IMLebanon

عقبات تعترض تنفيذ استجرار الكهرباء والغاز

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

فيما كان الضغط السياسي يُمارَس على الطبقة الحاكمة من خلال وقف الدعم وإصرار مصرف لبنان على عدم تسيير شؤون حكومة تصريف الاعمال والعهد الحالي على حساب احتياطه الالزامي، فقد يتحوّل الضغط حالياً بالاتجاه المعاكس من خلال حَثّ مصرف لبنان على فتح اعتمادات جديدة للمحروقات وإغراق السوق بها، قبل وصول النفط الايراني بهدف إفقاده لأهميته وللعطش له.

يَتماهى الاتجاه المُستجِد مع تحرّك السفيرة الاميركية دوروثي شيا امس الاول التي أبلغت رئيس الجمهورية قرار الادارة الاميركية بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، عن طريق توفير كميات من الغاز المصري الى الأردن تُمَكّنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا، خارقةً قانون قيصر وعقوباته، ومؤمّنةً تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز، عبر البنك الدولي.

هذا التعهد الأميركي يعني عملياً، موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات الدولية المفروضة على سوريا بسبب النزاع القائم على أرضها منذ 2011، والتي تحظّر القيام بأي تعاملات مالية أو تجارية معها، علماً أن لبنان يُفاوض منذ أكثر من سنة المصريين لاستجرار الطاقة والغاز عبر الأردن وسوريا، لكنّ المفاوضات توقفت بسبب العقوبات الأميركية على سوريا وقانون قيصر. وقد سعى لبنان بعد ذلك الى الحصول على «استثناء» من العقوبات، نظراً للظروف الاقتصادية والإنسانية التي يمر بها ولوضع قطاع الكهرباء.

كذلك حرّكت السفينة الايرانية مشاعر الاردن الذي أكد امس الاول ايضاً استعداده لتقديم «كل الدعم الممكن للبنان»، وتزويده بالطاقة الكهربائية من الشبكة الأردنية، وإيصال الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان.

تجدر الاشارة الى انّ الاردن يستورد الغاز المصري عبر خط الغاز العربي المُمتد من جنوب العريش في شمال سيناء إلى الأراضي الأردنية، ويستخدمه لإنتاج الطاقة الكهربائية التي كان يزوّد بها سوريا في الماضي. وتقضي الخطة المقترحة بأن يتم إمداد لبنان بجزء من هذه الطاقة عبر الأراضي السورية، وكذلك بجزء من الغاز المصري الذي يمكن استخدامه لتشغيل معامل لإنتاج الكهرباء في لبنان تعمل على الغاز.

في النتيجة، ستتواكب تلك الوعود، إن صَدقت، مع وصول النفط العراقي اوائل ايلول الى لبنان والنفط الايراني أيضاً، لتتحوّل البلاد من الظلمة العارمة والشلل التام الناتج عن انقطاع المحروقات على انواعها وارتفاع ساعات التقنين من قبل مؤسسة كهرباء لبنان لتتجاوز 22 ساعة يومياً، الى الإنارة شبه المُستدامَة، في ظلّ تهافت المِحوَرَين الايراني والاميركي على نجدتها.

واذا كان النفط العراقي، عند وصوله، سيؤمّن ساعات تغذية بالتيار الكهربائي تتراوح بين 4 ساعات و6 يوميّاً، على حدّ ما صرّح به وزير الطاقة ريمون غجر، فإنّ وصول الغاز المصري الى لبنان أمامه عقبات كثيرة، أوّلها، وفقاً للخبيرة في إدارة وحوكمة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هاياتيان، حصول لبنان على «استثناء» أميركي يسمح له باستعمال الاراضي السورية من دون فرض عقوبات عليه، وهي المرحلة الأهمّ التي لم يُبتّ بها بعد، حيث انّ السفيرة الاميركية قالت انها ما زالت تعمل مع الخزانة الاميركية من اجل منح لبنان هذا الاستثناء، على غرار العراق، في ما يتعلّق بالغاز الايراني.

وشَرحت هاياتيان لـ»الجمهورية» انّ العقبة الثانية تتمثل بإعادة تأهيل البنى التحتية في ما يتعلّق بأنبوب الغاز الممتد من سوريا الى لبنان، والذي تعرّض للقصف المدفعي مؤخراً، «وبالتالي، لا نعرف وضع هذا الانبوب إذا كان صالحاً او يحتاج الى صيانة؟ وما هي الفترة الزمنية التي يحتاجها لإعادة تشغيله؟ ومن هي الجهة التي ستتكفّل بتمويل تأهيل هذه البنى التحتية؟ جلّ ما نعرفه انّ أنبوب الغاز من مصر الى الاردن صالح وشغّال».

بالاضافة الى هاتين العقبتين، أشارت هاياتيان الى «اننا لا نعلم حجم الكميّات التي سيحصل عليها لبنان من الغاز المصري ومَن سيدفع ثمنها، وهل سيتم تزويد معمل دير عمار بها فقط على غرار الوضع في 2009 و2010، أو سيتم بناء أنابيب جديدة من دير عمار لمحطات الغاز الاخرى في لبنان او انابيب في البحر؟ كل هذه تساؤلات لا نملك أجوبة عنها».

وبالنسبة لقيمة الغاز المصري والجهة التي ستموّلها، ذكرت هاياتيان انه في عامَي 2009 و2010 و،بحسب ارقام وزارة المالية، فإنّ قيمة الغاز المصري التي تم تزويد معمل دير عمار بها بلغت حينها 28 مليون دولار.

وشددت على انّ مسار وصول الغاز المصري، في حال حصل لبنان اليوم على «الاستثناء» الاميركي، طويل، نظراً للبنى التحتية المطلوبة والتمويل المطلوب بالاضافة الى إمكانية اعتراض الجانب السوري على استخدام اراضيها او وضعه شروطاً لا يمكن للجانب الاميركي او اللبناني تَلبيتها.

وأكّدت هاياتيان على انّ تأمين النفط العراقي او الغاز المصري لا يعتبر حلّاً مُستداماً يؤمن التغذية الكهربائية 24 ساعة في لبنان، بل هي مجرّد «ترقيعات» مؤقتة، مشددة على انّ الحلّ هو بتطبيق خطة الكهرباء من خلال بناء معامل جديدة تغطّي كافة قدرات التغذية والاستهلاك اللبناني المطلوب بطاقات إضافية، بالإضافة الى تَوَفّر القدرة المالية لشراء الغاز وتفعيل الطاقة المتجددة.