IMLebanon

إعتذار الحريري يصيب بري… خلط أوراق وتحالفات جديدة

جاء في “المركزية”:

غريبة كانت ردة فعل الشارع على اعتذار الرئيس الذي كان مكلفاً تشكيل الحكومة سعد الحريري حتى يوم امس. صحيح  كانت متوقعة وطبيعية في عقر داره  من الطريق الجديدة الى الكولا وبعض مناطق طرابلس، لكنها ليست كذلك مثلا على اوتوستراد حسن نصرالله حيث عمد شبان الى قطع الطريق عند مفرق بئر العبد في الضاحية الجنوبية، وليست كذلك في ردات الفعل الغاضبة من جمهور حركة امل الذي بات على ما تفيد اوساط قريبة منه محتقناً نتيجة افشال مساعي الرئيس نبيه بري الهادفة الى انقاذ البلاد مما تخبط فيه من ازمات خانقة لم يعد هذا الجمهور، كما سائر اللبنانيين قادرا على العيش تحت وطأتها وقد انتفض في اكثر من منطقة من المناطق المحسوبة على الثنائي الشيعي، رافضا استمرار العيش بالذل والقهر والجوع مهما كان العنوان والشعار السياسي المرفوع من قبل المقاومة مغرياً ومداعبا مشاعر البيئة الشيعية.

من هذا الواقع، تنطلق مصادر سياسية في المعارضة لتقول لـ”المركزية”، بعد اعتذار الحريري وقبله في فترة الضغوط الدولية والداخلية القوية لحمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على قبول تشكيلة الرئيس المكلف وفك اسر الحكومة ، حصل الكثير مما من شأنه قلب الاوراق والتأثير المباشر على ما تبقى من تحالفات سياسية وعلاقات القوى بين بعضها البعض وقد تظهرت جلية في مقابلة الرئيس الحريري المتلفزة امس. ولعل اكثر المتشظين من الاعتذار هو الثنائي الشيعي، اذ ان الرئيس نبيه بري الذي يقرأ جيدا في قاموس تبدّل المزاج الشعبي وتداعيات ما يحاك اقليميا ودوليا على الداخل اللبناني يتجه نحو ما يراعي بيئته ويناسبها، خلافا لحزب الله الذي تتخطى ابعاد مشروعه الاقليمي عتبة الشارع ومزاجه، مما يجعله متمسكا اكثر بورقة عدم الافراج عن الحكومة الى حين صدور الامر الايراني ، وأوانه لم يحن بعد بحسب المعطيات الميدانية، موظفا عراقيل حليفه المسيحي في اتجاهي تنفيذ رغبات ايرانمن جهة  وبيع الورقة للتيار الوطني الحر باعتباره داعما مطالبه من جهة ثانية فيما هو يدعم العرقلة من اي وجهة اتت، فلحظة ولادة الحكومة لم تحن بعد ومخاضها عسير جداً.

وكي لا تنكشف اوراقه وتظهر “عورات اقترافاته” فاقعة، تمنى الحزب، بحسب المصادر المعارضة على جمهور التيار الوطني الحر، عدم اعتبار اعتذار الحريري انتصارا له والاستثمار فيه، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي لم تشتعل على عادتها في محطات مماثلة، فكان له ما اراد كرد جميل لوقوفه الى جانب التيار ضد الحريري.

التطورات هذه، توضح المصادر ستبرز انعكاساتها على المسرح الانتخابي الذي بدأ ” الممثلون” تجارب ما قبل العرض عليه، وانبرى كل طرف الى الانكباب على التمارين والتجارب الضرورية لنجاحه. في البيئة الاسلامية والدرزية لن يشهد استحقاق ايار كبير التغيير استنادا الى استمرار امساك قوى الامر الواقع بناصية الشارع ولو ليس الى الحد الاقصى كالعادة، فرغبة التغيير تجتاح جزءا كبيرا من بيئته والنقمة الشعبية لا بد ستفعل فعلها. بيد ان المتوقع من تبدّلات في المشهد السياسي المسيحي لها كبير الوقع حتما، ما دام المزاج الشعبي شهد ويشهد تقلبات قوية من شأنها ان تحجب الاصوات الانتخابية بنسبة عالية عن القوى السياسية المهيمنة على هذا الشارع لمصلحة المجتمع المدني وقوى الثورة لا سيما اذا اتقنت طريق الوحدة ورسم خريطة طريق الانقاذ التي تنشدها بقوة البيئة المسيحية والتي يراهن الخارج عليها بقوة للقضاء على منظومة الفساد الحاكمة وبدء مسيرة اعادة البلاد الى سكة الحل.

الرئيس بري ليس بعيدا من هذا الواقع، يجري حساباته ويحدد مكامن القوة والضعف، وكذلك على الارجح رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي مهما ابتعد، لا يخرج من فلك ثلاثية بري- الحريري- جنبلاط والايام المقبلة كفيلة بتظهير الواقع الجديد.