IMLebanon

4 آب: نريد الحقيقة من أجل الانسان وكرامة بيروت!(بقلم رولا حداد)

سنة مرّت على فاجعة تفجير مرفأ بيروت والذي اعتُبر أكبر انفجار غير نووي في العالم: أكثر من مئتي ضحية. 6000 جريح. 300 ألف مشرّد من بيوتهم وتدمير أكثر من نصف العاصمة.

انتقل التحقيق العدلي من القاضي فادي صوّان إلى القاضي طارق البيطار ولا نزال أمام معضلتين:
ـ المعضلة الأولى تتمثل في قصور التحقيق عن كشف حقيقة الجريمة: من شحن النيترات، لمصلحة من، من هندس مسرحية رسوّ الباخرة في مرفأ بيروت وادعاء أنها تغرق وإنزال النيترات وتخزينها في مرفأ بيروت، ومن حماها ورعى التهريب منها إلى سوريا طوال 6 سنوات؟! إنها الأسئلة التي ستكون الإجابات عنها وحدها كفيلة بتبيان المجرم الحقيقي.
ـ المعضلة الثانية تتمثل في التضامن الضمني للطبقة السياسية لمنع مساءلة المقصّرين والمهملين، سواء عن معرفة وشراكة في الجريمة أم عن جهل وغباء أم عن خوف وتردد. وهكذا يتم تمييع قضية رفع الحصانات والحمايات حتى اللحظة، وسط تجاذبات وتقاذف للاتهامات والمسؤوليات، ووسط نماذج فاقعة من الاستثمار السياسي في كل الاتجاهات!

ولئن كانت محاسبة المقصّرين والمهملين ضرورية لأنها تسبّبت في وقوع التفجير المجرم، فإن الأساس يبقى في معرفة الحقيقة، كل الحقيقة، والتي عملت أكثر من جهة إعلامية على سبر غورها وتلمّس خيوطها من جورجيا وروسيا، مروراً بسوريا وليس انتهاء بلبنان، بعدما تأكد للجميع أن الموزمبيق لم تكن يوماً وجهة للباخرة المشؤومة “روسوس”!

المعركة التي يخوضها أهالي ضحايا التفجير والمتضررين منه وخلفهم الأكثرية الساحقة من اللبنانيين يجب أن يكون هدفها الأول معرفة الحقيقة كاملة ومحاسبة جميع المجرمين والمتورطين إضافة إلى المهملين والمقصّرين، وعندها فقط يمكن أن ترتاح أرواح الضحايا حينما تتأكد أن المجرمين لن يتمكنوا من تكرار فعلتهم.

إن الاكتفاء بتعويض شكلي عبر ملاحقة المقصّرين، لأنه في هذه الحال سيبقى المجرمون أحراراً وقد يأتون بشحنات أخرى تطيح بما تبّقى من البلد، وسيكون عندها من السهل تواجد مقصّرين جدد، لأن التقصير ينتج عن الترهيب الذي يتعرّض له جميع المعنيين من المجرمين الحقيقيين.

ونعود إلى أصل المشكلة في لبنان، فلو تمت معاقبة المجرمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه بألفي كيلوغرام من المواد المتفجرة في قلب بيروت، وفي كل جرائم الاغتيال ومحاولات الاغتيال منذ محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة وحتى اغتيال الوزير السابق محمد شطح… وصولاً حتى إلى اغتيال الناشط لقمان سليم، لما كان تجرّأ أحد على استيراد باخرة النيترات إلى بيروت!

لو لم يكن في لبنان من يعتبر أنه فوق الدولة والقوانين، لا بل أنه بات أكبر من الدولة ويقاتل على مساحة الإقليم وبات يستعمل لبنان ومرافئه وحدوده وساحاته في خدمة الأجندات الإقليمية، وأن أحداً لا يتجرّأ على كشف حقيقته وجرائمه، لما كان أمعن في إجرامه. ولو لم يكن في لبنان من يحمل السلاح والصواريخ ويحتفظ بجهازه الأمني لكانت الأجهزة الأمنية والجيش منعت كل ممارساته المخالفة للدستور والقوانين.

هنا لبّ المشكلة. هنا الأساس. هذا هو سبب الجريمة والتقصير والإهمال. هذا هو سبب سقوط أبنائنا وآبائنا وإخوتنا ضحايا في منازلهم والمستشفيات والشركات يوم ظنّوا أنهم آمنون.

لا يظنّن أحد أننا لا نعرف الحقيقة. كل ما نطلبه هو إعلانها بالقرار الظني الملآن وليس بادعاءات مهمة ولكنها قاصرة عن كشف الحقيقة.

من أجل الطفلة ألكسندرا، والطفل إسحق، ومن أجل الياس، ومن أجل كل طفل وطفلة وشاب وشابة، ومن أجل كل أب وعامل كان يكدّ من أجل لقمة عيشه، ومن أجل الانسان ومن أجل كرامة بيروت والوطن… نريد الحقيقة وكشف المجرمين الحقيقيين الذين أمعنوا في إجرامهم، نريد المحاسبة وتعليق أعواد المشانق لمرة واحدة وأخيرة حتى يبقى لنا أمل بالمستقبل!