IMLebanon

خريطة جديدة للأمن الإقليمي في المنطقة… هذه أبرز معالمها!

الأزمات المستدامة في الشرق الأوسط أفسحت في المجال أمام ايران للتغلغل في أربع عواصم عربية بدءاً من اليمن مروراً بالعراق فسوريا ولبنان. فهل من الممكن اليوم، مع كل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الاميركية والغرب والمفاوضات الدائرة على أكثر من جبهة، من تقليص النفوذ الايراني، خاصة مع الحديث عن خريطة جديدة للأمن الاقليمي في المنطقة؟

تؤكد مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ان العراق لعب دورا اساسيا ومهما جدا، في شهر نيسان الماضي، في تقريب المسافات بين ايران والسعودية، فكان اول لقاء بينهما في بغداد وتكررت اللقاءات ثلاث مرات. فللسعودية ثقة كبيرة بالكاظمي الذي تجمعه علاقات جيدة جداً بولي العهد محمد بن سلمان، وهو من جمع الجانبين السعودي والايراني ولهذا السبب قبل بالوساطة والحوار مع الايرانيين والحوثيين في اليمن. خلال هذه اللقاءات التي جمعت مسؤولين عسكريين ورجال مخابرات ايرانيين وسعوديين، تركزت المحادثات على اليمن، لأن طائرات الدرون الحوثية التي تسيّرها وتصنّعها ايران لمواجهة السعودية تسبّبت بأضرار جسيمة في المملكة، ولولا الضغط الايراني الكبير عليها وعلى منابع النفط لما كانت السعودية لتقبل بلقاء الايرانيين، خاصة وان الهجوم على مأرب يشكل خطرا عليهم، لأن سقوط مدينة مأرب يغيّر كل المعادلة ويجعل ايران تنتصر، لهذا السبب يحاول السعوديون القيام بجهد استثنائي لمنع ايران من السيطرة عليها. فهي أهم مدينة استراتيجية، وإذا سيطرت ايران عليها تكون قد سيطرت على اليمن ككل.

ويبدو، بحسب المصادر، ان هناك تسوية، من ضمن إطار التسوية الشاملة في المنطقة، ستنطلق في الاساس من مفاوضات فيينا حول الملف النووي الايراني. فالرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي المتشدد، أقسم اليمين الدستورية، والمجتمعون في فيينا كانوا بانتظاره، للبحث بشكل أساسي، في مسألة رفع العقوبات الاميركية عن ايران مقابل ان تخفض طهران مستوى تخصيب اليورانيوم المتعلق بصنع قنبلة نووية. وأكدت المصادر أن كان بإمكان ايران صنع قنبلة نووية منذ زمن بعيد، فيما لو ارادت ذلك، لكنها تريد ابتزاز الغرب في الموضوع.

أما بالنسبة الى لبنان، فتشير المصادر الى ان ايران ترفض رفضاً قاطعاً التراجع عن المكتسبات التي حققتها في لبنان وتعتبر أنها استثمرت في “حزب الله” وان الأخير نجح في خياراته وصنع قوة اساسية في مواجهة اسرائيل. وتقول هذه المصادر بأن جنوب لبنان قد يتحوّل الى نفوذ ايراني مع المناطق الشيعية التي تشكل “الحديقة الخلفية” الممتدة من سوريا كبعلبك والبقاع، وصولاً الى الجنوب مقابل ان تكون المناطق السنية في عكار والشمال والمناطق المسيحية في كسروان والمتن والشوف تحت النفوذ الاميركي، لأن الولايات المتحدة تبني أكبر سفارة في الشرق الاوسط هناك، ما معناه انها تريد ان تستثمر نفوذها في لبنان.

والقضية في المنطقة، بحسب المصادر، تقوم على الكباش الكبير بين طهران وواشنطن والحجم والدور الايراني، لأن اسرائيل تضغط بشكل كبير على الولايات المتحدة لمنع الوصول الى هذا الخيار، لأنه يؤذيها، الا في حال حصول توافق اميركي -ايراني على وجود حزب الله في الجنوب لمدة عشر سنوات مثلا، ويكون حامياً للحدود، فلا يقوم بعمليات عسكرية ويحافظ على قواعد الاشتباك التي ارسيت منذ العام 2006. هذا الموضوع قيد الدرس.

من جهة أخرى، تشير المصادر الى ان رسم خرائط المنطقة تبدأ من فيينا، خاصة وان السعودية تراهن على الدور الاميركي للضغط من أجل حلّ قضية اليمن. فكما سبق إن السعودية تركز أهمية قصوى على اليمن وبحر العرب والخليج والعراق ويهمها ان تكون الحديقة الخلفية آمنة، وليس سوريا ولبنان، لأن العراق كلبنان مقسوم بين اميركا وايران، وسيبقى كذلك، رغم المساعي التي يقوم بها الكاظمي لوقف النفوذ الايراني قدر المستطاع لكن وجودهم الى جانب الحشد الشعبي المسلح يصعّب المسألة. فإذا تمكّن الكاظمي من الحفاظ على التوازن بين النفوذين يحقق انجازا.

وتطرقت المصادر أيضاً إلى الانسحاب الاميركي من افغانستان الذي كان هدفه خلق فوضى في ايران وروسيا والصين، في ظل الجهود القائمة لتشكيل خريطة جديدة للأمن الاقليمي في المنطقة. فطالبان التي تسيطر على افغانستان ستقوم بطبيعة الحال بمناوشات مع ايران وروسيا والصين، وسط الصراعات حول من يسيطر على افغانستان، خاصة وان ايران تستثمر في القاعدة. ونذكر ان مسؤولين كبار من القاعدة، بمن فيهم حمزة بن لادن تواجدوا في ايران بشكل مستمر، كما ان أحدهم قتل هناك ما يؤكد المؤكد، علماً ان طالبان تنسق مع القاعدة وهي كما يقول المثل “فولة وانقسمت نصفين”.

ولكن هل تقبل اسرائيل ببقاء صواريخ حزب الله في جنوب لبنان؟ هنا السؤال الاساسي ام يكون اتفاق اساسي على وجوده كحارس لا اكثر؟ لأن هناك تخوفا، تجيب المصادر، في حال فشلت محادثات فيينا، وهذا ما تريده اسرائيل، ان يتم قصف ايران، خاصة مفاعلها النووية من جانب اسرائيل والغرب. لكن هذا الخيار يبقى مستبعداً في الوقت الراهن، لأن التوجه الاساسي لدى الاميركيين والغرب هو عدم صنع قنبلة نووية وتوقيف إنتاج الصواريخ الباليستية وتقليص النفوذ الايراني وليس انهاؤه، لا تريد وجع رأس في بحر العرب حيث تبحر السفن بشكل دائم.

تبذل جهود كبيرة في المنطقة في هذا الشأن، وبخاصة العراق لأنه متضايق جدا من الوجود الايراني الكاسح على حدوده وفي الداخل من خلال الحشد الشعبي والميليشيات الموالية لايران، والتي تشكل خطرا كبيرا على وحدة العراق وعروبته، لهذا السبب هناك قيادات شيعية كبيرة في العراق مثل المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذين وقفوا موقفا شجاعا الى جانب الكاظمي.

هذا هو المرسوم للمنطقة ولكن هل ستتحقق؟ الامور رهن بالايام القادمة، تختم المصادر.