IMLebanon

المعاينة مُقفلة: أعمال معطّلة وخسائر تتراكم

كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:

ما بين إقفال مراكز المعاينة من قبل اتحادات النقل البري وما تلاه من إضراب مفتوح لعمّال ومستخدمي المعاينة، يكون مضى على إقفال مراكز المعاينة أكثر من 3 أشهر يدفع ثمنها المواطن مجدداً تأخّراً في معاملاته، وتوقفاً لأشغاله، وتراجعاً في مداخيل الخزينة لا تقل عن 500 الف دولار يومياً.

فتحت مراكز المعاينة الميكانيكية أبوابها هذا العام لأسابيع معدودة. بدايةً، فرضت عليها اتحادات النقل البري اقفالاً قسرياً اعتباراً من أواخر نيسان استمر أكثر من شهرين للمطالبة بإعادتها الى كنف الدولة، لا سيما مع انتهاء عقد الشركة الخاصة التي تدير المركز مع الدولة. ولاحقاً، أعلنت الهيئة التأسيسية لنقابة عمال ومستخدمي المعاينة الميكانيكية الاضراب المفتوح اعتباراً من 2 تموز الماضي للمطالبة بإيجاد حل مُنصف للرواتب التي انهارت قيمتها بشكل لافت، مع تدهور سعر الصرف وارتفاع أسعار المحروقات، وبدلاً من تحسينها أقدمت الشركة على الحسم من الرواتب الحالية فتوقّف الموظفون عن العمل.

هذا الوضع بات يشدّ الخناق أكثر على اللبنانيين ومصالحهم وابواب رزقهم لا سيما اذا تمّت اضافته الى وابل الأزمات التي تلاحقهم يومياً، عدا عن عدم توفّر إجراءات السلامة العامة على الطرقات والتي تفاقم وضعها مؤخراً، فهل لا يزال إجراء المعاينة أولوية اليوم بينما ما عاد في مقدور أكثر من نصف الشعب اللبناني تصليح عطل في السيارة؟

في إطار المتابعة لموضوع المعاينة الميكانيكية، إجتمع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي مع وفد من اتحادات نقابات النقل البري برئاسة بسام طليس، الذي لفت بعد اللقاء الى انّ الاجتماع تطرّق الى موضوع المعاينة الميكانيكية وانعكاسه على وضع اللبنانيين وعلى الواقع الاقتصادي، وتمّ الاتفاق على صدور مذكرة تسمح بدفع رسوم الميكانيك ونقل الملكية واجراء كل معاملات النافعة، وذلك وفقاً للقانون المقترح من قبلنا، وهنا أبشّر الجميع بأن حلّ هذه المسألة هو خلال القادم من الأيام».

تداعيات إقفال المعاينة

في السياق، يقول نقيب أصحاب معارض السيارات وليد فرنسيس لـ«الجمهورية» انّ مختلف اللبنانيين متضررين اليوم من اقفال المعاينة، فمَن يعمل كسائق شاحنة للنقل الخارجي ما عاد باستطاعته اجتياز الحدود لأنه لم يدفع رسوم الميكانيك المتوجبة عليه إذ عليه قبل ذلك إجراء المعاينة الميكانيكية. وبالنتيجة فإنّ سائق الشاحنة اللبناني بات عاطلاً عن العمل بينما السوري والأردني يعملان بدلاً منه.

كذلك الباصات السياحية اللبنانية غير قادرة على تخطي الحدود للسبب نفسه، ومَن تمّ إلقاء الحجز على سيارته لسبب ما بات غير قادر على تحريرها قبل ان يدفع رسوم الميكانيك المتوجبة، كذلك مَن قرر الهجرة او ترك البلد لا يستطيع بيع سيارته لأنه لا يمكنه ان يسجلها بالنافعة من دون إجراء المعاينة، وحتى من يريد ان يستبدل سيارته القديمة في معارض للسيارات بسيارة جديدة فإنّ أصحاب المعارض غير قادرين على اجراء المعاينة لبيعها ويمكن القول انه بات لدينا مخزون كبير من السيارات المنمّرة.

أمّا في ما خصّ مهلة الإعفاءات من الغرامات المترتبة على التأخير في المعاينة والتي انتهت في حزيران الماضي أوضح فرنسيس انّ هذه المهلة لا تشمل 2021 إنما 2020، 2019، 2018 أما مَن استحقت عليه رسوم ميكانيك اعتباراً من مطلع العام 2021 ولم يتمكن من دفعها بسبب الاقفال فيترتّب عليه غرامة بنسبة 10 % عن كل شهر تأخير، وحتى لو أراد تسديد ثمنها فالدفع غير متوفر، لافتاً الى انّ هذه الغرامة لا تلغى الّا بإصدار قانون. وأكد فرنسيس انّ كل يوم اقفال يُخَسّر خزينة الدولة مدخولاً لا يقل عن 400 الى 500 الف دولار.

وتساءل: هل يعقل انّ مركز معاينة خاص يعرقل كل مصالح التسجيل ومعها مصالح الدولة وخزينتها التي لم تدخل اليها ليرة منذ اشهر؟ هل يجوز انّ الخلاف على رواتب الموظفين يشلّ البلد بهذه الطريقة؟

تابع: انّ مهلة تلزيم المعاينة الى شركة خاصة انتهت، لذا يجب اليوم وقف المعاينة الميكانيكية على كامل الأراضي اللبنانية الى حين تلزيمها مجدداً وفق مناقصة شفافة، ومن شأن هذه الخطوة ان تُيَسّر أمور اللبنانيين.

كذلك، دعا وزير الداخلية الى اتخاذ قرار على غرار ما فعل سابقاً وزيرا الداخلية نهاد المشنوق ومروان شربل، وقضى بالسماح بدفع رسوم الميكانيك والتسجيل من دون اجراء فحص المعاينة. فما الذي يمنع وزير الداخلية الحالي من اتخاذ قرار مُشابه اليوم؟

أضف الى ذلك، لا يمكن اليوم مطالبة اللبنانيين بمعاينة ميكانيكية بينما الطرقات غير مؤهلة للسير والاضاءة ليلاً غير متوفرة والاشارات الضوئية لا تعمل والريغارات مفتوحة وبلا أغطية… فالمطلوب تسهيل حياة المواطنين وليس وضع المزيد من الصعوبات في دروبهم.

بواخر ترحل

من جهة اخرى، شكا فرنسيس من انعكاس الاضرابات في القطاع العام على الحركة الاقتصادية في البلد، كاشفاً عن وصول أمس باخرة محمّلة بالبضائع الى مرفأ بيروت، وما ان أفرغَ عمّال المرفأ حوالى نصف الحمولة حتى أعلنوا الاضراب احتجاجاً على تدنّي أجورهم، وبعد ان طلب منهم قبطان الباخرة مراراً وتكراراً استكمال إفراغ الباخرة لارتباطه بمواعيد مع دول ومرافئ اخرى، قرّر استكمال مسيرته مع بقية الحمولة، مع العلم اننا كمستوردين دفعنا كل رسوم الشحن المتوجبة علينا سلفاً لأميركا، والتي لا تقلّ عن 4200 دولار عن كل مستوعب، والباخرة محمّلة بسيارات ومواد غذائية وأدوات منزلية ومواد أولية صناعية، مُتسائلاً الى متى سيستمر شَلل البلد بينما هو بحاجة الى أقل حركة اقتصادية للتحسّن والنهوض؟