IMLebanon

هل من السيّئ عدم تناول السمك إطلاقًا؟

كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:

أجمَعت كافة الأبحاث العلمية على الفوائد الصحّية للأوميغا 3، والمعروفة بالدهون المتعددة غير المشبعة المفيدة جداً للقلب، والموجودة خصوصاً في السمك. لكن ماذا يحدث في حال الامتناع كلّياً عن تَناول ثمار البحر؟

يُعتبر السمك الدهني، مثل السلمون والماكريل والسردين، من أفضل مصادر الأوميغا 3 التي تتوافَر بنوعين في السمك هما “EPA” و”DHA”. وتشتهر الأوميغا 3 بخصائصها المضادة للالتهاب، وبالتالي يُحتمل أنها فعّالة في محاربة مشكلات صحّية عديدة سَببها الالتهاب في الجسم كالألزهايمر وأمراض القلب والسكّري. في الواقع، إنّ تناول 3 أونصات من السمك مرّتين أسبوعياً يخفّض خطر أمراض القلب، وفق “Mayo Clinic”.

فضلاً عن أنّ الأوميغا 3 مفيدة لصحّة الدماغ، والعيون، والجهاز العصبي. وقد رُبطت الجرعة الجيّدة منها بانخفاض خطر مُعاناة الكآبة، والقلق، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، والخرف.

واستناداً إلى اختصاصية التغذية آنا براون، من بروكلين في مدينة نيويورك، هناك مجموعة مُغذيات رئيسة مُخبّأة في السمك، أهمّها:

– الأوميغا 3

إنّ الـ”EPA” والـ”DHA” أساسيّان لأنّ الجسم لا يستطيع إنتاج كميات كافية منهما بمفرده. لذلك، من الضروري استمداد هذه الأنواع من الدهون عن طريق المأكولات كالسمك. هناك أوميغا 3 نباتي كالـ”ALA” متوافِر في بعض المكسّرات والبذور، ولحسن الحظ إنّ الجسم يستطيع تحويل “ALA” إلى “EPA” و”DHA”. غير أنّ هذه العملية لا تتمّ بفاعلية قُصوى، بحيث أنه يجب تَناول الكثير من “ALA” لإنتاج ما يكفي من “EPA” و”DHA”. لذلك، يُنصح باستهلاك مأكولات تزوّد الجسم بهذين النوعين من الأوميغا 3 مباشرةً، بالإضافة إلى أطعمة تحتوي على “ALA”.

– الفيتامين D

وفق “National Institutes of Health” يعتمد كل من الأداء المناعي السليم، وصحّة العظام، وتنظيم معدل السكّر في الدم على الفيتامين D. غير أنّ مصادره الطبيعية معدودة، ولعلّ أبرزها زيت كبد سمك القد والسلمون.

– البروتينات

على غِرار الأطعمة الحيوانية، يُعتبر السمك مصدراً ممتازاً للبروتينات التي تحافظ على الكتلة العضلية، وتدعم صحّة البشرة، وتُسرّع التئام الجروح، وتعزّز الوظيفة المناعية. واستناداً إلى وزارة الزراعة الأميركية فإنّ شريحة 3 أونصات من السلمون، أي أقلّ من حجم راحة اليد، تزوّد الجسم بنحو 21 غ من البروتينات.

– الكالسيوم

إنّ أنواع كثيرة من السمك المعلّب هي مصدر جيّد للكالسيوم بما أنها تُعلّب مع عظامها. ومن المعلوم أنّ هذا المعدن مهمّ لصحّة العظام، والأسنان، والأعصاب، والعضلات. وبالتالي، عند نقص مستواه في الجسم يرتفع احتمال التعرّض لهشاشة العظام وتشنّجات العضل. إنّ استهلاك 3 أونصات فقط من السردين يمنح الجسم 25 في المئة من القيمة اليومية للكالسيوم.

– ماذا يحدث عند نقص هذه المغذيات؟

شَرحت براون أنه “بشكلٍ عام لن يكون هناك نقص في البروتينات في حال عدم تناول السمك إطلاقاً، في ظلّ توافرها في مصادر كثيرة أخرى. غير أنّ إهمال الفيتامين D والأوميغا 3 قد يسبّب مشكلات جدّية. مع الوقت، تبيّن أنّ قلّة الفيتامين D تخفض امتصاص الكالسيوم وقد تؤدي إلى هشاشة العظام وجَعلها أكثر عرضة للكسور.

كذلك رُبط نقص الفيتامين D بارتفاع خطر التهابات الجهاز التنفسي الحادة. وبما أنّ السمك هو أحد المصادر الرئيسة لـ”EPA” و”DHA”، فإنّ قلّة استهلاكه قد تؤدي إلى نسبة أعلى من الأوميغا 6 إلى الأوميغا 3، ما يرتبط أحياناً بالالتهاب الجهازي، وكذلك بالأمراض المُزمنة المُصاحبة له مثل السكّري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وأمراض المناعة الذاتية”.

– هل يمكن استمدادها من مصادر أخرى؟

وفق اختصاصية التغذية، فإنه “يمكن الحصول على البروتينات من مأكولات أخرى في حال الامتناع عن السمك، مثل صدر الدجاج، والحبش، ولحم البقر، والتوفو، والعدس، واللبن، والبيض… أمّا بالنسبة إلى أحماض “EPA” و”DHA” الدهنية فهي موجودة فقط في السمك. وفي ما يتعلّق بالنباتيين أو الذين لا يأكلون ثمار البحر لأسباب أخرى، فالأفضل أن يستعينوا بمكمّلات الأوميغا 3 الخالية من السمك والمصنوعة من الطحالب البحرية، أو التأكد من تناول بذور الشيا والكتان والجوز بانتظام”.

وتابعت: “أمّا الفيتامين D، فيمكن إدخال صفار البيض إلى الغذاء والتعرّض لأشعة الشمس بانتظام لاستمداد جرعات صحّية منه بطريقة طبيعية، علماً أنّ هناك مأكولات ومشروبات مُدعّمة به مثل الحليب، ورقائق الفطور، وحتى بعض أنواع عصائر الليمون. كذلك من السهل استمداد الكالسيوم حتى عند غياب السمك، بحيث يمكن التركيز على منتجات حليب البقر، واللبن، والخضار الورقية الخضراء، واللوز…”.

وخَلُصت براون إلى أنّ “عدم تناول السمك ليس بهذا الأمر السيّئ جداً، ففي حين أنّ “Dietary Guidelines for Americans” توصي باستهلاك السمك مرّتين أسبوعياً، إلّا أنّ عدم الحصول عليه لا يعني أنّ الصحّة في خطر. لا شكّ في أنّ استمداد المغذيات الضرورية للجسم من الغذاء هو أفضل طريقة، وبالتالي من المهمّ إيجاد البدائل المناسبة للأوميغا 3 والكالسيوم والفيتامين D في حال الامتناع عن السمك. ولكن إذا كان ذلك مستحيل، يمكن التحدث إلى الطبيب لوَصف مكمّل زيت السمك المناسب”.