IMLebanon

جعجع لنصرالله: طفح الكيل!

رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “أنّ رئيس الجمهوريّة ميشال عون لم يعُد باستطاعته أن يكمل”، معتبراً أنّ “استقالته وحدها لا تغيّر شيئاً في الواقع”، قائلًا: “إذا ما سلّمنا جدلاً أنّه استقال اليوم، سيجتمع المجلس النيابي غداً أو بعد غد أو الذي ‏يليه، خلال أيام معدودة، وسينتخب رئيساً من نفس الطينة ونفس النوعيّة ونفس الهويّة لأنّ الأكثريّة النيابيّة نفس لا تزال موجودة”.

ودعا جعجع عبر قناة “الأولى” السعودية “الرئيس سعد الحريري إلى الاتّفاق معه على استقالة عون واستقالتنا جميعاً من مجلس النواب لنصل إلى انتخابات نيابيّة مبكرة”.

وأضاف: “أعتقد أن عون سيحاول عرقلة كل شيء في سبيل التحضير لوصول جبران باسيل إلى رئاسة الجمهوريّة”.

الى ذلك، لفت جعجع انّ مشكلة لبنان الأساسيّة في الوضع الراهن أنه من دون دولة ومن دون سلطة فعليّة، مضيفًا: “شكراً لله أن الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي كمؤسستين موجودتين منعاً لأن تعم الفوضى في ‏البلاد بشكل عارم جداً، ماذا وإلا على كافة الصعد الأخرى تستطيع القول إنه تقريباً لا يوجد دولة في لبنان”.

وقال “هناك أسباب عديدة لهذا الواقع، السبب الأول في عدم وجود دولة هو وجود دويلة إلى جانب الدولة لها استقلاليتها وتحتكر القرار الإستراتيجي، فساعة ترى ذلك مناسباً ولأسباب لا علاقة ‏لها بلبنان تطلق الصواريخ على إسرائيل وساعة تراه هي مناسباً ولأسباب إطلاقاً لا علاقة لها بلبنان أو ‏الأخلاقيات العامة، تذهب للقتال في سوريا، دويلة تتدخل هنا وهناك في البحرين قليلاً، في اليمن كثيراً، في العراق قليلاً، وهنا وهناك. فإذاً مع وجود ‏دويلة من الصعب أن تبني دولة”.

وتابع جعجع: “المشكلة الأساس هي أن الأفرقاء الآخرون الذين هم ليسوا بالأساس مع الدويلة أو لا يتبعون نفس ‏إيديولوجيّة وفكر الدويلة وفي طليعتهم التيار الوطني الحر، تيار الرئيس ميشال عون، تخلوا عن دورهم تماماً ‏وتحالفوا مع الدويلة لأغراض مصلحيّة آنيّة صغيرة: مما أدى إلى أن تكون الدويلة هي الدويلة والذين من المفترض فيهم ألا يكونوا دويلة أصبحوا بحكم ‏الممارسة دويلة. إذاً، من بقي لشهر على شؤون الدولة؟ عملياً قلّة قليلة جداً، لا تستطيع وحدها القيام بأمور ‏الدولة”.

ولفت الى انه “في مكان ما نعم طفح الكيل في نقطتين، ويا للصدف ما هذا الحظ! أول نقطة، وقعت حادثة ‏صغيرة في قرية صغيرة متواضعة في جنوب لبنان تدعى شويّا، هذه الواقعة كبيرة ومعبّرة جداً إذ أن أهالي القرية شيباً وشباباً اعترضوا إحدى راجمات حزب الله وهي ‏عائدة من مهمّة قصف وأجبروها على التوقف”.

واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية أنّ “هذا الحادث لا يخصّ شويّا بالذات بل يعبّر بالفعل عن أكثريّة ساحقة من شعور اللبنانيين. من ‏شعور أكثريّة ساحقة من اللبنانيين”، متسائلًا: “ماذا كان ردّ حزب الله؟ ‏ كان ردّ حزب الله وكأنهم مجموعة قطاع طرق أو مجموعة أناس خونة كالعادة أو مجموعة أناس ‏يرتبطون بالخارج وهم قاموا باعتراض راجمة حزب الله، غير صحيح. هذه نقطة طفح فيها الكيل”.

واردف: “كان يجب على مسؤولي حزب الله بعد هذه الحادثة ان يجلسوا طويلاً في غرفة مغلقة وأن ينكبوا على ‏دراسة هذه الواقعة وأن يحلّلوها بقليل من الضمير وكثير من البصيرة ليخرجوا بنتائج ان أكثريّة الشعب اللبناني ‏لم تعد تريدهم،” معتقدًا انهم “لا يستطيعون إكمال فرض سيطرتهم بالقوّة ومصادرة القرار اللبناني بالقوّة على كل بقيّة ‏الشعب اللبناني‎”.

الى ذلك، قال جعجع: من جهّة أخرى، قام السيد حسن نصرالله في الحديث ذاته، في نفس الإطلالة التلفزيونيّة بشن هجوم ‏صاعق على من؟ على المحقق العدلي بأي قضيّة؟ في قضيّة تفجير مرفأ بيروت “كتيير، هيك كتير”، كما ‏يقولون بالإنكليزيّة “‏Enough is Enough‏”‏.

واضاف: “انفجار مرفأ بيروت أسفر عما يزيد عن 200 ضحيّة وما يزيد عن 600 جريح، عشرات الآلاف من ‏المنازل المتضرّرة أو المهدّمة وأضرار لا تعد ولا تحصى، لأن هذا قلب المدينة، أي مجموع الأضرار الماديّة ‏لا يحصى”، مشيرًا الى انه “بعد سنة من انفجار مرفأ بيروت لم تتوصّل التحقيقات إلى شيء ملموس بعد لأن فرقاء سياسيين ‏معينين بطليعتهم حزب الله قاموا بعرقلة أول محقق عدلي تعيّن ومن ثم الآن عندنا محقق عدلي ثانٍ وقام ‏السيد حسن نصرالله بشن هجوم صاعق على هذا المحقق العدلي”.

واوضح: “وبالتالي كان لا بد من وضع النقاط على الحروف وإيضاح الأمور، لربما الجماعة في حزب الله لم ‏تستطع تفسير الأحداث في لبنان كما يجب فقلنا لهم إن حادثة شويّا هي هكذا والمحقق العدلي إذا ما كنت ‏تعرف يا سيّد حسن قل ما تعرفه وإذا ما كنت لا تعرف، فكيف لك أن تعترض على ما يفعله المحقق العدلي، هذا بكل بساطة ما دفعني إلى الدخول في هذا السجال المحدود الذي أريده ان يكون محدوداً لأن ‏أوضاع البلاد صراحةً وإلى جانب كل ما هو حاصل في لبنان حرام الدخول في سجالات إعلاميّة إلا أنه في ‏بعض الأحيان يجد المرء نفسه مضطراً لذلك”.

كما أكد جعجع انّ “إطلاق الصواريخ ليس بالصدفة، ولكن أنا شخصياً أضعه في إطار آخر، ليس في إطار احتدام ‏الأزمات الداخليّة اللبنانيّة، لأن إطلاق الصواريخ لا يحل شيئاً من جهّة، ومن جهّة أخرى لم يعد ينطلي على ‏أحد في الداخل”.

وتابع: “أنا أضع إطلاق الصواريخ على إسرائيل في سياق السياسة الاستراتيجيّة الإيرانيّة العامة للمنطقة في ‏هذا الوقت بالذات بالتحديد، مثلاً، إذا ما أخذنا إطلاق الصواريخ الذي حصل مؤخراً، تقريباً منذ 10 أيام في لبنان، أتى في أي ‏سياق؟ في سياق التصعيد الحاصل بين إيران وأميركا على أثر التعثر الحاصل في مفاوضات فيينا۔”

وشدد على انّ “الحل يبقى سياسيّاً، ولكي أسهّل الأمور قليلاً، خصوصاً وأنه يهمني جداً الرأي العام السعودي فمنذ ‏القدم هناك نوع من التفاعل الإيجابي ونوع من المودة والمحبّة بين الرأي العام ‏السعودي والرأي العام اللبناني”، لافتًا الى انه “للأسف في الآونة الأخيرة جزء من الرأي العام اللبناني والذي هو الرأي العام اللصيق مباشرةً بحزب ‏الله أفسد في الود قضيّة ولكن هذا لا ينسحب على مجمل الشعب اللبناني‏”.

واردف جعجع: “أنا الآن سأضع نفسي مكان مواطن سعودي يتابع الأحداث أو مواطن إماراتي أو مواطن كوتي إلخ، ‏يرى أن هناك حزب في لبنان إسمه حزب الله يتدخل في سوريا والعراق والبحرين ويمكن في شرق السعوديّة ‏وفي اليمن وفي أماكن أخرى”.

واشار الى انّ “حزب الله يتدخّل بسياسات تناقض تماماً الإستراتيجيّة العربيّة العامة وتناقض تماماً مصالح ‏السعوديّة، مصالح دول الخليج ومصالح بقيّة دول المنطقة، مضيفًا: “في نفس الوقت هذا الحزب يقوم بالتهجّم بشكل دائم جراء تناقض المصالح على المملكة العربيّة ‏السعوديّة، وعلى الإمارات، وعلى الكويت، وعلى بقيّة دول الخليج وعلى بقيّة الدول العربيّة بنسب متفاوتة”.

واردف: “في الوقت نفسه، إلى حد الآن، كان ممكن ان يكون مفهوماً، هذا المواطن السعودي يتساءل إذا ‏افترضنا أن حزب الله هكذا أين هم بقيّة اللبنانيين؟ للإجابة على هذا السؤال هناك شقيّن: أول شق، أنا أتمنى على المواطن السعودي وكل مواطن ‏خليجي وكل مواطن عربي أن يتذكّر انه ما بين سنة 2005 و2010 تعرّضنا لعشرين اغتيال ومحاولة ‏اغتيال قضى فيهم 10 من كبار قادة الرأي في لبنان”.

وأكد جعجع: “انا لا أطرح هذه الوقائع لأبرّر، أطرح هذه الوقائع لنعيش كلنا في الجو نفسه ولتكون المعطيات ‏عندنا كاملة”، معتبرا انه  “هناك عامل إرهاب فعلي موجود، في الآونة الأخيرة، جرى اغتيال أشهر الناشطين السياسيين في ‏اسمه لقمان سليم، وهلم جرّ، فإذا وجد هذا العامل يجب أخذه ولو قليلاً بعين الاعتبار”.

واضاف: “العامل الآخر وللأسف، وهنا المواطن العربي والمواطن السعودي والخليجي لديه الحق، القوى ‏السياسيّة الأخرى من التيار الوطني الحر على رأسها وصولاً يمكن إلى آخرين أي بعيدين كل البعد عن ‏نظريّة ولاية الفقيه أخذوا جميعاً قراراً بمهادنة حزب الله وأخذوا قراراً ليس فقط بالمهادنة، فالتيار الوطني الحر ‏أخذ قراراً بالتحالف الكامل أما البقيّة في تحالفات ولو ليست كاملة وإنما جزئيّة إلا أنهم ينسقون كافة الأمور ‏بشكل من الأشكال”.

ورأى جعجع انّ “هناك تخاذل من قبل كثير من القوى السياسيّة في لبنان للعب دورها كما يجب أن تلعب هذا الدور، ولكن سأضيف، هذا التخاذل او هذا الاصطفاف غير المفهوم من قبل البعض في لبنان، يقابله، ماذا ‏يقابله في المقابل؟ القواعد الشعبيّة لا تزال تماماً كما شهدناها في آذار 2005‏”.

من جهة ثانية، أكّد جعجع أنّ “القوّات” “بقيت منذ اللحظة الأولى حتى الآن على نفس موقفها لا تساوم مع حزب الله لقناعات لديها”، مضيفاً: “أكيد كان ممكن للحزب مساعدة القوات في زيادة مكاسبها في السلطة ولكن ماذا ينفع ذلك إذا ما كنا سنخون القضيّة التي من أجلها وجدنا، وبالتالي كل هذا المبدأ مرفوض”.

وأشار جعجع إلى أنه لا يتوقّع صراحةً حرباً أهليّة في لبنان، مؤكّداً أنّ “القوّات” “جاهزة إذا دّق الخطر على الأبواب”، مضيفاً: “انطلاقاً من مشاهداتي ومن قراءتنا للوضع ومن متابعاتنا لا أعتقد أن أي طرف في صدد التحضير ‏لحرب أهليّة وبالتالي لا حرب أهليّة في لبنان، بالإضافة إلى ذلك هناك عامل مساعد في الوقت الراهن وهو الجيش اللبناني الحالي وقوى الأمن ‏الداخلي الحالية وهما صراحةً يقفون بالمرصاد لأي محاولات لزعزعة الأمن الداخلي ولديهما الإمكانيّة بخلاف ‏ما يعتقده البعض”.

وشدّد على أنه “مطمئن من هذه الناحيّة إلا أن هذا لا يعني أننا لن نشهد بعض أعمال الشغب الاجتماعي ‏جراء الأوضاع المعيشيّة الصعبة جداً كطوابير البنزين أو المشاكل التي تحدث جراء انقطاع المازوت أو أمام ‏الأفران أو أمام الصيدليات فهذا شيء مختلف تماماً، وبالتالي جوابي هو لا، وما نشهده في الوقت الحاضر بأجزاء كبيرة منه يقع في هذا السياق”.

وعن اتفاق معراب، أشار جعحع إلى أنّ “كلّ شيء يجب أن تحكم عليه انطلاقاً من ظروفه، هناك مقولة لبنانيّة وهي (كل لحظة وملائكتها معها) أي أنّ لكلّ لحظة ملائكتها ولها شياطينها أيضاً”، مضيفاً: “يجب أن نتابع ماذا كان يجري في تلك اللحظة، إذ أستطيع ان أقول لم يعد لدينا أيّ خيار، نحن أكثر من يعرف الرئيس ميشال عون باعتبار أننا بقينا على خصومة معه طيلة 40 عاماً وللأسف كل اتفاق معراب بالكاد يعني خدم لأشهر قليلة وعدنا إلى خصومة معه”.

واكد جعجع على أنه “في تلك المرحلة لم يعد هناك من خيار إلا انتخاب الرئيس ميشال عون، بالإضافة إلى ذلك لا تنسى أنه كان هناك جرحاً مسيحياً داخلياً ينزف على مدى 40 عاماً، من جهّة لم يكن لدينا أي حل على الإطلاق سوى هذا الحل، ومن جهة أخرى هناك جرح ينزف فقلنا لا حول ولا قوّة إلا بالله طالما أن الأمر كذلك فلنذهب بكامل قوانا العقليّة وليس مضطرين فلنذهب باتفاق واضح ونحاول مرّة أخيرة”.

وعن موضوع تهريب المخدّرات إلى الرياض والقرار السعودي بوقف استيراد الخضر والفاكهة اللبنانية، أشار إلى أنّ الانتاج الزراعي هو “المورد الوحيد المتبقّي للشعب اللبناني وليس للحكومة اللبنانيّة”، مؤكّداً تفهّمه ردّ الفعل ‏السعودي “لأنّ هذا يطاول الإنسان السعودي ‏بعمقه”.

وكشف جعجع عن اقتراحه النقل البرّي بواسطة شركات معيّنة معتمدة، “تقوم بالاتّفاق مع ‏شركات عالميّة للتحقّق من كل حبّة خضر ومن كل حبّة فاكهة تذهب إلى المملكة العربيّة السعوديّة وتذهب ‏عن طريق البر”، موضحًأ أنّه “سيكون هناك مصفاة أولى في لبنان من خلال شركات معيّنة وليس كل الشركات، ومصفاة ثانية ‏عند الحدود الأردنية السوريّة، ومصفاة ثالثة عند الحدود الأردنيّة السعوديّة”.

وتمنّى على المسؤولين في السعوديّة أن يتخذوا قراراً ‏سريعاً خصوصاً في ما يتعلّق بالبضائع اللبنانية التي خرجت من لبنان قبل القرار السعودي بوقف الصادرات ‏اللبنانيّة والتي هي عالقة إما على المرافئ إما على الحدود السعوديّة الأردنيّة.

وأضاف: “نحن أيضاً لا نثق بتدابير الحكومة اللبنانيّة لكن بتدابير هذه الشركات بالتحديد ومن خلال تفحّص ‏كل شاحنة بشاحنتها وكل سائق بمفرده ومن ثم هناك مصفاة ثانيّة عند الحدود الأردنيّة السوريّة، حتّى أنّ كل شاحنة تمر عبر الحدود الأردنيّة السوريّة يتم تزيدها بـGPS‏ وتتمّ متابعتها حتى وصولها ‏إلى الحدود السعوديّة الأردنيّة وإذا توقف السائق على الطريق يسألونه عند نقطة الوصول أنت توقفت عند ‏هذه النقطة لمدّة 10 دقائق أو 5 دقائق ماذا فعلت؟”.

وفي مجهر آخر، اعتبر جعجع انّ “ما يحدث اليوم في لبنان هو أقصى ما يمكن لحزب الله أن يفعله وبالرغم من كل ذلك هناك أكثريّة ‏صامدة من الشعب اللبناني لديها رأي آخر”، مؤكدا انّ “هناك حلّ سياسي إلا أن هذا الحل السياسي يلزمه وضوح في الرؤية السياسيّة، عدم تغيير في ‏القناعات ويلزمه استمراريّة، طبعاً تحيطه مخاطر عدة من أهمها الاغتيالات، لكن نعرف أن من يضع نصب ‏عينيه انقاذ بلده عليه أن يتحمّل الكثير من الصعوبات والمخاطر”، لافتًا الى انه “بين الأعوام 2005 والـ2010 كان لدينا أكثريّة نيابيّة، صحيح، وفي تلك الأوقات تمكنا من احتواء ‏حزب الله “.

أما بالنسبة للمشهد الإقليمي، فقال جعجع: “إنه واضح، ولكنه بحاجة لمعالجة وللأسف لا يوجد هناك قوى مقابلة قادرة على معالجته، أنا أقرأ الوضع الإقليمي بهذا الشكل. هناك دولة لطالما كانت موجودة في الشرق الأوسط اسمها إيران، في الكثير من المراحل كانت تجمع هذه الدولة علاقات وثيقة جداً بجميع الدول العربيّة، ولكن في العصر الحديث جداً، أي ما بعد ثورة الإمام الخميني، قامت فكرة تصدير الثورة في إيران، وهذه الفكرة تدخل في صلب الدستور الإيراني الحالي حيث هناك شيء اسمه تعميم وتصدير الثورة”.