IMLebanon

أي خلفيات لمرونة واشنطن الغازية؟

لم يكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ينهي خطابه معلنا وصول بواخر النفط الايراني الى بيروت خلال ساعات، حتى تلقى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون  اتصالاً هاتفيا من السفيرة الأميركيّة في لبنان دوروثي شيا أبلغته فيه أنّها تلقّت قراراً من إدارة بلدها بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائيّة من الأردن عبر سوريا، من خلال تسهيل نقل الغاز المصري الى شمال لبنان، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري الى الأردن تمكّنه من انتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا.

وكشفت في بيان عن أنه سيتم كذلك تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولا الى شمال لبنان.

ولفتت السفيرة شيا الى ان الجانب الأميركي يبذل جهدا كبيرا لانجاز هذه الإجراءات، وان المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز.

الجدير ذكره، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، ان مشروع جر الغاز المصري الى لبنان عبر الاردن وسوريا، عمره أشهر، الا انه كان معلقا، ليس فقط بسبب “كسل” الدولة اللبنانية، بل ايضا لان المرور بسوريا كان يمكن ان يعرضنا لعقوبات اميركية، لكونه يكسر قانون قيصر.

اما اليوم، تتابع المصادر، فقد رفعت واشنطن عن هذا الخط، الفيتو ، وأعطت بيروت نوعا من الاستثناء، بحيث سيُسمح للمشروع بالمرور في سوريا من دون ان يكشف رأس لبنان واقتصاده المنهك اصلا، ويضعهما تحت مقصلة الاميركيين.

توقيت الموقف الاميركي الايجابي هذا، وصدوره بعد كلام نصرالله، ان دل على شيء، فعلى ان لبنان يشكل ساحة من ساحات الصراع الاميركي – الايراني، الدائر، بالواسطة، في أكثر من ميدان في المنطقة.

من جهة ثانية، يمكن اعتبار الموافقة الاميركية اختبارا للسلطة اللبنانية. فواشنطن بلا شك تنتظر من الدولة، موقفا يرفض ادخال النفط الايراني الى لبنان، لأنه يشكل تحديا واضحا لقرارٍ اميركي كبير، تلتزم به كل البلدان “المنضوية تحت لواء الشرعية الدولية”، يحرّم استيراد النفط الايراني تحت طائلة العقوبات.. فهل ستقابل بعبدا والسراي،  الايجابيةَ “الغازية” الاميركية، التي أتت متأخرة طبعا، بإيجابية مماثلة، فتدينان كسرَ فريق لبناني، وبشكل احادي، قانونَ قيصر ؟

لا جواب بعد، لكنهما على الارجح لن تفعلا. واذا بقيتا على سكوتهما، ستكونان طبعا، تعرضان البلاد والعباد لعقوبات وحصار هما بغنى عنهما. هذا اذا اقتصرت الامور على العقوبات. ذلك ان حديث الإسرائيليين الدائم في اجتماعاتهما مع الدبلوماسيين الغربيين عن “تبدل استراتيجي خطير يمثله وصول النفط الايراني الى لبنان سيجدون انفسهم مضطرين على الرد عليه”، لا يبشر بالخير، بل يوحي بأنهم قد يلجأون الى تحرّك ما، ربما عسكري، على هذا التطور، خوفا من “تثبيته”.. وقد تكون عراضة الطيران الحربي الاسرائيلي في اجواء لبنان ليل امس على علو منخفض جدا، رسالة تحذيرية في هذا الشأن.. ومَن يدري، قد يسمح الاميركيون لهم بتوجّهٍ تصعيدي كهذا، اذا بقي لبنان الرسمي صامتا، يتفرج على حزب الله يضع البلاد وفي شكل نهائي، في الخندق الايراني.. تختم المصادر.