IMLebanon

لبنان “الضحية” ينكّس أقواس العيد في الأضحى

 

شكّلت مناسبةُ الأضحى المبارك ما يشبه «الهديةَ» للائتلاف الحاكم في لبنان، ولكن ليس لشعبٍ حلّ عليه العيدُ مُرّاً بطعْم أحزمة الفقر التي باتت تزنّر فئاتٍ واسعةً منه لم يعُد في يومياتها مكانٌ لفرحٍ نكّس أقواسَه ولألوان «ابتلعها» الواقعُ الأسود بأزماته التي نسجتْ من حول الوطن الصغير جحيماً فُتحتْ أبوابه على مصراعيها.

فبعد أربعة أيام على اعتذار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري (الخميس المقبل)، جاءت استراحة عيد الأضحى بمثابة فسحة للائتلاف الحاكم (حزب الله وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون) لإشاحة الأنظار عما يعتبره خصومه إمعاناً في «التضحية» بلبنان لحساباتٍ سُلطوية داخلية وأخرى إقليمية تتصل بمجمل معركة ترسيم النفوذ في المنطقة، وسط اقتناعٍ بأن «الورطة» الجديدة التي زُجت فيها البلاد هي أعمق وأخطر من كل المرات السابقة في ضوء عدم التورُّع عن المضيّ بسياسات «الأرض المحروقة» فيما السقوط المريع صار على مرمى بضعة أمتار.

وفيما تتصاعد المخاوفُ من أن يكون عصْفُ الانهيار كما جبل التعقيداتِ والشروط السياسية التي اضطرت الحريري لأن «يقطع حبْل» تكليفه بيديه جَعَلَ الملف الحكومي (انطلاقاً من التكليف المطلوب لشخصية جديدة) محكوماً بمعادلة «الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود» ولا سيما أن وَهْجَ السقف الذي تفيّأه زعيم «المستقبل» في اعتذاره بات شبه «ناظِمٍ» لمَن سيخْلفه، فإن مسارعة عون أمس لتحديد موعد للاستشارات النيابية المُلْزمة لتسمية بديلٍ عن الحريري يوم الاثنين المقبل لا يشكل مؤشراً إلى تفاهماتٍ على مآلات هذه المحطة بمقدار ما اعتُبر في سياق رغبة رئيس الجمهورية، تجاه الخارج أولاً، في رمي كرة المسؤولية عن تأخير إطلاق المسار الحكومي الجديد من ملعبه ومحاولة حشْر الآخَرين (ولا سيما الحريري ورؤساء الحكومة السابقون) لتحديد مواقفهم وخياراتهم من مسألة التكليف.

وإذ لم يُسْقِط الإفراجُ عن استشارات التكليف إمكان إرجائها (على غرار تجارب سابقة) ما لم تكن تبلورت ملامح خلاصاتها عشية موعدها لتعود وترتسم معادلة تلازُم «التكليف والتوافق على التأليف»، فإن ما عزّز هذه الخشية مؤشران سلبيان عكسا عدم التقاط «ولو طرف الخيط» فيما خص ما بعد الاعتذار والتكليف الجديد وعدم فتْح قنوات التواصل الجدية أقلّه بين عون ورئيس البرلمان نبيه بري للاتفاق على مسار هذا الاستحقاق، في ظل عدم وضوح الرؤية حيال الطرف الذي يمكن أن يضطلع بدور «الكاتاليزور» لتنقية المناخات المسمومة المتعددة الجبهة التي أفضت إلى قلْب زعيم «المستقبل» الطاولة بوجه الجميع. وهاتان الإشارتان هما:

* قول الحريري في تغريدة له «يهلُّ علينا عيد الأضحى المبارك، ولبنان الحبيب مع شعبه الطيب تعصف به هذه الأزمات»، لافتاً إلى «أنه كان بوسعنا أن نضع حداً لهذا الانهيار المريع، لولا تعنت البعض وأنانيته»، وهو الموقف الذي اعتُبر بمثابة تأكيد المؤكد، أقله حتى الساعة لجهة أن الرئيس المعتذر ليس في وارد تقديم «جائزة ترضية» لعون وفريقه، لا هو ولا رؤساء الحكومة السابقون، عبر تشكيل «بوليصة تأمين» لأي شخصية لتكليفها من خارج تفاهمات كبيرة، تحتاج لتوافقات إقليمية – دولية، حول مجمل المرحلة التالية في لبنان وبما «يحمي» استحقاق الانتخابات النيابية 2022 التي أعلنها الحريري «صناديق ثأر» من رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل.

* والثانية من حركة «أمل» (يتزعمها بري) التي غمزت من قناة فريق عون داعية إلى «الإسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، التي يتوقّع اللبنانيون أن تنتج تسمية رئيس يكلف تشكيل حكومة قادرة على الإنقاذ بعيداً عن التسويف والمماطلة وكل الحسابات والمصالح الخاصة، وتخرج لبنان من نفق الأزمات المتوالدة، وأن تكون عيدية مناسبة الأضحى برجم شياطين التفرقة والمصالح والأنا والاستئثار والتحكم»، وذلك بعدما كانت صحيفة «النهار» نقلت عن رئيس البرلمان أنه منذ لحظة اعتذار الحريري لم يتلق أي اتصال من أي جهة مضيفاً «لن أتدخل» في انتظار جلاء حقيقة الصورة ووضوحها وبلورة اسم سني للسير به قبيل موعد الاستشارات.

وإذ كان عون يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع للبحث في الأوضاع الأمنية في ضوء ما شهدته الأيام الأخيرة من توتراتٍ في بعض المناطق (صور بعد طرابلس) على خلفية الأزمات المعيشية على أنواعها وتهيئةً لمواكبة فرصة الأضحى (بعدما كان ترأس لقاء بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لمتابعة أزمة الدواء)، ارتسمت ملامح حركة ديبلوماسية داخل لبنان وفي اتجاهه تحت سقف استعجال عواصم القرار إطلاق مسار التشكيل مجدداً على وقع الاستعدادات لمؤتمر دعم لبنان الذي دعت اليه فرنسا في 4 أغسطس في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ، وعشية إنجاز الاتحاد الأوروبي الإطار القانوني لنظام العقوبات الخاص بلبنان والذي سيستهدف شخصيات متهَّمة بعرقلة الملف الحكومي وبالفساد وللضغط لحكومةِ إصلاحات جدية.

وفي حين تحدثت تقارير صحافية عن زيارة مرتقبة خلال أيام لوفد من مجلس الشيوخ الفرنسي لبيروت، برز لقاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس مع الرئيس بري على وقع كشف السفارة عن محطة بدأها في العاصمة اللبنانية وفد من مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية وتستمر حتى يوم غد «وسيجتمعون مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب».

وتزامنت هذه الزيارة مع تجديد الولايات المتحدة دعوتها للمساعدة في اعتقال سلمان رؤوف سلمان، القيادي في حزب الله والمسؤول عن تخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية في لبنان وخارجه، بحسب واشنطن.

ونشر برنامج مكافآت وزارة الخارجية الأميركية للعدالة تغريدة على «تويتر» دعا فيها للمساعدة في العثور على سلمان، مقابل مكافأة مالية تبلغ 7 ملايين دولار.

وكانت الوزارة وضعتْ سلمان في مايو 2019 على قوائم الإرهاب، وفرضت عليه عقوبات، كما خصصت مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عنه.
https://www.alraimedia.com/article/1545852/خارجيات/لبنان-الضحية-ينكس-أقواس-العيد-في-الأضحى