IMLebanon

المعركة واحدة من بغداد الى بيروت! (بقلم رولا حداد)

جذبت قمة بغداد أنظار العالم، وخصوصاً أنها جسّدت برمزيتها مواجهة دبلوماسية في الشكل، إنما معركة قاسية في المضمون بين محورين: المحور العربي الذي يعمل بشكل لصيق مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من اجل استعادة العراق إلى الحضن العربي، العراق الذي عانى الأمرّين جراء الاحتلال الإيراني وتدخلات طهران في كل الشؤون العراقية ونهب خيرات بلاد ما بين النهرين، منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين.

المشهد في بغداد يمكن أن يشكل بداية جيدة لكنه غير كافٍ ليرسم معالم المواجهة المتكاملة. أمام عيون القادة العرب أصر ممثل إيران في المؤتمر أن يخرق البروتوكول والأصول بكل وقاحة ويتقدّم إلى الصف الأمامي، في خطوة تعكس العنجهية الإيرانية وإصرار طهران على إظهار موقعها المتقدم في العراق ورفضها البقاء خلف القادة العرب.

ورغم أهمية قمة بغداد إلا أن الصورة كما المضمون بقيا ناقصين، لأن معركة استعادة الكرامة العربية ومواجهة تدخلات نظام الملالي في الدول العربية كما جاء في مضمون البيان الختامي للقمة  الذي تحدث عن “ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، لا يمكن أن تنجح على الإطلاق إذا بقي لبنان تحت الاحتلال الإيراني.

في هذا الإطار يمكن فهم استبعاد لبنان انطلاقاً من أنه محتل من طهران، وأن رئيسه يدور في المحور الإيراني، ولكن لا يجوز على الإطلاق خوض أي معركة ما لم تكن شاملة وتبدأ بالضرورة من لبنان إلى العراق مروراً بسوريا ووصولاً إلى اليمن. هذه المعركة واحدة، ويشكل فيها لبنان حجر الأساس، لأن العمود الفقري لمشروع تصدير التخريب الإيراني تحت شعار “تصدير الثورة” يبدأ في لبنان الذي يحتضن “درّة تاج الثورة الخمينية” أي “حزب الله” الذي يشكل الذراع الأساسية للحرس الثوري الإيراني ورأس الحربة في كل المعارك العسكرية لنظام الولي الفقيه في المنطقة العربية من بيروت إلى صنعاء مرورا بدمشق وبغداد!

لا يمكن للعرب أن يرتاحوا وأن تعرف دولهم الاستقرار قبل أن يقتلعوا جذور التخريب من قلب دولهم. ولا يمكن لأي دولة عربية أن ترتاح فيما لو بقيت إيران تعبث بأي دولة عربية أخرى. إنها معركة مصير عربي واحد في مواجهة عمليات التخريب والغزو والاحتلال الإيراني عبر استيلاد ميليشيات تابعة لطهران في عدد كبير من الدول العربية، كما في مشاريع شراء الأراضي والتشيّع التي يتم العمل عليها في أكثر من دولة عربية.

نتطلع كلبنانيين إلى قمة بغداد بعين الارتياح ونتأمل أن يستعيد العراق عافيته لأن في ذلك قوة للبنان ولكل الدول العربية. ولكننا من بيروت نوجّه النداء إلى كل الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية وأيضا مصر والإمارات العربية المتحدة وكل الدول الصديقة والفاعلة ألا تنسوا لبنان، وألا تقبلوا بتسليمه لإيران بأي شكل من الأشكال. لا بل إن معركتكم الأساسية يجب أن تنطلق من لبنان الذي زرعت فيه إيران أولى وأهم “بذورها” في الدول العربية منذ العام 1982 مع تأسيس “حزب الله”. وبالتالي فإن أي معركة عربية إن لم تشمل تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني ستبقى معركة ناقصة وتؤسس لخسارات لاحقة.

مؤتمر بغداد الذي كان مُعدّا في الأساس ليكون في بيروت، لا يمكن إلا أن يتم استكماله في قلب بيروت بعد خوض معركة إسقاط المنظومة الممانعة الحاكمة وكسر الاحتلال الإيراني لوطن الأرز والعضو المؤسس في جامعة الدول العربية، لاستعادة لبنان مجددا ليكون “فتى العروبة الأغرّ” كما كان مع الرئيس الملك كميل شمعون!