IMLebanon

مبروك عارف ياسين… وبعد! (بقلم رولا حداد)

تمكنت مجموعات الثورة من تحقيق انتصار مدوّ في انتخابات نقابة المهندسين، وأوصلت عارف ياسين نقيباً بفارق كبير جداً من الأصوات بلغ الأضعاف عن مرشحي أحزاب السلطة. ويمكن القول باختصار إن توحّد مجموعات الثورة أعطى ثماره في مقابل تراجع دراماتيكي لأحزاب السلطة، ولو لم تتوحد هذه المجموعات لما كان بالإمكان تسطير هذه النتيجة التاريخية في نقابة المهندسين، رغم وجوب الاعتراف بأن النقيب السابق جاد تابت أتى من رحم المجتمع المدني أيضاً في مواجهة السلطة، ورغم أن ذلك لم يجعل تابت يحقق أي إنجاز يُذكر في النقابة.

بعد انتخابات نقابة المهندسين الجميع يسألون: هل يمكن لنتائج هذه الانتخابات النقابية أن تنعكس في صناديق الانتخابات النيابية المرتقبة في ربيع 2022؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من تذكير النقيب الجديد وداعميه بأن الفوز لا يشكل نهاية المحطة بل بدايتها، لأن الأساس يبقى في الأداء الذي سيقدمه النقيب الجديد ومجلس النقابة، وفي إظهار كيف سيختلف عن الأداء السابق وأي فارق سيتحقق لمصلحة المهندسين والنقابة ودورها الوطني. وفي العبرة لا بدّ من التذكير بأن الزعيم النازي أدولف هتلر وصل إلى السلطة في ألمانيا عبر انتخابات نيابية، ولكن أداءه بعد وصوله كان كارثياً إذ مارس الديكتاتورية بأسوأ نماذجها وألغى كل الأصوات الأخرى، وأخذ ألمانيا إلى حرب عالمية ثانية أنهكتها ودمّرتها.

ونصل إلى الجواب عن السؤال الأساسي الذي سبق وطرحناه عن مدى إمكان أن نشهد نتائج مماثلة في الانتخابات النيابية المقبلة. والجواب عن هذا السؤال معقد ومتشعّب، ويستلزم طرح أكثر من سؤال، ومنها:

ـ هل تتوحد مجموعات الثورة حول برنامج سياسي واضح المعالم، وخصوصاً في كل ما يتعلق بالموقف من حصرية السلاح في الدولة وتحديداً سلاح “حزب الله” وضرورة تطبيق القرار 1559؟ أم تفرّق العناوين الكبرى المجموعات فتخوض انتخاباتها مشرذمة فتخسر فرصتها في تحقيق التغيير المنشود؟

ـ هل تتوحد مجموعات الثورة حول برنامج اقتصادي واضح المعالم والتفاصيل أم تنقسم مجددا حيال النظرة إلى أي اقتصاد وأي نموذج وأي دور نريده للبنان؟

ـ هل تتوحد مجموعات الثورة في كل الدوائر الانتخابية لتخوض انتخاباتها ضد أحزاب المنظومة؟ وتحديداً هل يمكن لمجموعات الثورة أن تخوض انتخاباتها في مناطق سيطرة ونفوذ الثنائي الشيعي بكل حرية وتحقق النتيجة المرجوة؟ أم أن مفعول السلاح سيكون فاعلاً في ترهيب الثوار في مناطق نفوذ “حزب الله” تماماً كما حصل في بدايات الثورة مع الاعتداءات على الثوار في صور والنبطية وغيرها من المناطق؟

الثابت أن الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية لا تتجاوز الـ9 أشهر، وخلالها سيكون على مجموعات الثورة أن تعمل على تقديم برنامج موحد ولوائح موحدة في كل الدوائر، وعلى أساس البرنامج والأسماء يمكن عندها الحكم واستنتاج الخلاصات الضرورية، فإما أن تقدّم الثورة بديلاً مقنعاً وتنال ثقة اللبنانيين، وإما يكون الهدف منها تغيير بعض الوجوه ليس أكثر. ويبقى البرنامج بعناوينه السيادية المفتاح الأساس لنيل الثقة، فهل تكون الثورة جاهزة للمنازلة الكبرى مع “حزب الله” والتي من بعدها تصبح كل المعارك الأخرى سهلة، أم تتجنّب هذه المواجهة ويصبح الهدف من وراءها تقديم الطاعة للوصول إلى السلطة ليس أكثر؟

الحكم لا يزال مبكراً، ولا يزال ثمة متسعاً من الوقت حتى أيار 2022…