IMLebanon

أوصال لبنان تقطّعت!

جاء في “الراي الكويتية”:

تتدحْرج أزمة المحروقات في لبنان الذي تكاد أن تختنق مختلف قطاعاته الحياتية والاقتصادية في ظلّ «تسونامي» نفاد البنزين والشحّ الكبير في المازوت الذي بدأ يدمّر السلسلة المترابطة للأمن الغذائي والصحي المصابيْن أصلاً بتداعيات الانهيار المالي.

وعلى وقع استمرار «احتجاز» قرار مصرف لبنان برفْع الدعم عن المحروقات الذي رفضه فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وامتنعت حتى الساعة وزارة الطاقة عن إصدار التسعيرة الجديدة بموجبه، أدى ارتباكُ السلطة في التسليم بقرارٍ سيؤدي لارتفاع هائل بأسعار البنزين والمازوت، ودخول خطوة «المركزي» الذي بَلَغَ «الخط الأحمر» في قدرته على تمويل الاستيراد بدولارٍ مدعوم في بازار التجاذبات السياسية وفي «الشعبوية»، إلى تجفيف السوق من البنزين وسط رهانٍ على إطالة أمد آخِر ملايين ليتراتٍ من المازوت وصلت إلى البلاد وإمكان استفادة القطاعات المعنية بها كما مولدات الأحياء التي تحوّلت «ولّادة عتمة» تُعانِق ظلام «كهرباء الدولة».

ولليوم الثاني على التوالي، تَقَطَّعَتْ أوصال لبنان عبر قطع طرق في مناطق واسعة احتجاجاً على الأوضاع الكارثية وفقدان أبسط مقومات الحياة، وسط تحوّل غالبية البلاد «علبة سيارات» اصطفت أمام آخِر محطاتٍ «على قيد الحياة» للحصول على «قطراتٍ» من البنزين، في ظل توالي إقفال محطات تابعة لشركات بعد نفاد مخزونها بالكامل كما حصل مع شركة «كورال» التي أكدت «أنها استوردت باخرة من مادة البنزين نظراً للشح الكبير في الأسواق، إلا انّها لا تزال متوقفة في المياه الإقليمية منذ تاريخ 11 الجاري، وفي المقابل لم تقم الدولة اللبنانية بما هو متوجب عليها لتأمين مستلزمات التفريغ بغية إدخال الكميات المستوردة الى السوق اللبناني».

وعليه، اعتذرتْ «كورال» من «عموم الشعب اللبناني ومن زبائنها لعدم تمكنها، وللمرة الأولى منذ تاريخ تأسيسها، من تزويد المحطات بمادة البنزين اعتباراً من (الخميس) وذلك لنفاد الكميات في مستودعاتها»، لافتة إلى «انه عند نفاد الكميات المتبقية في محطاتها، ستتوقف هذه الأخيرة بدورها عن تلبية حاجات المواطنين».

وفي حين أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبوشقرا «ان كورال أبلغت المحطات التي تنْفد المحروقات لديها أن تغلق أبوابها وتفكك آلات التعبئة، وشركة توتال في طريقها لقرار مماثل»، كانت المحطات تشهد المزيد من الإشكالات في أكثر من منطقة بينها في الناعمة (جنوب بيروت) حيث تَعَرَّضَ أحد اصحاب المحطات لطعنة سكين في بطنه.

وإذ لم تكن الشحنة الأخيرة من المازوت التي وافق مصرف لبنان على تمويلها بسعر دولار 3900 ليرة (وليس سعر السوق الموازية اي نحو 19 الف ليرة) دخلت بعد على خط التخفيف من وطأة أزمةٍ أخطبوطية أطبقت على المستشفيات والمصانع والمطاحن والسوبرماركت ومحطات ضخّ المياه وبيوتات اللبنانيين، أكد مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي الدكتور فراس ابيض «ان كهرباء الدولة مقطوعة عن المستشفى منذ يوم الاثنين والمولدات تعمل منذ أكثر من 72 ساعة، وتسلمنا مازوت من جهات مانحة دولية ومن الجيش ومتبرعين، لكن الكميات تنفد بسرعة».

وفي موازاة ذلك، بدأت ترتسم سيناريوهات سود لنفاد البنزين بالكامل، وهو ما لم يعُد موعده يبْعد إلا ساعات، وشبه فقدان المازوت، خصوصاً على صعيد مجمل حلقة إنتاج ونقل المواد والسلع على أنواعها لضمان وصولها إلى المواطنين سواء عبر السوبرماركت أو دكاكين الأحياء، إضافة الى شلّ حركة انتقال المواطنين والموظفين، وبينهم القطاع الطبي، إلى أماكن عملهم.

ولم يكن مفاجئاً أن يسمع اللبنانيون، المحرومون المياه المنزلية في مناطق عدة بفعل أزمة الكهرباء، من أصحاب الصهاريج التي تؤمن لهم البديل لقاء أكلاف خيالية (بلغ سعر 2000 ليتر مياه في إحدى المناطق 225 ألف ليرة) أنهم لا يستطيعون تزويدهم بالمياه قبل توفير ولو بضع ليترات من البنزين أو المازوت لـ «السيترنات»، ما يشي ببدء «الكابوس» الذي حذّرت منه اليونيسيف قبل نحو شهر منبهة من «انهيار شبكة إمدادات المياه في لبنان خلال شهر ونصف الشهر».

وأضافت المنظمة في حينه أن «أكثر من أربعة ملايين شخص، من بينهم مليون لاجئ، يتعرّضون لخطر فقدان إمكان الحصول على المياه الصالحة في لبنان».

وقدرت أن «غالبية محطات ضخ المياه ستتوقف تدريجاً في مختلف أنحاء البلاد في غضون أربعة إلى ستة أسابيع». وتابعت: «قطاع المياه في لبنان غير قادر على العمل بسبب عدم قدرته على دفع كلفة الصيانة بالعملة الأجنبية».

وأوضحت أن من الأسباب أيضاً «انهيار شبكة الكهرباء، ومخاطر ارتفاع كلفة المحروقات».