IMLebanon

هل أصبح لبنان الكبير ذكرى؟

في احتفال إعلان دولة لبنان الكبير في قصر الصنوبر عام 1920 كتب  الجنرال غورو وصية جاء فيها: “إن لبنان الكبير تألف لفائدة الجميع ولم يؤلف ليكون ضد أحد”. وتوجه إلى اللبنانيين قائلا:”الاتحاد مصدر قوتكم. فحذار من الخصومات العرقية والمذهبية”. وصية غورو بقيت حبراً على ورق وكل ما كتب ويُكتب اليوم في ذكرى مئوية لبنان الكبير يندرج تحت جملة عناوين وأسئلة مصيرية: أي دولة بنينا وأي مجتمع ربّينا؟ ماذا فعلنا بلبنان الكبير وماذا بقي منه بعدما انتقل الحكم من أيدي رجال دولة إلى دولة لبعض الرجال، وهل أصبح لبنان الكبير ذكرى وتاريخاً أم أنه واقع وتحدٍ ومسؤولية لا بدّ من الحفاظ عليها وتسليمها إلى الأجيال المقبلة؟.

مصادر ديبلوماسية تتحدث بغصة وحزن عن هذا “اللبنان الكبير” الذي تحول من ساحة حوار وتلاق إلى دولة فقيرة معزولة مارقة، وبات أقرب إلى دولة متسولة على رصيف المجتمع الدولي ينتظر دوره للحصول على مساعدات تنقذ ما تبقى من مقومات لبنان الكبير. فهل ثمة من يقف ويضرب بعصاه لاستعادة كيان لبنان الأكبر؟

منسق التجمع من أجل السيادة نوفل ضو لا ينفي “حجم المخاطر الوجودية التي يتعرض لها لبنان وهو معرض للمزيد في ظل الضغوطات المفروضة عليه. لكنها لا تشكّل سابقة في تاريخه منذ قيام لبنان الكبير. ففي العام 1975 كان مطروحا تحويل لبنان إلى دولة بديلة للفلسطينيين، وقد تجاوزناها بفعل مقاومة أبنائه. ولاحقا كانت هناك محاولات لأن يكون “محافظة سورية” ..أيضا تجاوزناها. اليوم هناك الإحتلال الإيراني الذي يعرّض كيان لبنان لمخاطر وجودية وسيواجه بمقاومة وجودية لتجاوزه”.

باعتراف القاصي والداني، الحلفاء والممانعون “لبنان ليس بألف خير”. ويشير ضو عبر المركزية: ” صحيح أن لبنان ليس بألف خير لكن ليس ميؤوسا منه. قد تكون هذه المرحلة أخطر مما سبقها من إحتلالات، إلا أن الأمور مرتبطة بالظروف الإقليمية والدولية إضافة إلى اعتبارات داخلية. وكما استرد اللبنانيون قرارهم من السوري والفلسطيني وقاوموا الإحتلال بكل الطرق والوسائل، سيتمكنون اليوم من  استرداد قرارهم من المحتل الإيراني لكن المسار طويل”.

يعوّل ضو كما القوى السياسية الوازنة والشعب المثقل بهموم الأزمات على دور بكركي في استعادة الكيان اللبناني ويقول ”  ثمة محطات عديدة في التاريخ برز فيها دور بكركي .في العام 1920 و1943 والمرحلة الممتدة بين نداء أيلول 2000 وخروج السوريين من لبنان في نيسان 2005. اليوم تعود بكركي لتلعب دور الحامي والمدافع عن الكيان اللبناني بعدما لمست تقاعس السياسيين ووصول البعض منهم  إلى مرحلة التواطؤ والإرتهان. إنطلاقا من ذلك أخذت بكركي زمام المبادرة  وبيان المطارنة الموارنة في الأول من أيلول يؤشر إلى توجهات ستعتمدها في المستقبل القريب”.

من جهة ثانية، أشار إلى أن الوسائل التي ستعتمدها بكركي تقف عند حدود حجم المخاطر التي تهدد الكيان وقال ” حتى اللحظة لا تزال بكركي صوت الضمير وهي تعتمد أسلوب التحذير ولفت الإنتباه. لكن لا يراهنن أحد أنها سوف تستمرفي ذلك، ويمكن في أية لحظة أن تلعب دورا مباشرا على قاعدة “الكيانية” وليس المحاصصة على أن هذا الدور الذي ستؤديه يكون بإسم كل اللبنانيين شاء من شاء وأبى من أبى. فعندما يتهدد هذا الكيان لن تقف الكنيسة المارونية مكتوفة الأيدي وتتفرج على إرث يضيع منها ويتفتت في مئوية لبنان الأولى”.

شعبيا اعتبر ضو أن ليس بالضرورة أن تكون مقاومة الإحتلال الإيراني عسكرية أو عنفية إنما عن طريق الرفض والتعبيرعنه بشتى الوسائل وقد يراوح بين المواجهة السياسية أو الفكرية أو الإقتصادية أو الثقافية أو الإجتماعية ” لكن في النهاية الكيان اللبناني خط أحمر وأنا على ثقة بأن الأكثرية الساحقة مع الكيان والأسس التي قام عليها وأتمنى ألا نصل إلى مرحلة المقاومة العنفية. صحيح أن الشعب يرزح تحت أزمة الفقر والجوع  وهي سابقة في تاريخه”

ويختم ضو: “ما يقوم به حزب الله في سوريا واليمن والعراق يضع لبنان تحت صفة دولة مارقة ومتسوّلة على رصيف المجتمع الدولي، وهنا قد تكون المقاومة أصعب لكنه يعطي رد فعل عكسيا. وليعلم الجميع أن تجويع اللبناني سيؤدي إلى انفجار مقاومة لم يسبق لها مثيل لأن اللبناني لم ولن يرضى بحياة الذل. حتى عامل الهجرة سيرتد إيجابا على الداخل لأنه سيساهم في تدعيم مقومات الصمود الإقتصادي اللبناني والتأثيرعلى القرار الإقليمي والدولي لنزع وطأة الإحتلال الإيراني”.