IMLebanon

المحكمة الدولية إلى الإقفال… ربع عدالة و”Bonus” للقتلة؟

كحال الوطن الخاصة به، هي أحوال المحكمة الدولية في لاهاي الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري و21 آخرين والقضايا الاخرى المتلازمة. تنتظر من يمدها بمساعدة او تمويل ينتشلها من خطر الاقفال الجدي، من دون ان تحقق هدفاً انشئت من اجله بشق النفس في العام 2009، على اثر صراع داخلي مرير. اثنتا عشرة سنة مرت، تمت في خلالها ادانة المتهم سليم عياش غيابيا ، وهو عنصر في حزب الله، فيما برّأت سائر المتهمين في القضية الاولى، وتبقى قضايا اخرى متلازمة ومحاكمات لم تبلغ خواتيمها بعد ولا تحققت العدالة فيها، على رغم صرف ما يناهز المليار دولار للغاية.

لنقص المال والافتقار الى التمويل، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان أنها ستُغلِق أبوابها نهاية تموز الجاري، اي يوم السبت. صفعة لم تتلق َمثلها العدالة الدولية، حتى في محكمة سيراليون التي شارفت على التوقف بفعل نقص التمويل ، لم تبلغ الامور هذا الحدّ، بعدما تدخلت واشنطن وامّنت السيولة النقدية فاستكملت المحاكمة وادين الرئيس الليبيري السابق تشارلز تيلور بالسجن خمسين عاماً. فهل من أمل انقاذي على غرار السيناريو السيراليوني، ام ان ما يضرب العالم من مصائب لا سيما جائحة كورونا التي استوجبت ضخ مليارات الدولارات سيضع قضايا العدالة في مراتب دنيا فيحجب التمويل وتقفل محكمة لبنان على ربع عدالة و”بونوس”  Bonus للقتلة والارهابيين للمضي قدما في مسارهم الاجرامي؟

في قراءة سريعة لكيفية تمويل المحكمة الخاصة بلبنان يتبين انها ترتكز في شكل اساسي على 51 في المئة من موازنتها من المساهمات الطوعية و49 في المئة من الحكومة اللبنانية بما ان القضية تخصها مباشرة، وهو شأن لم يعد موضع نقاش بعدما اعلن لبنان عدم قدرته على دفع مستحقاته نظرا الى الازمة الخانقة التي يمر بها والتي اجبرته على التخلف عن دفع استحقاقات اليوروبوند المتوجبة عليه. ولم تؤدِ المناشدات المتكررة من اللبنانيين المعنيين ولا من امين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش الى الاسهام في تمويلها من اجل تحقيق العدالة، ما يعني ان محكمة لبنان متجهة الى الاقفال، ان لم تجد من ينقذها في اللحظة الاخيرة، في سابقة هي الاولى من نوعها.

الناطقة باسم المحكمة الدولية وجد رمضان تقول لـ”المركزية” ان الوضع التمويلي ما زال صعبا، لكنّ اقرت اخيرا الموازنة المعدلة للعام 2021 مما قد يسمح للمحكمة باستكمال الاستئناف في قضية عياش وآخرين إن تلقت المحكمة المساهمات المعلنة من الدول المانحة، وقد اصدرت غرفة الاستئناف اخيرا جدولا زمنيا بمواعيد جلساته المفترض ان تعقد في الاسبوع الاخير من تشرين الاول المقبل للاستماع الى كل الاطراف المعنيين، علما ان الهدف الاخير للمحكمة هو  تحويلها من  فاعلة الى نائمة عند استكمال عملها القضائي.

تقبع معظم المحاكم الشبيهة بالمحكمة الخاصة بلبنان لجهة اعتمادها على مساهمات طوعية تحت مخاطر توقفها، خلافا لتلك الممولة الزاميا على غرار محكمتي رواندا ويوغوسلافيا السابقة اللتين تم تمويلهما مباشرة من الامم المتحدة، فالمساهمات المُقرَّرة سلفا هي الأفضل لأنها تؤمن الاستقرار وديمومة العمل وتتيح للموظفين الانكباب على دراسة ومتابعة الملفات لتحقيق العدالة سريعا عوض الانشغال بمتابعة تأمين التمويل.

اما الموظفون، الذين استبسلوا في عملهم وواجهوا تحديات كبيرة، لا سيما من انتقل من بينهم من لبنان الى هولندا، فقسم كبير منهم سيغادر غدا ، فيما يبقى بعضهم بدوام عمل جزئي، خصوصا من يتولون مهام اساسية، بحسب ما تسمح الموازنة المخفّضة ، تضيف رمضان، وقد طال التخفيض عمل المحكمة وعملياتها ومن ضمنها صرف معظم الموظفين.

وليست احوال ملفات المحكمة برمتها افضل من حال المحكمة. اذ ان مصيرها في ما لو تحولت المحكمة الى نائمة سيكون موضع بت بين لبنان والامم المتحدة ، من سجلات المحكمة الى الارشيف الى برامج حماية الشهود وغيرها من الملفات .

قبل الموعد المحدد غدا، لن يكون اعلان رسمي او بيان او مؤتمر يشير الى انتهاء عمل المحكمة ما دام التمويل المتوافر يسمح باستكمال الاستئناف….على أمل.