ تراوح قيمته بين 700 و800 مليون دولار”.

وأوضح “أن المساعدات الدولية تصل إلى لبنان عبر جمعيات كاريتاس لبنان والصليب الأحمر اللبناني الذي قام بتخصيص مبلغ 850 دولار شهريا لـ10 آلاف عائلة متضررة من جراء تفجير مرفأ بيروت على مدى 6 أشهر وكذلك فعلت كاريتاس لبنان”.

لا يخفي نيسي وجود جمعيات وهمية “فهناك 647 جمعية ظهرت بعد تفجير مرفأ بيروت لكن آلية المساعدات الدولية اليوم تعتمد على جمعيات جديرة بالثقة الدولية ومعترف بها رسميا في الداخل والخارج. وإلى الجمعيات شكلت الكنيسة الكاثوليكية لجنة جديدة من مهماتها صرف وتوزيع المساعدات التي تصل من فرنسا وهي مخصصة للمدارس الخاصة”.

لم يعد خافيا على المجتمع الدولي أن قدرة لبنان على الصمود والإستمرار باتت رهن مساعدات المجتمع الدولي. ويختم نيسي “للمرة الأولى في تاريخه يتحول لبنان إلى بلد منكوب وفقير يعيش على المساعدات التي تصله من الخارج. صحيح أن المبالغ التي تصل عن طريق المساعدات طائلة والأهم أن المجتمع الدولي على بينة من الآلية التي تصرف من خلالها بعدما أهدرت المؤسسات الرسمية المبالغ التي كانت تصلها على مشاريعها الفاسدة والوهمية. لكن كل هذا لا يبطل صفة “التسول” التي باتت مرتبطة ببلاد الأرز والحضارات. ولنأمل أن تكون غيمة عابرة وإلا نصبح على قائمة الدول الأكثر فقرا إلى الأبد”.