IMLebanon

“المردة” يلعب في ملعب الحكومة؟

كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:

في كل مرة يُروّج لولادة الحكومة الجديدة تبرز عقدة جديدة تعوق ولادتها، واللافت أخيراً دخول تيار «المردة» في»بازار العِقد الحكومية»، الامر الذي تؤكّده مصادر مطلعة على المناقشات بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، كاشفة انّ «المردة» يطالب بثلاث حقائب، وفق ما حمله ميقاتي قبل ايام الى عون، وفي جعبته مجموعة مطالب جديدة لم يكن لها علاقة بالمُتفق عليه. ومن بين هذه المطالب، 3 حقائب لـ»المردة»، إلّا أنّ «حزب الله» تدخّل لتصبح، حقيبتين، على أن تكونا خدميتين بامتياز، وهما «الاتصالات» و»الصناعة». إلّا انّ المصادر نفسها ايضاً، لفتت الى انّ المطالب الجديدة غير المُتفق عليها مسبقاً، لم تكن فقط لـ»المردة»، بل استجدت مطالب وعِقد جديدة، ليتضح انّ من أراد إيصال ميقاتي الى التكليف، أراده لمهمّة محدّدة، وهي طبعاً ليست «تشكيل الحكومة».

ينفي النائب طوني فرنجية، الذي يبدو انّه المفاوض رسمياً بإسم «المردة»، لـ»الجمهورية»، كل ما يُشاع عن عرقلة «المردة» تشكيل الحكومة. مؤكّداً انّ الذي يروّج عن هذه العرقلة هو نفسه الذي يبحث دائماً عن عقدة للهروب من إنجاز تشكيل الحكومة ووضع المشكلة عند غيره. وهم يفتشون على جهة ليقولوا انّها تعرقل التأليف، وعندما يرون انّ تأليف الحكومة «ميسّر ومسهّل» يبحثون عن عرقلة جديدة. ويراهن فرنجية على انّ المعنيين، اذا اتضح لهم انّ الحكومة «ميسّرة» سيخلقون العراقيل من «تحت الارض». الّا انّ اللبنانيين سيعرفون غداً من هم المعرقلون.

ويشدّد فرنجية المطلّع على الشؤون الاقتصادية، على اهمية رفع الدعم الفوري. وقد فُهم من كلامه لـ»الجمهورية»، انّ والده رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وبعد تشاور مع ميقاتي، اوكل مهمة المفاوضات الحكومية الخاصة بحقائب «المردة» الى «طوني بك».

وفيما كشف طوني فرنجية لـ»الجمهورية»، أنّ البعض ربما بنى على العلاقة الوطيدة التي تربطه بنجل ميقاتي لإطلاق الافتراضات والشائعات، أكّد انّ كل ما عُرض على «المردة» كان وزارة البيئة فقط «فرفضناها كلياً، علماً أنّها من الوزارات الأحب الى قلبنا، لأنّ الوالد له نظرة خاصة في موضوع البيئة، لكن اذا طُرحت علينا البيئة مجدّداً فلن نقبل بها على رغم ان لدينا خبيراً مرشحاً، انما المواصفات السياسية لا تصلح للمرحلة الحالية، ولسنا في وارد تولّي هذه الحقيبة في الأزمة البيئية الخانقة، فالبيئة اليوم يلزمها اختصاصيين سياسيين وليس من البيئيين الاختصاصيين. والتحدّي اليوم هو من سيقبل بوزارة البيئة وليس بمن هي الجهة التي ستُعرض عليها وزارة البيئة؟». مضيفاً: «انّ التحدّي اليوم هو حاجة هذه الحقيبة الى شخص مخضرم سياسياً، خصوصاً انّ مجلس ادارة الانماء والاعمار يتجّه اليوم الى اعادة فتح مطمر الناعمة، كما يريدون إقفال مكب برج حمود، ما يعني اننا اليوم نتكلم بالسياسة وليس بالبيئة».

وينفي فرنجية كلياً مطالبة «المردة» بوزارة الطاقة، ويقول: «لم تُعرض علينا ولم نطلبها، لأننا لا نريد العرقلة ولا نريد التذاكي. لأنّ بمجرد طلبنا تولّي هذه الحقيبة نقدّم انفسنا كمعرقلين، فيما نحن لسنا كذلك». واضاف: «إذا قبل اليوم رئيس الجمهورية ان يتخلّى عن وزارة الطاقة فالأمر في حدّ ذاته انجاز، واذا طالبنا نحن بها، تكون المطالبة في حدّ ذاتها عرقلة. فنحن لذلك لا نطلب المستحيل».

لكن فرنجية يؤكّد في المقابل وبعيداً من المنافسات السياسية والشخصية، «انّ تيار المردة حين طالب في الحكومات السابقة بوزارة الطاقة، كان متأكّداً من انّه كان سيفعل الكثير لو كانت في حوزته».

وعمّا أنجزه فريقهم السياسي في المقابل في وزارة الاشغال، يلفت فرنجية الى ضرورة عدم المقارنة بين الحقيبتين، اي الطاقة والاشغال، مبرّراً «أنّ وزارة النقل لم تُصرف لها الاموال في عهد يوسف فنيانوس كما صُرفت الاموال في عهد وزير النقل السابق غازي العريضي».

رفع الدعم وزيادة الأجور

ويعتبر فرنجية «انّ المطلوب بشدّة اليوم هو إصلاح مالية الدولة ومعالجة تدهور سعر الصرف» اللذين اعتبرهما «أهم اصلاحين مطلوبين من الخبراء الاقتصاديين»، مؤكّداً «أنّ الامرين اللذين يشكّلان اليوم العقبة الاساسية هما تحرير سعر الصرف ورفع الدعم». لافتاً الى «ضرورة وأهمية زيادة اجورالموظفين» ورافضاً نظرية الخوف من التضخم، ومؤكّداً انّ التضخم يتعوض اذا فُرضت الضريبة التصاعدية بنحو صحيح. وأعطى مثلاً بالقول انّه «من المعيب ان نمنح استاذ المدرسة الذي يبلغ معاشه 100 دولار وما دون، بطاقة تمويلية! فاللائق والأصح هو ان نزيد أجره». ودعا المعنيين الى «عدم التخوف من التضخم وإزالة عقدة تداعيات سلسلة الرتب والرواتب من العقول، اذ اصبحت «تابو» بالنسبة الى اللبنانيين والمسؤولين الذين يذكّرون بها للهلع والتحذير من التضخم، والتذرّع بهذين الامرين لعدم زيادة الاجور الامر، الذي يُعتبر جريمة». كاشفاً أنّ ميقاتي «لديه الرؤية الاقتصادية نفسها».

«ليس العدد ولا الحقائب»

عن موقف تيار «المردة» الرسمي من تمثيلهم في الحكومة، يؤكّد فرنجية، أنّ مشاركتهم مرتبطة باضطلاعهم على التشكيلة بكل أسمائها مسبقاً ليبنوا على الشيء مقتضاه، ومشدّداً «أنّهم يدركون دقة الظرف وحاجة لبنان الملحّة الى حكومة، لذلك لن نقف حجر عثرة في طريقها مهما كثرت الشائعات. فإذا كانت حكومة العرقلة والسيطرة وحكومة الثلث الضامن فسيكون لنا موقفنا. أما إذا كنا راضين عن نوعية الوزراء الذين سيسمّونهم الأفرقاء وكانوا يليقون بالمرحلة الحالية فسنوافق على المشاركة في الحكومة».

وفيما كشف فرنجية «انّ لدى تيار «المردة» اسماء جديدة تليق بحكومة المرحلة الحالية، سيطرحها لاحقاً». كاشفاً «انّ البعض تداول في حقيبة الاتصالات، إلّا أنّ الامر برمته منوط ايضاً بشكل الحكومة»، مكرّراً «أنّ موقف «المردة» ينتظر تبلور شكل الحكومة الكامل وما سيُعرض عليه، وإن شارك فلن يشارك للكباش، فمشكلة «المردة» ليس العدد ولا الحقائب».

ضحك على الجميع!

الّا انّ اللافت في حديث فرنجية تقييمه لأداء رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وشخصه بالقول: «انّ هذه الشخصية جاءت بمهمّة محدّدة وهي لتنفيذ خيارات اتخذها دياب مسبقاً، وهو» انهيار البلد»، واستطاع دياب الضحك على جميع من عمل معه».

خارج «ملعب المجلس»

إلّا أنّ عدم مشاركة فرنجية امس في مناقشة رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب، حول موضوع رفع الدعم عن المحروقات، «دلت الى عدم رضى تيار المردة عن نتائج المفاوضات الحكومية الاخيرة للحكومة، وهو في المقابل اختار اللعب امس من خارج مجلس النواب، ورمى كرته في الملعب الحكومي، مفضلاً اللعب في «الوقت المستقطع» المتبقي لتشكيل الحكومة، غير آبه لمناقشة «رسائل» يعلم نتائجها مسبقاً، اذ يهمّه في الوقت المستقطع ووفق تعبيره «البحث عن الحلول وليس تحليل الرسائل».